“الأزمة” فتـ. ـكت بالإنسانية في لبنان… والحيوانات الأليفة ضحـ. ـيتها
يعاني لبنان من أزمة حرجة ومتعددة الأوجه تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لعواقبها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وقد أضرت الطبقة الوسطى بشكل خاص، حيث يعاني العديد من المواطنين من عدم الاستقرار المالي ويكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وللأسف، أثرت هذه الأزمة أيضًا على الحيوانات الأليفة في لبنان، حيث يسعى أصحابها بشكل متزايد للحصول على المساعدة لإعالتها أو، في أسوأ الحالات، التخلي عنها للهجرة إلى بلدان أخرى.
في حديثٍ لـ”الديار”، أوضحت جمعية «Lebanese Adopt»، وهي جمعية غير ربحية تقدم خدمات التبني والسكن للحيوانات الأليفة المهملة والمهجورة، أن إساءة معاملة الحيوانات في لبنان “كانت دائمًا في تصاعد، ليس فقط بسبب الأزمة الاقتصادية” مضيفةً أن “هجر الحيوانات الأليفة مشكلة منتشرة في لبنان، خاصة في المناطق الريفية. الوضع هناك أسوأ مما هو عليه في المدن أو المناطق المكتظة بالسكان”.
وتابعت أن المشكلة لا تقتصر على الأسر التي تواجه صعوبات مالية ؛ إذ إن “الشباب غير المتزوجين يتخلون أيضًا عن حيواناتهم الأليفة عندما يتعين عليهم السفر لتأمين مستقبلهم”.
وبحسب إحصاءات قام بها نشطاء معنيين بحماية الحيوانات، هناك ما يصل إلى أكثر من 50000 كلب ضال في شوارع لبنان. معظمها لم يتم تطعيمها أو تحييدها، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة. نتيجة لذلك، أصبحت الحيوانات عدوانية بشكل متزايد، وأدت الأزمة الإقتصادية إلى زيادة المخاوف حول عدم إمكانية تأمين لقاحات مكافحة داء الكلب عند حصول أي حادثة.
وأشارت «Lebanese Adopt» أنه “لو كانت القضية تتعلق فقط بالشؤون المالية، لكان من الأسهل حلها”.
وفي آب 2017، وقع الرئيس السابق ميشال عون قوانين حماية ورعاية الحيوان، والتي تضمنت قواعد لكيفية معاملة البلديات للكلاب الضالة. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه القوانين بالكامل ولم يتم إحراز تقدم كبير في معالجة هذه القضية. فهذه الحيوانات الضالة ما زالت مهددة بالقتل وغالبًا ما تتعرّض لإطلاق النار عليها أو تسميمها، وهو ما يمثل مصدر قلق بالغ لمحبي الحيوانات والمدافعين عن حقوقها.
كما ذكرت «Lebanese Adopt»، أن “هناك زيادة مؤسفة في حالات إساءة معاملة الحيوانات المنزلية. وهذا يشمل القتال غير القانوني للكلاب وخاصةً في المناطق التابعة لأحد الأحزاب أو أحد السياسيين، وإهمال تعقيم القطط، وترك القطط لتدبر أمرها في الأماكن العامة مثل حاويات القمامة. علاوة على ذلك، هناك أيضًا قلق متزايد بشأن تربية الحيوانات الأليفة لغرض وحيد هو بيع ذريتها”.
وشددت أن “من بين جميع الأسباب الكامنة وراء هذه التعديات، فإن الأكثر شيوعًا هو الرغبة في زيادة الدخل. ومن المؤسف أن هذا المحفز يدفع الأفراد إلى اتخاذ قرارات قد لا تتماشى مع قيمهم”.
ويذكر أنه في آب 2018، فازت مجموعة المعاملة الأخلاقية للحيوانات (PETA) بحكم تاريخي في لبنان حيث أصدر حكم بحق رجل بالسجن لمدة 10 أيام ودفع غرامة قدرها 2650 دولارًا لإساءة معاملة الكلاب. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تجرم فيها محكمة لبنانية إيذاء الحيوانات وتشكل سابقة مهمة لحقوق الحيوان في البلاد.
وتعتبر الزيادة في عدد الحيوانات الضالة في لبنان هي نتيجة مباشرة لافتقار الجمهور إلى الوعي. وأشارت الجمعية أن “مشكلة التبني قائمة في البلاد لفترة طويلة بسبب عدم وجود أي قواعد لاتّباعها”. مشددة على أنه “ليس من الضروري وضع قوانين، ولكن من الضروري إنشاء عقد ملزم يؤخذ على محمل الجد، حتى يتمكن “المنقذون” من متابعة أحول هذه الحيوانات بعد عملية التبني “.
وبسبب الظروف الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار السلع، مثل أطعمة الحيوانات الأليفة والأدوية والإمدادات… تعتبر “Lebanese Adopt” أن “إنشاء مجتمع داعم للأسر بعد التبني يمكن أن يكون حلًا فعالًا”. مضيفةً أنه “من الضروري أن نفهم أن الحيوانات الأليفة ليست مجرد إضافات منزلية ولكنها أشبه “بالرضع”. إذ إنهم “عرضة للأمراض، ويمكن أن يكون لديهم سلوك غير منتظم، ويحتاجون إلى مساحتهم الشخصية ورعايتهم العاطفية، لذلك، من الضروري التعامل مع تبني الحيوانات الأليفة بثقة واستعداد لتحمل مسؤولياتها”.
وتابعت أن “اختيار تعقيم حيوانك الأليف أو تحييده يعدّ أحد أكثر القرارات المفيدة التي يمكنك اتخاذها. ونحن نؤمن إيمانًا راسخًا بهذا الأمر وندرجه دائمًا في شروط التبني، كما نقدم الدعم المالي له”.
وختمت أن “كان هناك مبادرة لإنشاء نظام تسجيل الحيوانات الأليفة عبر الإنترنت. وسيخزن هذا النظام جميع التفاصيل اللازمة حول الحيوانات الأليفة، مثل أسمائها وأعمارها وسلالاتها وسجلاتها الطبية. سيجعل هذا عملية تبني الحيوانات الأليفة أكثر رسمية وكفاءة، كما أنه سيبسط متطلبات سفر لها”.
الحيوانات الأليفة ليست أشياء مؤقتة، بل تتطلب التزامًا. من أجل الحد من اكتظاظ أعداد الحيوانات الضالة، يُنصح بالتبني، عند الرغبة في اقتنائها، وتعقيمها وتطعيمها، واللجوء إلى الجمعيات والمنظمات المختصة عند تعذر إمكانية الإهتمام بها