منذ أن اندلعت حرب غزة في السابع من تشرين الأول المنصرم، وتضج الوسائل الإعلامية بتفاصيلها والمراحل التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، إضافة الى التأثير الإقليمي والدولي لهذه الحرب بدءاً من جنوب لبنان وصولاً للبحر الأحمر مروراً بالتوترات الإيرانية والأميركية في الشرق الأوسط، وتعتبر حرب غزة جزءاً من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر.
وأعلنت إسرائيل عزمها على شن هجوم بري في منطقة رفح الجنوبية في قطاع غزة، المتاخمة للحدود المصرية، وهو ما أثار تحذيرات من قبل المجتمع الدولي نظرًا لإمكانية تسببه في تهجير جماعي قد يؤدي إلى أزمة إنسانية. كما أعربت مصر عن قلقها من أن تؤدي أي تحركات عسكرية إلى لجوء الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.
في هذا السياق، نزح أكثر من مليون شخص إلى المناطق الجنوبية من قطاع غزة، بالقرب من الحدود المصرية، بسبب الهجمات الإسرائيلية المستمرة، حيث نصب الفلسطينيون النازحون خيامهم بالقرب من السياج الحدودي في رفح.
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ذكر يوم الجمعة أنه طلب من الجيش إعداد “خطة لإجلاء المدنيين” تحضيرًا للعملية البرية في رفح جنوب غزة.
من جهة أخرى، نشرت مصر حوالي 40 دبابة وناقلة جند مدرعة في شمال شرق سيناء خلال الأسبوعين الماضيين، كجزء من تحركاتها لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.
محللون عسكريون وسياسيون أوضحوا أن “الإجراءات المصرية تهدف بشكل أساسي إلى تأمين حدودها، ولا تعني التمهيد لمواجهة مع إسرائيل، بل هي استجابة للحفاظ على الأمن القومي المصري في ظل مسألة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء”.
رويترز أشارت إلى أن “مصر قامت بتعزيز حدودها مع غزة ببناء جدار خرساني مزود بأسلاك شائكة، وذلك استجابة للمخاوف من تدفق الفلسطينيين بشكل جماعي من القطاع”.
وزارة الخارجية السعودية أصدرت بيانًا حذرت فيه من خطورة الوضع في رفح، معلنة رفضها القاطع لأي عملية ترحيل قسري للمدنيين.
المحلل الإسرائيلي إيلي نيسان أكد أن “تحركات مصر العسكرية ليست لمواجهة إسرائيل، بل لمنع العبور غير الشرعي للحدود من رفح إلى سيناء”.
وعقب إعلان إسرائيل نيتها تنفيذ عملية عسكرية في رفح جنوب غزة، قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان، الجمعة، إن “هدف نتانياهو هو تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه”.
وقال البيان إن “إقدام اسرائيل على هذه الخطوة يهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وإن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء”.
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي طلب عدم نشر اسمه، أن “بلاده ستعمل على تنظيم انتقال للنازحين في رفح إلى شمال غزة، بعدما فروا منه في السابق، وذلك قبل أية عملية عسكرية”.
ما شكل العملية المحتملة في رفح؟
أوضح غنيم أنه من المرجح أن “تستخدم إسرائيل نفس التكتيكات ال.ق.ت.ا.ل.ي.ة التي تنفذها في خان يونس، وليس كما كان الوضع عليه شمالي غزة غزة في بداية العملية العسكرية”.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأول عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة ح. على جنوب إسرائيل أسفر عن م.ق.ت.ل أكثر من 1160 شخصا، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وترد إسرائيل منذ ذلك الحين بحملة قصف مكثف أتبعتها بهجوم بري واسع في القطاع، ما أسفر عن م.ق.ت.ل أكثر من 28 ألف شخص، غالبيتهم نساء وأطفال، حسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
ولفت الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، إلى أن الجيش الإسرائيلي “استخدم قوة تقليدية كبيرة وتركيز نيراني كبير، سواء مدفعي أو جوي أو بحري، حيث كان الهدف هو الاستيلاء على الأرض والتمسك بها”.
وأوضح أن “الأمر اختلف في معارك الجنوب بسبب التكدس السكاني الكبير وتوفر معلومات بدرجة أكبر، مما جعله يقلل من قواته ويستخدم قوات خاصة، ويشن عمليات مداهمة أو تمشيط على مواقع بعينها”، لافتا إلى أن هذا من المرجح أن يكون شكل أية عملية في رفح.