المطران عوده للحكّام: احذروا ثورة الجياع
سأل متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، في عظة الأحد: “هـــل يُـــدركُ الــمــســؤولـــون عـــن هـــذا الــبــلــد أنــهــم إن أســاؤا إلـــى شــعــبِــهــم إنــمــا هـــم يــســيــئــون إلـــى الـــخـــالــقِ الـــذي ســيُــحــاســبُــهــم يـــومَ الــديــنــونــةِ عــلــى كـــلِّ عــمــلٍ قـــامــــوا بـــه. هـــل يــدركـــون أنــهـــم إن سَــلِــمـــوا مـــن عـــدالـــةِ الأرضِ بـــألاعــيــبــهـــم لـــن يــســلَــمــوا مـــن عــدالــةِ الــسمــاء؟”.
زأضاف، “لــيــت الــمــســؤولــيــن، كــلَّ الــمــســؤولــيــن، يُــصــغــون إلـــى صـــوتِ الــنــاس عـــوض الإصــغــاءِ إلـــى مــســتــشــاريــهــم والــمــحــيــطــيــن بــهــم والــمــطــبّــلــيــن لــهــم. لــيــت المسـؤولـيـن يــنــزلــون مــن أبــراجــهــم، ويــخــالـطــون الــشــعــبَ ويــســمــعــون أنــيــنَــه. لــيــت الــمــســؤولــيــن يــســتــفــيــقــون مـــن سـَـبــاتِــهــم وإنــكــارِهـــم لــلـــواقـــع أو تــعـــامــيــهـــم عــنــه، ويــتــنــازلـــون كـــلٌّ مـــن جــهــتِـــه عـــن تــعــنّــتِــه وشـــروطِـــه، وعـــوض أن يــنــفُـــضَ كـــلُّ واحـــدٍ مــنــهــم يـــدَه مــمـــا يــحـــدث، لــيــتــهــم يــتــنـــادون ويــتـــلاقـــون ولا يــتــفـــارقـــون قــبــلَ الــتـــوصّـــلِ إلـــى حـــلٍّ يـــرضـــي ضــمــائـــرَهـــم أولاً وشــعــبَــهـــم ثـــانــيًـــا”.
وتابع: “في 17 تــشــريـــن انــفــجــر الــغــضــبُ الـــشــعــبـــي بــســبـــبِ ضــيـــقِ الأفـــق واســـودادِ الـــرؤيـــة. الـــيـــومَ، بــعـــد ســنـــةٍ ونـــصــفِ الـــســـنـــة، يــتــمــنــى الـــشـــعـــبُ لـــو أنَّ الأوضـــاعَ الــســيــاســيـــةَ والــمــعــيــشــيـــةَ مـــا زالـــت كــمــا كــانـــت يــومَــهــا، لأنَّ الـــوضـــعَ تــفــاقــم، والــلــيــرةَ فــقــدتْ قــيــمــتَــهــا، والــســيــاســيــيـــن كــفّـــروا الــنــاسَ بـــالــســيـــاســـة، وانــفــجـــارَ بـــيـــروت أفـــقـــدَ الـــشـــعـــبَ مـــا تــبــقـــى مـــن أمـــل، واكــتــمــلـــتْ الــمــصــائبُ بــالــعــتــمــةِ الــتـــي تـــزيـــدُ الـــظـــلامَ ظـــلامًـــا، والــغــلاءِ الـــذي يــلــتــهــمُ مـــا تــبــقّــى مـــن أمـــوال، والــتــلاعــبِ بــســعــرِ الــدولار الـــذي لـــم يُــبــقِ لــلــعــمــلــةِ الــوطــنــيــة قــيــمــة، والاسـتــهــتــارِ الــعــام عــنــد الــجــمــيــع، والـــركـــودِ والــبــطــالــةِ والـــعـــزلـــةِ الــتـــي نـــعـــيـــش فــيــهــا… حــتــى أصــبــحــتْ الــحــيــاةُ فــي هــذا الــبــلــد كــمــن يــكــتــوي بــنــارِ جــهــنّــم”.
وتوجّه إلى الحكام بالقول: “احــذروا ثــورةَ الــجــيــاع الــتــي بــدأتْ بــوادرُهــا تــلــوح. احــذروا ثـورةَ شــعــبٍ لــم يــبــقَ لــه مــا يَــخــسَــرُه، بــعــدَ أن سَــلَــبــتُــمــوه حــتــى كــرامــةَ الــعــيــش. هــؤلاء هــم الــذيــن ســمّــاهُــم الـــربُّ إخــوتــي. إنّــهــم الــشــعــبُ الــمــقــهــورُ والــمــحــرومُ الــذي أصــبــحَ بــفــضــلِــكــم يــشــتــهــي قــطــرةَ مــاءٍ تــبــلُّ رمَــقَــه”.
