بين تأكيدات ورسائل غربية مباشرة وغير مباشرة، تؤكد للحكم السوري الجديد عدم الاستعداد لدعم أي حكومة إسلامية في سوريا، وأي سلطة حاكمة لا تحترم حقوق الأقليات، والإنسان، والمرأة… وبين اليوميات التي تشهدها المناطق والأحياء السورية، فوارق شاسعة نوعاً ما.
تعريف واضح؟
فهل يمكن لشهر رمضان هذا العام، أن يشكل التعريف الكامل والواضح والنهائي للحكم السوري الجديد، الذي انطلق على أنقاض نظام آل الأسد في سوريا؟ وكيف؟
ففي شهر رمضان، قد تنتشر أو لا تنتشر بعض الممارسات والسلوكيات في سوريا، التي ستوضح ماهية ومستقبل هذا الحكم السوري الجديد، ومدى استعداده لأن يكون علمانياً أم لا، وقابلاً لاحترام حقوق الأقليات والإنسان، والتنوّع الديني والطائفي في سوريا، أم لا.
حالة جديدة
وهنا، على سبيل المثال، إذا تمّت مُضايقة مسيحي لأنه يتناول الطعام وسط الطريق خلال رمضان، أو إذا أُجبِرَت كل المطاعم والفنادق… على وقف تقديم الأطعمة خلال وقت الصيام، أو إذا تمّ التعامُل مع أي مُسلِم غير صائم وكأنه مُستوجب المحاكمة أو السجن… أو احتمال فرض غرامات على كل شخص لا يصوم… وانتشار ظواهر التستُّر على عدم الصيام، أو البَدْء بمنع النساء والفتيات من القيام بالكثير من الأنشطة بمفردهنّ مثلاً…، أو إجبار المسلمين على الصلاة، والتعبير عن الانزعاج من الكنائس المسيحية والزياحات فيها خلال رمضان على الأقلّ، وكبداية لمراحل لاحقة… فإن ذلك يعني أن سوريا مُتّجِهَة الى حالة جديدة، دينية بامتياز، وأن دستورها الجديد سيكون على تلك الحالة.
وأما منع تلك السلوكيات، وملاحقة كل من يحاول القيام بها، فسيشكل إشارة الى أن هناك حكماً علمانياً مقبولاً يتشكل فيها تدريجياً، وأن دستورها الجديد لن يكون ذات صبغة إيديولوجية معيّنة.
احتمالات كثيرة…
أوضح مصدر واسع الاطلاع أن “قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يحاول أن يُظهر للعالم عموماً صورة أخرى، وذلك رغم أن الجوّ العام لديه يؤكد أنه لا بدّ من القلق على مستقبل سوريا، وأنها مفتوحة على كل أنواع الاحتمالات”.
ودعا في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى “مراقبة مدى إمكانية أن يمارس (الشرع) ضغوطاً على صعيد الحكم والدستور ليمنع هذا النوع من الممارسات، أو إذا ما كان يريد ذلك أصلاً. كما لا بدّ من انتظار موعد البَدْء بكتابة الدستور، وإذا ما كان ذلك سيكون خلال وقت قريب أم لا، وإذا كان (الدستور الجديد) سيؤكد أن سوريا هي بلد علماني أو لا. فكل ذلك سيتحكّم بمستقبل الانفتاح السوري، كما سيمكّن من ملاحقة ومحاكمة أي جهة تحاول أن تفرض السلوكيات الدينية على الناس، وعلى الأقليات غير المُسلِمَة أيضاً”.
وختم:”يؤكد الشرع لكل الموفدين الدوليين أنه لن يكون هناك حكومة شريعة إسلامية في سوريا. ولكن تبقى العبرة باحتمالات المدى البعيد، وليس بالكلام الرسمي الذي يقول إن المسيحيين أو غيرهم من الأقليات السورية هم جزء أساسي من البلاد هناك. كما أن العبرة تبقى بالقدرة على ضبط العلاقة بين الشارع والعناصر الناشطة على الأرض ورجال الدين والمؤسسات الدينية. فسوريا الآن بمرحلة غير واضحة المعالم أبداً”.
أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”