خفايا من قلب دمار حمص… إشارةٌ تفضح أطماع الأسد!
بعد مرور 14 عامًا على انطلاق الثورة السورية، كانت مدينة حمص، التي أُطلق عليها “عاصمة الثورة”، واحدة من أكثر المدن التي تحمل ذاكرة مريرة من القصف والدمار الذي ألحقه نظام الأسد بالمدينة. ولم يكن حي “بابا عمرو” في المدينة استثناءً، بل كان الحي الأشهر الذي ارتبط اسمه بأشد المعارك وأعنف الحملات العسكرية التي شنها النظام السوري منذ بداية الاحتجاجات.
في عام 2012، تعرض بابا عمرو، الذي كان في ذلك الوقت مركزًا رئيسيًا للثوار، لحملة عسكرية ضارية من قبل القوات النظامية، أدت إلى تدمير نحو 75% من مبانيه وتشريد سكانه. وكانت هذه الحملة هي الأولى من نوعها التي تستهدف منطقة سكنية بالكامل باستخدام صواريخ وقذائف مدفعية بشكل مكثف، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا في صفوف المدنيين.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عقد على تلك الأحداث، وصلت كاميرا “العربية.نت” إلى بابا عمرو، حيث لم تبقَ سوى الأطلال والشواهد التي تروي ما حل بالحي من خراب. وقد تم تصوير بعض المباني التي لا تزال مدمرة بالكامل، في حين تضررت بنايات أخرى بسبب شدة القصف.
ولكن ما لفت انتباه فريق “العربية.نت” أكثر من غيره كان وجود علامات “X” باللون الأحمر على جدران بعض الأبنية المدمرة. وعندما استفسر الفريق من السكان حول سبب هذه العلامات، أفادوا بأن قوات من الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، هي من وضعت هذه العلامات على المباني.
بحسب السكان، فإن هذه المباني كانت قديمة وتحوي كميات كبيرة من الحديد، وهو ما جعل النظام السوري يقرر استغلالها. وأضاف الأهالي أن قوات النظام منعتهم من العودة إلى هذه المباني أو الاقتراب منها، حيث كان الهدف هو استخراج الحديد وبيعه، فيما ترك السكان لتشاهد مدينتهم تُنهب بينما هم غير قادرين على فعل أي شيء حيال ذلك.
وأوضح السكان أن ما يحصل لم يكن خافيًا على أحد، لكن بسبب القمع الشديد الذي مورس عليهم لم يكن أمامهم خيار سوى الصمت. فقد كانوا يشهدون عملية نهب للموارد في ظل ظروف قاسية، إذ عانى سكان الحي من حصار طويل، منعهم النظام من الخروج أو العودة إلى منازلهم في ظل غياب الممرات الآمنة.
تجدر الإشارة إلى أن حي بابا عمرو كان نقطة محورية في تغطية وسائل الإعلام العالمية أثناء الحملة العسكرية على الحي، خصوصًا مع المجزرة التي ارتكبها النظام بحق سكانه. وأدى هذا الضغط الإعلامي إلى إصدار عدة بيانات دولية منددة بالقصف الذي تعرض له الحي. ومع ذلك، استمر النظام في نهجه الإجرامي، حيث اعتبرت المجزرة مجرد حلقة في سلسلة من الجرائم التي ارتكبها بحق المدنيين.
وقد تجددت المواجهات في بابا عمرو في عام 2013 عندما نفذ الجيش السوري حملة عسكرية ضخمة، إثر دخول قوات الجيش الحر إلى الحي. وبعد انسحاب الثوار، عادت القوات الحكومية لتكثيف الهجوم على الحي، وهو ما اضطر الثوار إلى الانسحاب مجددًا تحت ضغط القصف الجوي والبري من جميع الاتجاهات.
لكن النظام لم يكتفِ بذلك، بل استمر في سياسة العقاب الجماعي بحق الأهالي من خلال حصارهم وتجويعهم، ومنعهم من المغادرة بطريقة آمنة، كما حدث في العديد من المناطق الأخرى الثائرة. وكان الهدف من ذلك هو إلحاق أكبر عدد من الضحايا المدنيين وتوجيه التهم إلى المعارضة المسلحة، في محاولة لتقويض الدعم الشعبي لها في الحي.