دولي

المغرب يُحصي مزيدًا من ضـ ـحايا الزلزال.. والآمال تتلاشى في العثور على نـ ـاجين

إثر الزلزال الأقوى منذ أكثر من قرن والذي ضرب المغرب، يواجه كثير من الناجين اليوم ظروفًا صعبة في الملاجئ المؤقتة التي يحتمون بها، بعد أن قضوا ليلة رابعة في العراء، فيما لم يتمكن رجال الإنقاذ بعد من الوصول إلى قرى جبلية نائية عانت بعضًا من أسوأ مشاهد الدمار.

ووصل عدد قتلى الزلزال، الذي بلغت قوته 6.8 درجة وضرب جبال الأطلس الكبير في وقت متأخر يوم الجمعة، إلى 2901 شخصًا وأكثر من 5530 مصابًا، بحسب التلفزيون الرسمي. لكن هذه الأرقام مرشحة للزيادة على الأرجح.

وانضمت فرق إنقاذ من إسبانيا وبريطانيا وقطر إلى جهود البحث المغربية عن ناجين، بينما قالت إيطاليا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا إنّ المغرب لم يوافق بعد على عروضها لتقديم المساعدة.

وتتلاشى الآمال في العثور على ناجين تحت الأنقاض، لأسباب منها أن الكثير من المنازل القديمة المبنية بالطوب اللبن والمنتشرة في القرى الجبلية انهارت وتحولت إلى أكوام تراب ليس بينها مسام تسمح بمرور الهواء.

ومع وقوع المناطق الأكثر تضررًا من الزلزال في أماكن وعرة ومعزولة، كان المشهد اليوم الثلاثاء غير واضح المعالم مع إقامة بعض المخيمات بصورة منظمة ونقل الإمدادات جوًا، بينما لم تصل مساعدات مطلقًا إلى مواقع أخرى بسبب إغلاق الطرق من جراء الصخور والانهيارات الناجمة عن الزلزال.

وخيَّم بعض الناجين في العراء ومعهم متاعهم، الذي جمعوه على عجل، على طول طريق تيزي نتاست الذي يربط وديانًا نائية في مراكش بعد فرارهم من قراهم المدمرة.

وقال حميد آيت بو يعلي (40 عامًا) الذي كان ينتظر إلى جانب الطريق: “تركز السلطات على الأحياء الأكبر حجمًا وليس على القرى النائية الأكثر تضررًا.. هناك بعض القرى ما زال الموتى بها تحت الأنقاض”.

“خائف للغاية

هذا ويعاني كثير من سكان القرى من انقطاع الكهرباء والاتصالات الهاتفية منذ وقوع الزلزال، وقالوا إنهم اضطروا لإنقاذ أحبائهم وانتشال الجثامين المدفونة تحت أنقاض منازلهم المدمرة دون أي مساعدة.

وفي بلدة تلات نيعقوب المتضررة بشدة، يبحث عشرات من أفراد القوات المغربية وعمال البحث والإنقاذ والعاملين في المجال الطبي عن جثث مدفونة ويساعدون الناجين.

وتطوع مواطنون أيضًا لتقديم يد العون، مثل إبراهيم الدالدالي (36 عامًا) الذي جاء من مراكش على دراجته النارية لتوزيع طعام وماء وملابس وأغطية تبرع بها أصدقاؤه، وقال “ليس لديهم شيء والناس يتضورون جوعًا”.

وفي قرية أمزميز التي تقع عند سفح جبل وتحولت إلى مركز للمساعدات، زودت السلطات بعض الأشخاص الذين شردهم الزلزال بخيام، لكن آخرين ما زالوا يعيشون تحت بطانيات.

وقال نور الدين بو عكيروان، وهو نجار يخيم مع زوجته ووالدتها وولديه: “أنا خائف للغاية. ماذا سنفعل إذا هطل المطر”؟ ويعاني أحد أبنائه من التوحد وهم جميعًا يعيشون في خيمة عشوائية من البطاطين.

وقال عمر أنفلوس، الذي يعمل خياطًا، إنّه حتى أولئك الذين لا تزال منازلهم قائمة يشعرون بخوف شديد من العودة لها بسبب خطر انهيارها.

عروض مساعدة لم يوافق عليها المغرب

كان مركز الزلزال على بعد نحو 72 كيلومترا جنوب غربي مراكش، حيث تضررت بعض المباني التاريخية في المدينة القديمة المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. كما تسبب الزلزال في أضرار كبيرة لمسجد تينمل التاريخي الذي يعود إلى القرن الثاني عشر.

ونجت مناطق أكثر حداثة في مراكش إلى حد كبير، منها موقع بالقرب من المطار مخصص لاجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين المقرر عقدها الشهر المقبل.

وقالت مصادر إنه من المتوقع أن يشارك ما يزيد على عشرة آلاف شخص في الاجتماعات التي ترغب الحكومة المغربية في المضي قدما فيها.

وقبل المغرب عروضًا للمساعدة من إسبانيا وبريطانيا اللتين أرسلتا خبراء في البحث والإنقاذ بالإضافة إلى كلًاب مدربة، ومن الإمارات وقطر. وقالت الجزائر إنها خصصت ثلاث طائرات لنقل عمال الإنقاذ والمساعدات.

وذكر التلفزيون الحكومي أن الحكومة ربما تقبل عروضًا بالمساعدة من دول أخرى في وقت لاحق.

وانضمت إيطاليا وبلجيكا إلى فرنسا وألمانيا اللتين قالتا إنّ المغرب لم يرد بعد على عرضيها بتقديم يد العون.

وقالت ألمانيا إنها لا تعتقد أنّ القرار مدفوع بأسباب سياسية، لكن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قال لإذاعة آر.تي.إل إن المغرب اختار تلقي المساعدات فقط من الدول التي تربطه بها علاقات وثيقة.

ودافعت كارولين هولت، مديرة العمليات العالمية في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، عن القرارات التي اتخذها المغرب. وأطلق الاتحاد اليوم الثلاثاء نداء عاجلًا لدعم ضحايا الزلزال في المغرب.

وأضافت: “أعتقد أن الحكومة المغربية تتخذ خطوات حذرة فيما يتعلق بالانفتاح على عروض الدعم الثنائية من الحكومات وقبولها. وحقيقة، كما رأينا، هناك تركيز على جهود البحث والإنقاذ تلك قبل انتهائها للأسف في الساعات المقبلة”.

وعبّر آخرون عن إحباطهم لعدم السماح لهم بالمساعدة.

وقال أرنو فريس من منظمة منقذون بلا حدود، وهي منظمة فرنسية غير حكومية متخصصة في الزلازل، إنهم عرضوا على السفارة المغربية في باريس إرسال فريق يضم تسعة أفراد للمغرب، لكن لم يأت أي رد من الرباط حتى الآن.

وأضاف: “الآن وبعد مرور أربعة أيام، فات أوان المغادرة لأننا هنا للعمل بشكل عاجل لإنقاذ الناس تحت الأنقاض وليس لاستكشاف الجثث. ذلك يحزننا جدًا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى