انتحـ ـاران بالضاحية في الأضحى: جماعة “القـ ـربان” وصلت إلى لبنان؟
في العام 2018 ظهر حزب“الأمير” في بلدة عربصاليم الجنوبية من باب جريمة قتل ذهب ضحيتها عماد حسن. وكانت هذه الجماعة المتشددة تُغالي في مواقفها من الإمام عليّ ابن أبي طالب، كجماعات كثيرة تظهر في غير دول، كالعراق مثلاً، ثم تختفي، لتعود مجدداً بمسميات أخرى، واختلاف في الرؤى، وتبدل في ما يعتبرونه “أداء الواجب الديني”. وما نشهده اليوم في لبنان مثال على ذلك.تحرير الروح.. بالانتحار عراةبتاريخ 29 حزيران الماضي، في عيد الأضحى المبارك، عُثر على جثة المدعو علي عصام فرحات، على جانب الطريق في محلة حارة حريك. فتبيّن أن الشاب الذي حضر من كندا إلى لبنان مؤخراً قد رمى نفسه عارياً من سطح المبنى. وهنا، حسب معلومات “المدن”، أجريت تحقيقات تحصل بشكل اعتيادي بحالة الانتحار. لكن بعد ساعات قليلة حاولت زوجة علي الانتحار بالطريقة نفسها في منطقة حي السلم. فرمت بنفسها من سطح المبنى لكنها لم تمت بسبب عدم اصطدامها بالأرض مباشرة، الأمر الذي أثار حفيظة القوى الأمنية، فبدأ التوسع بالتحقيق.تُشير مصادر متابعة عبر “المدن” إلى أن الزوجة لم تعترف حتى لحظة كتابة هذا التقرير بكل ما تعلم. فهي تحاول الإيحاء بأنها قررت الانتحار بطريقة انتحار زوجها ذاتها لرغبتها باللحاق به، إلا أن إفادات الجيران والأقارب كشفت الكثير من المعطيات، التي يمكن ان تربط الزوج والزوجة بجماعة دينية غريبة، تُدعى جماعة “القربان”.تكشف المصادر، أن من بين المعطيات التي كُشفت بإفادات الجيران والأقارب، تعرّف علي على رجل دين يسكن في بريطانيا، زرع برأسه أفكاراً غريبة، منها “الاغتسال بالبول” للتطهّر. مشيرة إلى أن هذه الحادثة فتحت الأعين على جماعة دينية متطرفة وغريبة ظهرت في العراق، في محافظة ذي قار، تدعى جماعة “القربان”. وهي تطرح أفكاراً وطقوساً غريبة منها الانتحار أو “التضحية بالنفس” كما يسمونه في المناسبات الدينية.حسب هذه الجماعة، التي تقوم على أساس القربان في المناسبات الدينية، بموجب قرعة تجريها، ومن يقع عليه الاختيار يكون الأفضل حظاً من بين نظرائه، فإن الروح بحاجة إلى التحرر والتطهّر. وتحرير الروح يكون بخروجها من الجسد، ومغادرة الدنيا، التي يعتبرونها مكاناً للهو والفناء والنفاق. والتضحية تكون بمناسبة دينية، و”كما وُلد الإنسان”، أي أن يكون عرياناً بالكامل.رغم صدور بيان نفي عن عائلة الضحية، واعتبارهم أن كل ما يُقال هو اتهامات كاذبة وتكهنات وفرضيات، تكشف المصادر أن المحققين قرروا التوسع بالتحقيق لمعرفة الحقيقة، ومتابعة جذور الجماعة وما إذا كانت موجودة في لبنان، وإلى أي حدّ تمكنت هذه الأفكار من التغلغل بعقول الجهلاء.الغلو في الدينبين تارة وأخرى تظهر فرقة هنا وأخرى هناك، بغض النظر عن التسميات، تعتمد الغلو بالدين، من خلال أخذ بعض الآيات على ظاهرها وتفسيرها بغير معانيها، يقول الشيخ عماد شحادة في حديث لـ”المدن”، كآية سورة الشعراء “وإذا مرضت فهو يشفين”. فيعتبرون أنه لا يجوز اللجوء لمعالجة المرض لغير الله. أو أخذ بعض الروايات كرواية أمير المؤمنين “يا حار همدان من يمت يرني”، فيأخذوها بظاهرها ويستحكمون بهذا الأمر على الجهال من هذه الأمة، حسب تعبير الشيخ، الذي يشدد على أن الفرق الشاذة التي تتجه نحو الغلو والتطرف يُستهدف بها الناس السذج والجهال، فيستخدمون أسلوباً نفسياً لإقناعهم بأنهم أصحاب مقام عال.ويضيف: “كانت هذه الجماعة في العراق، والآن يشتبه بظهورها في لبنان، مع العلم أن طقوسها توحي بوجود سلوك شيطاني. فعندما تأمر المجموعة أحد الأشخاص أن ينتحر -والانتحار محرم شرعاً بالإسلام- فهذا يظهر أن هذا السلوك خطر، وهذه فرقة باطلة. وهي مجموعة لا يرضى الله بنهجها المنحرف، لأنه واضح البطلان، فالدين لا يجوّز قتل الإنسان نفسه بأي حال من الحالات”.هي جماعة جديدة، قد تكون وصلت لبنان، تشبه حزب الأمير، وتشبه “جند السماء” الحركة المتطرفة المسلحة التي ظهرت عام 2007 في العراق، وادعى مؤسسها أنه الإمام المهدي المنتظر. والمواجهة لا تكون سوى بالعقل والمنطق.
كتب محمد علوش في المدن