وتابع: “يـــا حُـــكَّـــامَ بِـــلادي، الـــمَـــحَـــبَّـــةُ لَـــيـــسَـــتْ نَـــظَـــرِيَّـــاتٍ وخِـــطـــابـــات. الـــدِّفـــاعُ عَـــنِ الإِنـــســـانِ وحُـــقـــوقِـــهِ يَـــبـــدَأُ بـــاحـــتـــرامِــه ومــحــبــتــِــه وتَـــأمــيـــنِ عَـــيــشٍ كَــريـــمٍ لَـــهُ. وَيـــلٌ لَـــكُـــم مِـــنْ دَيـــنـــونَـــةِ الـــرَّبِّ الـــعـــادِلِ الَّـــذي سَــيَــقـــولُ لَـــكُـــم: «إِذهَـــبـــوا عَـــنِّـــي يـــا مَـــلاعـــيـــنُ إلـــى الـــنَّـــارِ الأَبَـــدِيَّـــةِ الـــمُـــعَـــدَّةِ لإِبـــلــيــسَ ومَـــلائِـــكَــتِـــهِ» لأَنِّـــي سَــلَّــمــتُــكُــم مَــســؤولِــيَّــةَ شَــعـــبٍ فَــجَـــعَـــلــتُــمــوهُ جــائِــعًــا، عَــطــشــانًــا، فَــقــيــرًا، مَــريــضًــا، عــائِــشًــا فــي الــظُّــلــمَــةِ، مُــشَــرَّدًا، مُــفَــجَّـــرًا، عُــريــانًــا… الــوَيــلُ لَــكُــم لأَنَّــكُــم اســتَــعْــبَــدتُـــم شَــعــبًـــا خَــلَــقـــتُـــهُ حُـــرًّا، مُـــكَـــرَّمًـــا، فَـــنَـــزَعــتُـــم عَــنـــهُ كَـــرامَــتَـــهُ، وأَعــمَـــلــتُـــم بِـــهِ تَـــنــكــيـــلًا. كَـــفـــاكُـــم شـــعـــاراتٍ ومــهـــاتـــراتٍ عَــبــثــيــةٍ والــشــعــبُ يُــذَلُّ يــومــيًــا”.
وقال، “أَنــتُـــم قَــسَّــمْــتُــم الـــشّـــَعـــبَ إلـــى فِـــئـــاتٍ طـــائِـــفِـــيَّـــةٍ كَـــي تُـــبـــقـــوا عـــلـــى اســـتِـــعـــبـــادِكُـــم لـــهُ. إِنْ كُـــنـــتُـــم تَـــعـــمَـــلـــونَ مِـــن أَجـــلِ حُـــقـــوقِ الـــمُـــواطِـــنـــيـــن”، متسائلاً: “فَـــلِـــمـــاذا أَهـــلَـــكـــتُـــم الـــمُـــواطِـــنَ وثَـــقَّـــلـــتُـــمْ كـــاهِـــلَـــهُ بِـــأَلاعـــيـــبِــكُـــمُ الــســيــاســيــةِ والإِقـــتِـــصــادِيَّـــةِ والــمــالِـــيَّـــة حَـــتَّـــى خَــسَّـــرتُــمـــوهُ أَمــوالَـــهُ ومُــمــتَــلَــكــاتِــه والأمـــلَ بــغــدٍ أفــضــل؟ عَـــنْ أَيِّ حُـــقـــوقٍ تَـــتَـــحَــدَّثـــونَ فـــي بَـــلَـــدٍ لا يَــســتَــطــيـــعُ الــمُــواطِـــنُ فـــيـــهِ، الــمَــســيــحِـــيُّ كــمــا الــمُــســلِــــمُ، أَنْ يَــشــتَـــرِي رَبــطَـــةَ خُـــبـــزٍ يَــسُـــدُّ بِـــهـــا جـــوعَ أطــفــالــه! أَســـأَلُـــكُـــم بِـــاســـمِ الــشَّـــعـــبِ الــمُــتَــأَلِّـــم: كَــيــفَ تَــنــامــونَ والــمــواطــنـــون يُــمــاتــــون كـــلَّ يـــوم؟ رُبَّـــمـــا تَــســتَــطــيــعـــونَ أَنْ تَـــهـــرُبـــوا مِـــن دَيــنـــونَـــةِ الــشَّــعـــبِ لَــكُـــم، لَــكِـــنَّ الـــرَّبَّ لا يَــنــعَـــسُ ولا يَـــنـــامُ عــلـــى حَــسَــبِ قَـــولِ كــاتِــبِ الــمَــزامــيــر: «أَرفَـــعُ عَــيــنَـــيَّ إلـــى الــجِــبـــالِ مِـــنْ حَــيـــثُ يَــأتـــي عَــونـــي. مَــعــونَــتــي مِـــن عِــنــدِ الـــرَّبّ، صـــانِـــعِ الــسَّــمــاءِ والأَرض. لا يَـــدَعُ رِجْــلَــكَ تَـــزِلُّ، لا يَــنــعَـــسُ حـــافِــظُـــكَ، إِنَّـــهُ لا يَــنــعَــسُ ولا يَــنــامُ… الـــرَّبُّ حـــافِــظُـــكَ… الـــرَّبُّ يَــحــفَــظُـــكَ مِـــنْ كُـــلِّ شَـــرٍّ، يَــحــفَـــظُ نَــفــسَــكَ. الـــرَّبُّ يَــحـــفَـــظُ دُخـــولَـــكَ وخُـــروجَـــكَ مِـــنَ الآنَ وإِلـــى الـــدَّهـــر» (مـــز 121)”.
وناشد، “يـــا مَـــســـؤولـــي بِـــلادي، إِنَّ عَـــونَـــنـــا الـــحَـــقـــيـــقِـــيَّ هُـــوَ مِـــنَ الـــرَّبّ، لِـــهَـــذا لا نَـــخـــشـــى شَـــرًّا تَـــتَــسَــبَّـــبـــونَ بِـــهِ، لأَنَّ حـــافِـــظَ حُــقـــوقِـــنـــا الـــحَـــقــيــقـــيَّ، الـــرَّبَّ، لَـــنْ يَـــرضى بِـــأنْ يَـــغـــلِـــبَ الـــشَّـــرُّ شَــعــبًـــا آمَـــنَ بِـــهِ وتَـــوَكَّـــلَ عَــلَـــيـــهِ وسَـــلَّـــمَـــهُ أَمـــرَهُ”.