استقلال بلا إحتفال …ودولة بلا رئيس!
بقلم رئيسة التحرير : الاعلامية ساره منصور
ليست احتفالات الذكرى ال 80 للاستقلال اللبناني في ظل الشغور الرئاسي حالةً فريدةً في تاريخ هذا البلد الصغير، بل نموذج صارخ لصراعات الداخل، التي تحوّل لبنان ومؤسساته وشعبه رهينة خيارات مفروضة عليهم،حيث مرت هذه المناسبة من دون أي احتفالات رسمية أو عروض عسكرية
يحتفل اللبنانيون بعيد الاستقلال هذا العام كسابقاته من السنوات الماضية حيث تعصف ببلدهم أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ترافقها أزمات سياسية واضطرابات متتالية، لطالما أذكتها الانقسامات الطائفية والمذهبية وسط حرب على الجبهة الجنوبية .
هذا الواقع دفع ببعض المسؤولين والخبراء مؤخرا إلى التحذير من أن البلد الذي نال استقلاله منذ 80 عاما، أصبح في خطر وجودي، وبات عرضة للتفتت نتيجة تراكم الأزمات.
وبكل وقاحة واسترخاء الطبقة الحاكمة مطمئنة حيث أنها لا تزال تحظى بولاء واسع على مدى المجتمع اللبناني . وبما أن المواطنين اللبنانيين مجمعين نظرياً بحكم الواقع الجلي، على أن النظام القائم منخور بالفساد حتى العظم، وأن الغالبية العظمى من السياسيين والمسؤولين فيه متورطين بنهب الدولة واستباحة مواردها.
أصبحت هذه الذكرى العظيمة مناسبة ثانوية فاقدة لأيّ معنى، وعارية من رمزيتها الوطنية في مغارة التناقضات. فلا رئيس للجمهورية، ولا إرادة داخلية في انتشاله .
امّا الدولة فعالقة في نفق مسدود تعاني الانشطار السياسي وتتنازعها الاهواء، ويعتريها كمّ هائل من مكامن الضعف في كل مفاصلها.
ومع اقتراب موعد انتهاء ولاية قائد الجيش جوزيف عون، ظهرت التجاذبات والخلافات الى العلن من أجل تعطيل التمديد في ضوء التذرع بأمور لا تمت الى الدستور بصلة، ومصدر كل هذه المضايقات والرفض واحد “التيار الوطني الحر” والمحاولة جارية في اقناع الحلفاء السابقين بالسير في تعيين قائد جديد.
ولأن الدولة اللبنانية تُدار بالوكالة مما يتسبب بتفكك المؤسسات، ومن شغور الى مأزق .
وقد أجرت “الدولية للمعلومات” دراسة نتج عنها : ان أكثر من 100 موقع قيادي هو حالياً شاغر من أصل 202، وحمل الشغور في سدة حاكمية مصرف لبنان الرقم 100، مشيرة إلى شغور 18 وظيفة قيادية خلال الأشهر المقبلة، حيث شغر، أخيراً، موقع قائد وحدة الدرك في قوى الأمن الداخلي العميد مروان سليلاتي الذي أحيل إلى التقاعد، بينما تنتهي ولاية كل من قائد الجيش العماد جوزيف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات في النصف الأول من عام 2024.
هذا ما فعلته السياسة بمؤسسات الدولة …ماذا عن الشعب الذي اعتاد على حكم الغريب، وأكبر دليل أننا ننتظر كلمة السر في كل أزمة من الدول الشقيقة والصديقة، وعليه لا يمكننا أن نلوم المستهزئين في هذه المناسبة، مع ما يتحملونه من مسؤولية،ومن غير الواضح ما إذا كانت الأدوات التي تمتلكها دول غربية كالولايات المتحدة وفرنسا قادرة بالفعل على فصل الحالة اللبنانية على الصراع الإقليمي.
إن الاستسلام للفراغ الرئاسي وللتدخلات السياسية كأمر واقع سيؤدي مع مرور الوقت إلى إثارة شكوك حول شرعية حكومة تصريف الأعمال في ممارسة صلاحياتها، وبالتالي تعميق الشلل السياسي والتفكك المؤسسي.
ولهذا أنقذوا مؤسسات الدولة من براثن السياسة قبل فوات الأوان ،فلا دولة بلا جيش ولا جيش بدون قائد
كل عام ولبنان مستقلّ بلا التيارات وبلا السياسيين وبلا الأحزاب وبلا الأقلام المأجورة وبدون دعوة من الخارج.