“التيار” يشترط و”القوات” ترفض
تلقى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الرد على الرسالة التي بعث بها إلى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث رفض «القوات» الحوار «منعاً لتكريس أعراف جديدة وخطيرة»، فيما اعترض «التيار» على شكل الحوار، حيث طالب بأن يكون «حواراً بين متساوين»، ويكون غير تقليدي، ويطاول برنامج العهد، ومحدود زمنياً ينتهي بجلسات متتالية للبرلمان بهدف انتخاب رئيس للبلاد.
وحمّل بري رسالتين لجعجع وباسيل لتحديد موقفهما من المشاركة بالحوار، نقل الأولى النائب ملحم الرياشي، ونقل الثانية النائب آلان عون، وتفيد بأن الحوار محصور زمنياً بالمبادرة التي طرحها التي تفيد بحوار لمدة 7 أيام بحده الأقصى، وينتهي بعقد جلسة انتخابات رئاسية بجلسات متتالية تنتهي بانتخاب رئيس.
ردّ باسيل
على ضفة «التيار»، رد النائب باسيل على رسالة بري بتغريدة له في منصة «إكس»، قال فيها: «كل أمر له شروطه وظروفه كي ينجح»، مجدداً موقفه بحوار يهدف إلى الاتفاق على برنامج العهد بخطوطه العريضة «حتى ننتخب رئيساً على أساسه وينجح بعهده»، فضلاً عن مشاركة رؤساء الأحزاب في الحوار حتى يكون هناك قرار، كما طالب بـ«إدارة محايدة وليس ترؤساً من طرف أساسي بالنزاع حتى يكون هناك توازن ونتيجة توافقية».
ودعا باسيل لأن لا يأخذ الحوار شكلاً تقليدياً وطاولة مستديرة فقط، «بل نخلق ظروفاً للبحث الثنائي والثلاثي والمتعدد الأطراف والجماعي لكي تكون هناك فرصة حقيقية للإنقاذ وليس كلاماً نمطياً على طاولة واحدة لن تقرر اسم الرئيس».
ويؤكد المستشار السياسي لرئيس «التيار الوطني الحر» أنطوان قسطنطين: «إننا لا نرفض الحوار، لكننا نرى أنه حتى يكون منتجاً، فلا بد أن يكون محدوداً بالوقت، ومحصوراً ببرنامج الرئيس واسمه، ويمكن أن يأخذا أشكالاً ثنائية أو ثلاثية ومتعددة الأطراف أو غيرها، كي يكون ناجحاً»، لافتاً إلى أن هذه المطالب وضعناها «لأننا نريد الحوار أن يكون منتجاً». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الحوار، لا يوجد رئيس ومرؤوس. هو ليس حواراً على ملف اقتصادي أو غير ذلك حتى يكون هناك رئيس ومرؤوس، بل حوار على رئيس للجمهورية. هو حوار بين متساوين، وذلك في حال كانت هناك إرادة سياسية لإنتاج رئيس»، مشيراً إلى أن «الشرط لنجاح المهمة يتمثل في فتح جلسات الانتخاب في محضر واحد، وتعقد جلسات متتالية حتى انتخاب الرئيس وإنهاء الشغور الرئاسي».
ونفى قسطنطين أن يكون هناك توجس لدى «التيار» من الحوار، مشدداً على «أننا نريد حواراً منتجاً، وكي ينجح يجب أن تتوفر فيه الشروط التي عددها رئيس التيار، فضلاً عن أننا أول من طالب الموفد الفرنسي بأن يكون هناك حوار حول البرنامج، لأننا نؤمن بأننا نحتاج إلى آلية للحوار للتوافق وإنتاج رئيس».
