بسام زيادة في ذكرى 14 شباط: يغيب رفيق الحريري ولا ينطفئ
أكد منسق عام “تيار المستقبل” في طرابلس أنه بعد مرور “ستة عشر عاماً على الغيابِ، ما يزال رفيق الحريري حاضراً بقوة في العاصمةِ الثانية، ما يزالُ رفيق الحريري جزءاً من الذاكرة الطرابلسية، يورثّها الجد الى الابن والابنُ الى الحفيد، في كلِّ بيتٍ طرابلسي يحضرُ رفيق الحريري في طبيبٍ تخرّج فأصبحَ يملكُ شهرةً، ومهندس تخرّج وباتَ يملك شركة، وموظفٍ كوّن أسرة، وفقيرٍ عادَ إليهِ الأمل، ستة عشر عاماً وما يزالُ الطرابلسيونَ يهتفونَ باسمهِ، محمولاً بقلوبهم، بهواتفهم من خلالِ صورةٍ تذكارية معهُ”.
وقال: “ما يزالُ رفيق الحريري مالئِ الدنيا وشاغلِ الناس، في المقاهي، في البيوتِ، في الأزقةِ، في الشوارعِ، في طبقاتِ المجتمعِ المختلفة، الرأسماليونَ لم يجدوا أفضلَ من رفيق الحريري ليجسد حلمهم في المشاريع والاستثمار وتوظيفِ الرساميل، الفقراء ليجسدَ حلمهم في بناء دولةٍ تحكمها العدالة الاجتماعية ومنظومة تشريعات تمنعُ عنهم العوزَ، وكذلكَ الطبقة الوسطى التي اعتبرتْ شهيدنا الكبير ضمانةً لاستمراريتها، وضمانة لصمام الأمل والمستقبل، بأن لبنانَ سيصلُ الى حيثَ أرادَ رفيق الحريري، منارةً للشرق ثقافةً وعلماً، اقتصاداً ومشاريعَ، علاقاتٌ دولية من بيروتَ الى كلِّ العواصمِ العربية والدولية، لبنان الذي سيسكنُ في كل بيوتِ المعمورة، قبلةً وحنيناً لأبنائهِ المغتربين، جنةً للسياح من كل أقطابِ الأرض وجهاتِها الأربع، لقد حصلَ ذلكَ، منذُ اتفاقِ الطائفِ (تشرين الأول 1989) وحتى اغتيالهِ ( شباط 2005)، فقد استطاعَ رفيق الحريري قلبَ الموازينِ وتحويلَ كرة اللهب التي استدرجتها الحربُ الأهلية على مدى عقدٍ ونيفٍ كلّفت فاتورةً كبيرة من الشهداء، الى كرةٍ سحريةٍ أعادتْ لبنان سليماً معافىً بفضلِ اعادةِ الاعمار والمؤتمراتِ الدولية لدعمِ لبناننا، كان رفيق الحريري يحملُ لبنانَ في قلبهِ، حيثُ حلَّ أو ارتحلَ، فقد كانَ شهيدُنا الكبير، عرّاباً لجمعِ ما لا يمكنُ لكثيرين القيامَ بهِ، وهذا ما أعادَ العافيةَ الى الديموقراطيةَ التي انطوت صفحاتها في قاموس الحرب الأهلية وباتت كأنها قد ذهبت الى الأبد، نعمْ كانَ رفيق الحريري عرّاباً للأمل وللمستقبل المشرِق، للاعمار والاستثمار، للديموقراطيةِ والحوار، عرّاباً للاستقرار وإبطالِ مشاريعِ الحروبِ والفتنِ والنعراتِ الصغيرة والكبيرة، عرّاباً للسلام والأمنِ والطمأنينة، عرّاباً للحبِّ الكبيرِ للبناننا من الشرقِ الى الغرب”.
أضاف: “كانت طرابلس بالنسبةِ اليهِ، مدنٌ كثيرة لمدينةٍ واحدة، المُناضلة، الصابرة، الشهيدة، طرابلس التي رفضت التنازل عن هويتِها الوطنية والعربية، طرابلس التعدد التي رفضتْ التقوقعَ والانغلاق، لتبقى مدينةً للانفتاح وثقافة الحياةِ دون التنازُلِ قيدَ أنملةٍ عن مبادئِ أهلها ورجالاتِها وثقافتها الموغلةِ في التاريخ. وكانَ رفيق الحريري، بالنسبة لطرابلس ومُدنِ لبنان ومدنِ العرب ومدنِ العالم، شمساً تسطعُ تغييراً وعشقاً لبلدهِ وللانسانيةِ، وباغتيالهِ صارَ رفيق الحريري أشبهُ بنجمٍ يأفلُ في آخرِ الفجرِ، صارَ رمزاً يصعبُ تجاوزهُ أو التساويْ معَهُ”.
وتابع زيادة: “في ذكراهُ السادسة عشرةَ يغيبُ رفيق الحريري ولا ينطفئ، يأتي رفيق الحريري على كل بالٍ دونَ موعدٍ مُسبَق، يأتي في كلِّ حديثٍ عن السياسةِ والاعمارِ والسلام، فال”رفيق” كان يسبقُ زمانهُ بأشواطٍ، وهذا ما يجعلنا ننظرُ بأملٍ كبيرٍ جداً الى الحريرية السياسية المستمرة بقيادة زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، رغمَ أنفِ الكائدين، وكل حملاتِ التجريح والتشويهِ، رغم كل ما يقومُ بهِ اليوم المعرقلونَ، الحريرية ستبقى إقامةً دائماً في القلوب وفي مواقعِ القرارِ، لأنها مدرسة للاعتدال، جامعة للطوائفِ والمذاهب على أسسٍ وطنية واضحة وشفّافة، لأنها معهدٌ في السياسة الراقية والشامخة عن كل قذاراتِ المآرب الخاصة والأهدافِ المشبوهة، فالحريرية صارت ثقافةُ جيلٍ وأجيالٍ في طرابلس وكل المناطق، يعشقها من أجلِ معلمها الأول باني لبنانَ الحديث رفيق الحريري. في ذكراهُ السادسة عشرة، إحساسٌ كبير باليتمِ لدى الطرابلسيين وكل أحرارِ لبنان، وغيابٌ لا يحتملْ، لا يعوضهُ اليوم إلا شجاعةُ سعد الحريري في إكمال المسيرة، في وفائهِ لهذه المدرسة، في تكريسِ مبادئها، في حصارهِ لكلِّ أسوارِ اليأسِ التي يشيدها العدميونَ والآفلونَ من قلوبنا ”.
وختم: “في ذكراهُ السادسة عشرة، ستبقى طرابلس “على العهد”، ستبقى وفيةً لروحِ رفيق الحريري، وأقولُ لرفيقنا في يومكَ هذا: ستبقىَ حيّاً في قلوبنا ما حيينا ولا بأسَ أن تدمعَ العينُ في ذكراكم فبعضُ الدروسِ لا نستوعبها إلا وجعاً يا سيدي”.