بينما تحاول السلطة السياسية طمـ.ـس حقيقة ما حصل في الرابع من 4 آب، إلتقى وفد قضائي فرنسي مؤلف من قاضيين ومترجم، المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، صباح اليوم، الأربعاء 18 كانون الثاني، في مهمة قضائية مخصّصة لمتابعة التحقيقات في قضية المرفأ.
طارق البيطار، المكفوفة يده عن ملف التحقيقات، استقبل الوفد الفرنسي في مكتبه المغلق منذ عام 2021، في قصر العدل ببيروت، عارضاً لهم العراقيل التي واجهته في هذه القضية بسبب دعاوى الرد الموجهة ضده.
لقاء طويل تخطّى الثلاث ساعات، جرى فيها مناقشة جميع المستجدات الحاصلة في هذا الملف. ووفقاً لمعلومات من المفترض أن يعاود الوفد الفرنسي الاجتماع بالبيطار مرةً أخرى اليوم.
وانطلاقاً من أهمية هذه الزيارة “الاستثنائية” وللاطلاع على تفاصيلها، التقت مصادر بالقاضي طارق البيطار. وبنبرة حادة، أبدى تمسكه بهذه القضية مردداً: “لن أتنازل عن ملف المرفأ تحت أي ضغـ.ـط، ولن أتنـ.ـحى عن هذه القضية”.
ورداً على سؤال حول مطالبة الوفد الفرنسي بالاطلاع على ملف التحقيقات، سيما أنها ليست المرة الأولى التي يطالب القضاء الفرنسي بمتابعة ملف التحقيقات، أجاب البيطار: “لن أسلم أي ورقة من ملفّي إلا بعد عودتي إلى التحقيق، وأنا جاهز للتعاون مع القضاء الفرنسي لتحقيق العدالة”.
من المفترض أن تُرسل الدعـ.ـاوى المرفوعة ضد أي قاض إلى مكتبه في قصر العدل فقط، فلا يجب تحويلها إلى منزله. أما البيطار، فلا يتذكر عدد دعاوى الرد المرفوعة ضـ.ـده لكف يده عن ملف المرفأ. فعددها فاق الأربعين دعوى. وآخرها، صباح اليوم، إذ أرسلت محكمة بعبدا دعوى رد جديدة للقاضي البيطار إلى منزله، ولكنه لم يستلمها بسبب تواجده في قصر العدل.
وتعتبر زيارة الوفد الفرنسي للبيطار مهمة قضائية محددة، لذلك هي منفصلة عن السلطة الفرنسية السياسية. فالقضاء الفرنسي يريد الإطلاع على سير التحقيقات، وهو بحاجة إلى أجاباتٍ واضحة من القضاء اللبناني حول أسباب عـ.ـرقلة هذا الملف، لاسيما أن تفجـ.ـير 4 آب أودى بحياة مواطنين فرنسيين، وأهالي هؤلاء طالبوا القضاء الفرنسي بالتدخل لمعرفة الحقيقة.
لا شك أنّ زيارة الوفود الأوروبية والوفد الفرنسي إلى بيروت لمتابعة بعض الملفات القضائية المهمة هي فرصة لن تتكرر. لذا يحاول معظم المواطنين الاستفادة من تواجد الوفود داخل قصر العدل لمناشدتهم. غير أن بعض الآراء القضائية المطلعة على أهداف هذه الزيارات، تعتبر أن كل تحقيق لا يصب بمصلحة الدولة اللبنانية ليس مهماً، معتبراً أن القضاء الدولي يسعى لتحقيق مصالحه فقط، إذ من الممكن أن تكون أهداف الوفد الاوروبي مصادرة أموال حاكم مصرف لبنان في سويسرا لصالح الدولة الفرنسية، أما اهتمام الوفد الفرنسي بقضية المرفأ فيعود لسعيها إلى التحقيق بمقـ.ـتل مواطنين فرنسيين.
وفي السياق نفسه، استأنف الوفد القضائي الأوروبي جلسات الاستجواب في قاعة محكمة التمييز لليوم الثالث على التوالي، وحقّق مع نعمان ندّور، المدير التنفيذي لمصرف لبنان المركزي، ومع رائد شرف الدين، الذي شغل مناصب عدة في مصرف لبنان وأهمها النائب الأول للحاكم عام 2009 و2019.
وبالتزامن مع جلسة الاستجواب مع الشاهد نعمان ندور، التقى مواطن لبناني بقاضية تابعة للوفد الفرنسي شاكياً لها دعوته القضائية العالقة داخل المحكمة الجزائية منذ عام 2010. وانتظر أمام قاعة المحكمة ليطالب الوفد الأوروبي بالتدخل لمساعدته. ورداً على مناشدته، طلبت منه القاضية الفرنسية تقديم أوراقه في المحكمة البلجيكية لمتابعتها.
إذاً، كان علينا مرة أخرى أن ننتظر “الخارج” لكي نشعر أن ثمة من يسأل في فسـ.ـاد المصارف وأركانها.. ومن ما زال يسأل ويبحث عن حقيقة الانفـ.ـجار الذي دمـ.ـر العاصمة وأهلـ.ـك أهلها.
lebpress _news#