رد «القوات»
وجاء الرد على بري من «القوات» عن طريق النائب رياشي «بتأكيد المؤكد غير القابل للنقاش»، ومفاده أن بري «يستطيع أن يدعو للحوار الذي يريده، لكن ما يعنينا كـ(قوات) أننا لن نلبي دعوة لحوار نعده مخالفاً للدستور، ونرفض تكريس أعراف جديدة على هذا المستوى»، حسبما قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور لـ«الشرق الأوسط»، وسأل: «لماذا يربط بري بين الدعوة للحوار والدورات الانتخابية المتتالية؟»، مضيفاً: «فليفصل بينهما، ويدعو لحوار ويحضر من يحضر، ويتمسك بري بالجزء الثاني من المبادرة المتعلق بالدورات المتتالية».
وقال جبور: «نحن بما يعنينا، سنلبي المشاركة في الجلسات الانتخابية المتتالية لكننا لن نلبي أي حوار». وأضاف: «بالنسبة لنا هذه مسألة مبدئية غير قابلة للنقاش، لجهة أن الدستور واضح، وينص على أن الانتخابات تحصل في البرلمان من خلال الدعوة إلى جلسة انتخابية بدورات متتالية حتى انتخاب الرئيس، وتتخلل تلك الدورات نقاشات وتداولاً بين الكتل لتجاوز الاستعصاء الرئاسي». وقال: «الانتخابات وفق الدستور إما تحصل وفق هذه الطريقة التي حصلت في انتخابات عام 1970، وإما عن طريق إنضاج تقاطعات على غرار تقاطع أنتج تسمية الوزير الأسبق جهاد أزعور»، في إشارة إلى تقاطع بين المعارضة و«الوطني الحر» على اسمه في جلسة 14 يونيو (حزيران) الفائت.
وقال جبور: «نرفض تكريس أعراف جديدة. إذا سلمنا بما قاله الرئيس بري، سيتحول الحوار إلى ممر إلزامي للانتخابات الرئاسية في المستقبل، وهو يعني مزيداً من تكريس أعراف انقلابية على الدستور نحن نرفضها».
إرادة سياسية
ويسود اعتقاد واسع في البلاد أن إنهاء الشغور الرئاسي المتواصل منذ 10 أشهر، يعود إلى غياب قرار سياسي حازم بانتخاب رئيس، وهو ما ألمحت إليه المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، بالقول في حديث إذاعي إنها فهمت من اللقاء مع النواب أن «الفرصة دائماً موجودة وبحاجة لقرار سياسي»، وأضافت: «أشجع على انتخاب رئيس لأن اللبنانيين يستحقون حياة أفضل وعلينا محاولة إعطاء بعض الأفكار الجديدة لأننا في المرحلة المقبلة نشجع على أن يتخذ اللبنانيون قراراً لأنه ليست هناك أحزاب فقط، بل توازنات طائفية معينة، ولكن بعد سنة من الفراغ يستحق لبنان أن ينتخب رئيساً بسرعة لأنه مطلوب منه عمل كثير».
خلاف على الحوار
ويرى المقربون من بري أن الحوار هو المدخل الوحيد لإنهاء الشغور الرئاسي. وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي خريس: «من يدعي الحرص على الوطن، وعلى الشعب اللبناني، لا يرفض الحوار، فالحوار هو الطريق الأقصر للوصول إلى حل، وقد آن الأوان لأن نعتمد على أنفسنا». وقال إن العديد من علامات الاستفهام تدور حول رفض البعض للحوار، معرباً عن اعتقاده بأن «هذه الفرصة وهذه المبادرة التي أطلقها الرئيس نبيه بري ربما تكون الفرصة الأخيرة فلا تضيعوها حتى لا يضيع الوطن».
وتقول «القوات اللبنانية» إن رفض الحوار نابع من موقف دستوري، وهو ما أكده عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غسان حاصباني، قائلاً في حديث إذاعي: «موقفنا واضح من موضوع الحوار. فنحن لسنا معه قبل انتخاب رئيس للجمهوريّة، ولا نستطيع خرق الدستور لخلق أعراف جديدة. فالتّشاور مستمرّ بين الكتل النيابيّة كلّها لتسهيل الانتخابات الرئاسيّة، لكن فتح باب البرلمان لانتخاب الرئيس هو الحلّ الوحيد». وأضاف: «بري سيكتشف مع الوقت أنّ وظيفته حماية الدستور»