تقرير لـ”Financial Times” يكشف: لماذا تعيد إيران النظر في المواجهة مع ترامب؟
ذكرت صحيفة “Financial Times” الأميركية أنه “لسنوات، كان العلم الأميركي مرسوما على أرضية المجمع الرئاسي الإيراني، الذي يقع في موقع استراتيجي حتى يتمكن الزوار من دوس النجوم والأشرطة على طريقهم إلى الداخل. ولكن قبل وقت قصير من تنصيب دونالد ترامب، تمت إزالة العلم بهدوء. ولم يكن هناك تفسير رسمي من المسؤولين الإيرانيين، لكن هذه الخطوة عكست تحولا هادئا في تفكير طهران. فمع وصول البلاد إلى أضعف نقطة لها منذ سنوات، يأمل المسؤولون أن يتمكنوا من تجنب المواجهة وحتى التوصل إلى اتفاق مع الرئيس الأميركي الجديد. وتأتي عودة عدوهم اللدود إلى البيت الأبيض في الوقت الذي وصلت فيه المواجهة النووية الطويلة بين إيران والغرب إلى ذروتها. كما تأتي بعد عام من الصراع الذي غير ديناميكيات القوة في الشرق الأوسط على حساب طهران، مع تشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسلسلة من المكاسب في ساحة المعركة التي وجهت ضربات مدمرة للجمهورية الإسلامية ووكلائها الإقليميين”.
وبحسب الصحيفة، “تزعم إسرائيل، التي تبادلت جولتين من الضربات المتبادلة مع إيران العام الماضي، أنها دمرت الكثير من دفاعاتها الجوية، كما تم إضعاف وكيل طهران الرئيسي، حزب الله في لبنان، كما أدى إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا إلى حرمانها من حليف رئيسي. ومع وضع هذا في الاعتبار، يقول المحللون إن إيران لا تستطيع تحمل استعداء ترامب والمخاطرة بمزيد من الصراع العسكري مع إسرائيل وحتى الولايات المتحدة. وقال فالي ناصر، أستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: “إنها سنة بالغة الأهمية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن السياق الاستراتيجي لإيران قد تغير بشكل كبير”. وأضاف: “ما خسرته إيران هو طريقة لإدارة إسرائيل وأصبحت يدها أضعف مع الأوروبيين والأميركيين”.”
وتابعت الصحيفة، “الحقيقة أن التوقعات تشير إلى أن ترامب، الذي تخلى في ولايته الأولى عن الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع القوى العالمية في عام 2015 وزاد من العقوبات في حملة “الضغط الأقصى”، سيعود إلى سياساته المتشددة. ولكن هناك أيضا تلميحات إلى أنه قد يكون على استعداد للمساومة، فقد فوض ترامب مبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لاستكشاف ما إذا كان من الممكن التوصل إلى تسوية دبلوماسية مع إيران. ويقول دبلوماسيون غربيون إن حكومة الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان أبدت لأسابيع استعدادا أكبر للموافقة على تسوية تفاوضية لتأمين الإغاثة لتخفيف الضغوط الاقتصادية المحلية، ولكن أيضا بسبب ضعف موقف إيران ورغبتها في تجنب المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وأضافت الصحيفة، “لكن الدبلوماسيون يحذرون من أنه إذا فشل ذلك، فإن إيران ستكون على مسار تصادمي مع الغرب. وأصبحت القوى الأوروبية التي عارضت أقصى الضغوط التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى أكثر غضبًا من سلوك إيران، بما في ذلك التوسع المستمر في نشاطها النووي، ومبيعات الأسلحة إلى روسيا واستهدافها المزعوم للمواطنين في الغرب. ومع قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بالقرب من مستوى الأسلحة، يقول الدبلوماسيون إنهم يريدون العمل وليس القول. ومن المقرر أن تنتهي “بنود غروب الشمس” في اتفاق 2015 في تشرين الأول، وهو ما سيرفع القيود المفروضة على الأنشطة النووية الإيرانية ويشير فعليا إلى انتهاء الاتفاق المحتضر”.
وبحسب الصحيفة، “مع اقتراب هذا التاريخ، فإن الخطر الذي يهدد إيران هو أن تطلق القوى الغربية ما يسمى بعملية الارتداد السريع التي من شأنها أن تؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة والمزيد من العزلة الدولية إذا لم يكن هناك اتفاق بديل. وداخل إيران، بدأ الإصلاحيون مناقشات عامة للضغط على آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى، والحرس الثوري النخبوي للتفاوض، بحجة أن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة للنظام لتجنب الأزمة. وقال حسين مرعشي، وهو سياسي إصلاحي كبير، خلال خطاب ألقاه هذا الشهر: “إن لدى بزشكيان الفرصة لاتخاذ خطوات مهمة لصالح إيران. ويجب أن تكون مهمته الأولى فصلاً جديدًا في السياسة الخارجية. لم يعد لدينا نفوذ في لبنان أو سوريا أو العراق”. لكن المحللين الإيرانيين قالوا إن طهران لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تفاوض بدافع اليأس”.
وتابعت الصحيفة، “عندما نفذ ترامب استراتيجية “الضغط الأقصى” ضد إيران خلال ولايته الأولى، ألقي اللوم على القوات الإيرانية في هجمات التخريب على ناقلات النفط في الخليج وعلى البنية التحتية النفطية السعودية. لكن ترامب أظهر أيضًا عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته. فبعد أن أشار في البداية إلى أنه غير راغب في استخدام العمل العسكري، أمر في عام 2020 باغتيال قاسم سليماني، أقوى قائد في إيران، مما دفع الأعداء لفترة وجيزة إلى شفا الحرب. وقال بعض الخبراء إن الضربات التي تلقاها المحور، والتي قللت من نفوذ إيران الإقليمي، قد تعني أن طهران ستكون أكثر استعدادًا لإبرام صفقة مع ترامب للحصول على ضمانات أمنية بعدم تعرضها لهجوم من إسرائيل”.