طلبت الحكومة اللبنانية من المصرف المركزي تأمين 200 مليون دولار من السوق لتلبية التزاماته في الشهر المقبل، وهو ما أثار قلق القيمين على المصرف لا سيما الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري الذي يعتبر أن أولوياته اليوم تأمين إستقرار سعر الصرف، فهل سيؤدي ذلك إلى تداعيات على سعر الصرف؟ وما الحلول المتاحة لتجنب تجرع هذا الكأس؟
يمهّد الدكتور جباعي بتفسير ضروري هو أن “السياسة النقدية تختلف عن السياسة المالية، وأمام الدولة اللبنانية اليوم مترتبات من رواتب وكهرباء ومصاريف تتعلّق بشؤون الدولة وتحويل واردات الدولة إلى الدولار، فهذا يخضع لأولويات عند مصرف لبنان”.
وإذْ يؤكد أن “الإستقرار النقدي هو من أولويات مصرف لبنان، وصحيح أن المصرف يستطيع أن يتدخّل وفقاً للمادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف حتى يؤمن الدولار من السوق إلّا أنه يجب أن يحافظ الإستقرار النقدي وفق المادة 70 ولا يسمح بارتفاع سعر الصرف، وهذا ما فعله حاكم المصرف بالإنابة الدكتور وسيم منصوري واستطاع تأمين رواتب القطاع العام بدون أن يؤثر على سعر الصرف”.
وإعتبر أنّ “مبلغ الـ200 مليون دولار هو مبلغ كبير جداً, لا يستطيع المصرف تأمينه فوراً خاصة أن هناك أولويات لا سيّما منها موضوع الرواتب لـ400 ألف عائلة مرتبطة بهذا الأمر”.
ونصح القوى السياسية والحكومة بالتحديد أن “تنسّق مع الحاكم ليكون العمل بالمسار السليم حتى لا يؤثر ذلك على سعر الصرف ويُحدث أزمة كبيرة نحن بغنى عنها، فما يقوم به منصوري منطقي لأنه يعمل بطريقة علمية واضحة ومفروض من الحكومة اللبنانية أن تطلب من منصوري استكمال العمل بشكل علمي مخطط له، وأن لا يكون الطلب ضمن دفعة واحدة لأن شراء 200 مليون دولار من السوق دفعة واحدة يؤثر بشكل كبير على سعر الصرف”.
ويرى أن “الأسلوب بأن يستبدل المصرف الليرات من وزارة المالية بشكل منظّم وبطيئ بدون تأثير على سعر الصرف هو الأسلوب الأسلم لأن الحاكم وضع خارطة طريق جيدة على الحكومة ملاقاته فيها خصوصاً في موضوع الإصلاحات التي أعلن عن استعداده أن يساعد في تحقيقها، فهناك إصلاحات كبيرة مطلوب من الدولة القيام بها بدل الطلب من مصرف لبنان دائماً تأمين الدولارات لاحتياجات الدولة”.
ويُعطي جباعي أمثلة عن الكهرباء والضريبة الجمركية للاعتمادات التي يفتحها التجار من أجل الاستيراد، فليس منطقياً أن “لا تحصل الدولة حوالي 900 مليون دولار لأنها اليوم لا تحصل سوى 130 مليون دولار في السنة فهو رقم خجول جداً بسبب التهرب الضريبي فهذه الأمور تستوجب من الدولة الإلتفات لها، ومعالجتها من أجل تامين كتلة نقدية دولارية مهمة تساعد نفسها فيها في المرحلة المقبلة”.
ويرى اليوم الأولوية هي “المحافظة على الاستقرار النقدي مع تأمين الرواتب للقطاع العام والأجهزة الامنية وتأمين الدواء للامراض المستعصية”.
الأسلوب الذي نجح فيه منصوري يستطيع أن “يكمل به إلى شهر أيلول، لكن بعد هذا الشهر على الحكومة أن تقوم باجراءات مساعدة لمصرف لبنان وإلّا سنصل إلى نقطة معينة بحيث أنه في كل مرة تحتاج الحكومة إلى مبلغ من أجل أمر ما تذهب الى المصرف لتأمينه ويتأثر بذلك سعر الصرف وتتأثر معه القدرة الشرائية لحوالي 400 ألف عائلة”.
ويخلص جباعي، إلى أن “الأفضل في المرحلة الراهنة التنسيق الدائم بين وزارة المالية ومصرف لبنان كي يستمر بالاجراءات نفسها حتى لا يتأثر الاستقرار النقدي”.