أطفال لبنانيون وسوريون..سبقوا ريان المغربي
على مدى أيام، وحتى هذه اللحظة، يحتل اسم الطفل المغربي ريان موقع الصدارة في مواقع التواصل في جميع الدول العربية تقريباً. تعاطف جارف دفع وسائل إعلام عربية وعالمية للاهتمام بتفاصيل عملية الانقاذ التي استمرت خمسة أيام قبل أن يتوفى ريان، بعد انقاذه متأثراً بجروحه.
اهتمام وسائل الاعلام لم يكن قصة مجردة عن سياقات أحداث مشابهة، غالباً ما تشهد الدول العربية العديد منها أو حوادث مشابهة لها تؤدي إلى وفاة أطفال في ظروف مأساوية.
فبحسب اليونسيف، هناك أكثر من 10 مليون طفل مهددون بالمجاعة في العديد من البلدان، منها اليمن ولبنان، ويموت على الأقل، ولد واحد يبلغ من العمر أقل من 15سنة كل ثانية في جميع أنحاء العالم.
وعليه، جاء اهتمام وسائل الإعلام تماشياً مع تعاطف الرأي العام في وسائل التواصل مما أجبر بدوره الحكومة المغربية على بذل قصارى جهدها لإنقاذ الطفل ريان، حفاظاً على ماء الوجه.
الجمهور بدوره لا يتعاطف مع الحادثة المجردة، أي سقوط طفل في البئر. الجمهور يبحث عن الدراما، عن الإثارة، عن قصة يعايشها ويتخيل أحداثها، ويستطيع بالتالي تقمّص شخصياتها.
في لبنان مؤخراً، وبسبب الأزمة الاقتصادية وأزمات أخرى مترافقة، قضى العديد من الأطفال نحبهم في ظروف مأساوية. فمنذ أيام، توفيت الطفلة سهام شاهين بعد تعرضها لحادث صحي استدعى نقلها إلى المستشفى، إلا أن تأخر مبلغ التأمين أدى لحرمانها من العلاجات المناسبة في الوقت المناسب. وفي شهر يوليو/تموز من العام الفائت، توفيت الطفلة جوري السيد لأسباب مشابهة حيث عجز والدها عن تأمين الدواء لها.
مستشفى غسان حمود رفضت ادخال الطفلة سهام مروان شاهين لحين تأمبن مبلغ 10 مليون و البنت كانت رايحة بالاسعاف طوارى لان ما عم تتنفس ما قبلو يعملو شي قبل ما يقبضو ونحن لوقت ما ارجعنا ع صور لنجيب المصاري كانت البنت راحت pic.twitter.com/JdmO2l5Wg1
— جمعية المودعين اللبنانيين (@Lebdepositors) January 28, 2022
#Lebanon : New anger & protests over death of a baby girl Joury al-Sayyid blamed on unavailability of vital medicines due to economic collapse #جوري_السيد pic.twitter.com/T1ljHZNhv8
— sebastian usher (@sebusher) July 12, 2021
تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الاخبارية، كذلك نشرات الاخبار، بنداءات الاستغاثة مناشدة فاعلي الخير إنقاذ أطفال يعانون من أمراض ويحتاجون لتأمين أدوية عاجلة، أو يحتاجون لإجراء عمليات جراحية باهضة التكلفة ولا يستطيع الأهل تحمل أعبائها. نداءات استغاثة مرفقة بصور وفيديوهات تدمى لها القلوب وتعكس الألم والمعاناة التي يعيشها أصحابها. لا يحظى هؤلاء بالتعاطف نفسه الذي حظي به الطفل ريان.
يبحث الرأي العام عن قصة، كقصة عمران، الطفل السوري الذي تروي صورته جالساً في سيارة الاسعاف مدمّى، قصة القصف العشوائي ومعاناة المدنيين في الحرب السورية. تختصر أيضاً قصة الطفل آلان، الذي وجدت جثته على شاطئ تركي، رحلة المهاجرين من سوريا إلى أوروبا. عدا عن كل الأطفال الذين ماتوا غرقاً خلال محاولات عبورهم للمتوسط وأولئك الذين ماتوا تحت القصف البراميلي للنظام السوري. تعاطف الرأي العام العربي والعالمي مع عمران وآلان، لأن وسائل الإعلام أجادت استغلال صورتهما المؤثرة وتحريك الرأي العام تضامناً مع اللاجئين والمدنيين.
على العكس من عمران وآلان، الرأي العام هو من حرّك وسائل الإعلام في قضية الطفل ريان، ليظهر هشاشة الحماية الاجتماعية في الدول العربية ولتكون قضيته منطلقاً، كما عبر العديد من الناشطين، نحو قضايا أخرى متعلقة بحماية الأطفال.
ولا شك أن هناك إجراءات ستُتخذ، أقله في المملكة المغربية، لتجنب أحداث مشابهة، لكن العبرة في زمن السوشال ميديا تبقى في أن للرأي العام قدرته وتأثيره على مجريات سياسات الدول.