الخيارات البديلة لتجنب الفراغ في قيادة الجيش ساقطة…هل يفعلها ميقاتي؟المركزية
كالمرض الخبيث يتمدد الشغور في جسد المناصب الاولى في الدولة اللبنانية، بدءا من رئاسة الجمهورية مرورا بحاكمية مصرف لبنان وقريبا، وان لم تحصل معجزة صحوة ضمير القادة السياسيين والترفع عن انانياتهم، في قيادة الجيش، وهناك الطامة الكبرى. ذلك ان العلاج بالمورفين الذي اتاح لحكومة تصريف الاعمال تسيير شؤون الدولة في غياب الرئيس، وتولي نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري شؤون الحاكمية بالانابة، بعد انتهاء ولاية الحاكم السابق رياض سلامة لا يجدي نفعا في حالة قيادة الجيش، قلب الوطن وعصبه الاساس، بفعل استمرارالفراغ في منصب رئيس الأركان الذي تُناط به قانونا مسؤوليات القيادة اثر انتهاء ولاية القائد.
في 10 كانون الثاني اي بعد ثلاثة اشهر بالتمام، تنتهي ولاية قائد الجيش الرابع عشر العماد جوزف عون. وحتى ذلك الحين واذا لم يتقِ اهل السياسة الله ، فإن عدوى الفراغ ستصيب آخر اعمدة هيكل الدولة فينهار على رأس من فيه، ما دام افق الخيارات المطروحة مقفل بإحكام. فتأجيل تسريح قائد الجيش ليس متاحا، اذ لا حال اعتلال كما ينص القانون ولا وزير الدفاع الوطني موريس سليم في وارد اصدار قرار بناء على اقتراح قائد الجيش، في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارئ أو أثناء عمليات حفظ الأمن، علما ان القائد لا يمكن ان يطلب ذلك نظرا لسوء العلاقة مع الوزير. اما رفع سن التقاعد لعامين للعاملين في الأسلاك العسكرية والأمنية من ضمن اقتراح نيابي مقدّم من كتلة “اللقاء الديمقراطي” وهو ما سبق طرحه عند احالة مدير عام الامن العام السابق اللواء عباس ابراهيم الى التقاعد وفشل لوجود معارضة قوية له، فلن يكون مصيره هذه المرة افضل من الاولى، كما ان تعيين أعضاء في المواقع الشاغرة في المجلس العسكري واهمها رئاسة الأركان لتولي القيادة ليس دربه معبدا بالورود، في ضوء رفض وزراء التيار الوطني الحر ومنهم وزير الدفاع المشاركة في الجلسات الحكومية لاقرار التعيينات في غياب رئيس البلاد.
يبقى والحال هذه خيار تكليف الضابط الأعلى رتبة في المجلس العسكري بمهام القائد، وهو اللواء بيار صعب ، استنادا الى مرسوم من وزير الدفاع، لكنه يبدو غير صالح ايضا نسبة لحجم الاعتراض السياسي الواسع عليه لا سيما من الفريق الدرزي، وهذه بدعة في رأي اوساط قانونية خصوصا ان اللواء صعب هو في مؤسسة المجلس العسكري وليس في مؤسسة القيادة.، لان في الجيش اربع مؤسسات: المجلس العسكري، قيادة الجيش،مديرية التفتيش،ومديرية الادارة، ويفترض بمن سيحل مكان القائد ان يكون في مؤسسة قيادة الجيش.
تبعا لذلك، يبدو ان الجيش سيترك لمصيره من دون قائد وفي غياب المجلس العسكري، ما يعني انهيار آخر مؤسسات الدولة الحصينة ومعها الوطن في ظل التحديات الجسام التي تحيط به من موضوع النزوح السوري الى الخطر الاسرائيلي والارهاب الذي عاد يذر بقرنه، فهل تترك حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الاوضاع تنحدر في هذا الاتجاه ام تقدم على خطوة ما تمنع الفراغ على رأس المؤسسة العسكرية؟
تقول مصادر مطلعة على الملف لـ”المركزية” ان ثمة طرحا ما زال في الكواليس، يقضي باتخاذ الحكومة بصفتها السلطة الاعلى في الدولة راهنا قرارا بالتمديد للقائد نظرا للظرف الطارئ والاستثنائي الذي يوجب عدم ترك الدولة من دون من يديرها عسكريا، ولو اعترض وزير الدفاع المحسوب على التيار ، بحيث يحق له تقديم طعن امام مجلس شورى الدولة الذي يمكن ان يقبله او يرفضه ، وحجة الوزير هنا قوية جدا باعتبار ان الامر من صلاحياته ومجلس الوزراء يسلبه اياها، الا ان المجلس ، قد يأخذ بحسب المصادر السبب خلف التمديد وهو مثابة Raison d etat، ويصبح التمديد نافذا.
اسئلة كثيرة ترتسم حول المخرج اياه من دون ان تحسم قانونا بعد، فهل يفعلها الميقاتي ، قبل ان تبلغ البلاد لحظة الارتطام الاخير ، لا سيما بعد انفجار الوضع اقليميا؟