البطاقات الخليوية غير المستعملة ستتوقف كلّياً
الرسائل التي وصلت على الهواتف الخليوية أمس الأربعاء، والواردة من شركتي Alfa وTouch وتفيد بتحويل رصيد الخطوط الخليوية من الدولار إلى الليرة وفق سعر الصرف الرسمي، هي خطوة تبدو للوهلة الأولى طبيعية، باعتبار أن أصحاب الخطوط اشتروا بطاقات التشريج بالدولار وسددوا ثمنها بالليرة وفق 1500 ليرة للدولار، وبعد تحويل الأرصدة (ابتداء من منتصف ليل الخميس 3 آذار) من الدولار إلى الليرة سيبقى لأصحاب الخطوط الحق بالتصرف بليراتهم كما هو حاصل حالياً بالدولار. بمعنى أن القيمة الشرائية لمخزون الوحدات في الهواتف لن يتغيّر يوم غد، لكنه قطعاً سيتغيّر في الأيام المقبلة، بعد إقرار رفع سعر التعرفة الجديدة للاتصالات. فكيف سيتم احتساب مخزون الهواتف من الوحدات؟ وفق أي سعر صرف؟ وما مصير البطاقات الخليوية مسبقة الدفع غير المستعملة حتى اللحظة؟
من الدولار إلى الليرة
لا شك أنه مع ارتفاع سعر صرف الدولار وانهيار الليرة، فقدت شركات الخدمات ومنها شركتي الخليوي قدرتها على الاستمرار على ما هي عليه اليوم. تنفق بالدولار وتجبي بالليرة اللبنانية وفق السعر الرسمي، لكن أن تعمل وزارة الاتصالات على تمكين الشركتين وتجنيبهما تكبّد الخسائر من دون مراعاة الشريحة الأكبر من المشتركين، وهم ذوي القدرة المعيشية المحدود، فهو بالأمر غير المُنصف.
حين قررت وزارة الاتصالات تحويل أرصدة الهواتف من الدولار إلى الليرة وفق سعر الصرف 1500 ليرة للدولار، لم تقم بذلك من دون تصوّر لآلية تعويض الشركات الخليوية عما تتكبده اليوم، بل إنها -وفق ما هو واضح- اتخذت قرارها بتطبيق عدد من الإجراءات على الخطوط الخليوية قبل إقرار موازنة العام 2022، وليس لتعويض الشركتين وتجنيبهما مزيداً من الضغوط وربما الخسائر فحسب، بل أيضاً لوضع حد للتجار والمحتكرين، الذين ما إن بدأ الحديث عن تعديل ميزات بطاقات التشريج حتى بادروا إلى احتكار البطاقات ودولاراتها، حتى أن عدداً قليلاً جداً من التجار يملك في هواتفه مئات الآلاف من الدولارات. وهنا نعود إلى السؤال الأول: ماذا عن محدودي المداخيل وأصحاب الخطوط من غير المحتكرين والمتاجرين بالوحدات، من سيحميهم من الخسارة؟
اقتطاع الأرصدة
الإجراء الأول الذي تتجه وزارة الاتصالات إلى تطبيقه بعد تحويل الأرصدة في الخطوط الخليوية من الدولار إلى الليرة وفق السعر الرسمي للصرف، يرّجح أن يتمثل باحتساب الأرصدة بالليرة وفق سعر صرف منصة صيرفة، بعد إقرار التعرفة الجديدة للاتصالات والتي لم تُحدّد نهائياً بعد. على سبيل المثال، من يملك 30 دولاراً اليوم سيصبح رصيده يوم غد 45 ألف ليرة. ومن المتوقع أن يتم احتسابه لاحقاً وفق سعر منصة صيرفة أي نحو دولارين فقط. ومن المتوقع أن يتم اقتطاع نحو 80 في المئة من أرصدة الهواتف الخليوية.
وبهذا الإجراء تكون وزارة الاتصالات ومعها شركتي الخليوي قد استردا بعضاً مما خزنه التجار والمحتكرون، في مقابل تجريد مئات الآلاف من المواطنين من أرصدتهم التي قد يكونوا عاجزين عن تجديدها وفق الاسعار الجديدة.
إلغاء البطاقات غير المستخدمة
أما الإجراء الثاني، فيتمثل بما تتضمنه المادة 146 من موازنة العام 2022، فهي تعتبر بطاقات الهاتف الخلوي مسبقة الدفع المباعة من الشركتين المشغلتين لقطاع الخلوي غير المستعملة لغاية صدور هذا القانون منتهية الصلاحية، وغير صالحة للاستخدام، على أن يتم إعطاء الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين بحوزتهم بطاقات إمكانية استرجاع ثمنها خلال مهلة أقصاها شهراً واحداً من تاريخ صدور القانون. كما يمنع تحويل الدولارات العائدة للبطاقات المستعملة قبل تاريخ صدور هذا القانون من خط خلوي إلى آخر. بمعنى أنه بات بإمكان الشركتين الخلويتين تعليق مسألة تحويل الدولارات العائدة للبطاقات في أي وقت تختاره من دون إقرار الموازنة.
وفي الأسباب الموجبة لهذا البند من الموازنة أن بعض التجار والأفراد عمدوا في الآونة الأخيرة إلى شراء بطاقات الهاتف الخلوي مسبقة الدفع من الشركتين المشغتلتين بهدف تخزينها وبيعها فيما بعد بأسعار مرتفعة، وبما أن هذا الاجراء من شأنه أن يحقق أرباحاً مكتمة لهؤلاء الأفراد والتجار فسيخفف إيرادات الدولة في المرحلة المقبلة، ومنعاً من أن يقوموا باحتكار هذه البطاقات والإتاحة لهم باسترجاع الثمن المدفوع.
هذان الإجراءان قد يكونان منصفين بحق التجار والمحتكرين، لكن كيف يمكن للوزارة اتخاذ هكذا إجراءات من دون مراعاة المشتركين من أصحاب المداخيل المحدودة، وهم أصحاب البطاقات غير المخزنة والمحتكرة، وكيف يمكن معاملة كافة المشتركين على قدم المساواة في حين أن الوزارة والشركتين على علم بأسماء وأرقام التجار المحتكرين؟