روسيا تتعافى رياضياً… وأوكرانيا «تُحاصر» نفـسها!
عام 2022، عوقبَ اللاعبون واللاعبات الروس بالخروج القسري من الرياضات الدولية على خلفية الحرب الروسية ـ الأوكرانية أو ما وصفته موسكو حينها بـ«العملية العسكرية في أوكرانيا». وبعد قرابة العامين من التجميد، بدأ الحصار الرياضي «غير القانوني» بنظر الكثير من الجهات، ينزاح تدريجياً. تم السماح لبعض رياضيي روسيا بالمشاركة كـ«محايدين» في دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس، قبل أن يشارك سباحون روس في بطولة العالم للألعاب المائية في بودابست، حيث حصدوا 10 ميداليات، بما في ذلك ست ذهبيات، وكسروا أرقاماً قياسية. ترافقَ الأمر مع سماح «محدود» لبعض رياضيي روسيا بالمشاركة في استحقاقات أخرى، منها التصفيات الأولمبية لموسم 2025-2026 في التزلج الفني والتزلج السريع والتزلج على المضمار القصير…
ورغم استمرار الحصار في غالبية الرياضات «الكبرى» الأخرى، إلا أن المشاركات التي حصلت وستحصل، تؤشر على انفراج رياضي في المستقبل ولو جزئي. يدعم ذلك تصريح أخير صدرَ عن وزير الرياضة الروسي ورئيس اللجنة الأولمبية الروسية، ميخائيل ديغتياريف، بقوله «ستكون عملية العودة الكاملة إلى الرياضة الدولية صعبة، لكن أحداثاً مثل قرار الاتحاد الدولي للتزلج بالسماح لرياضيينا بالمشاركة في التصفيات الأولمبية وهم لا يزالون في وضع محايد، أو الأداء الناجح الأخير للسباحين الروس في بطولة العالم، هي خطوات مهمة على هذا المسار». وأردف «هذا بالتأكيد أفضل من الطلاق النهائي والعزل الذاتي. سنواصل تطوير هذا الاتجاه، ودعم رياضيينا وتحسين ظروف مشاركتهم في المسابقات الدولية بشكل منهجي. تتطلب هذه العملية الوقت والجهد الكبير ووحدة مجتمعنا». ورغم كل ما حصل ويحصل تعتبر روسيا وعدد من الدول الأخرى أن قرار وقف الرياضة الروسية على خلفية الحرب أو الأحداث العسكرية غير قانوني ومجحف، ويضرب الميثاق الأولمبي الذي يدعو إلى فصل السياسية عن الرياضة. وفي أسوأ الأحوال تعتبر موسكو أنه في حال اتخذ القرار بمعاقبة روسيا رياضياً، يجب معاقبة دول أخرى تشن حروب كأميركا و«إسرائيل» وغيرهما الذين يشنون حروباً في فلسطين وغيرها من دول العالم.
مقابل ذلك، يبدو المشهد الرياضي في أوكرانيا صعباً. فبعد نقل مباريات غالبية الفرق الأوكرانية الرياضية خارج العاصمة كييف وضواحيها صوب بلدان أخرى «أكثر أماناً»، وقعَ اللاعب الأبرز في تشكيلة منتخب أوكرانيا لكرة القدم، ميخايلو مودريك، في المحظور إثر فشله في تجاوز فحص منشطات قبل أسابيع. ورغم أن التهمة لم تُحكم بعد على لاعب تشيلسي الحالي ونجم شاختار السابق، بانتظار ثبوت وجود المادة المحظورة في فحص العيّنة الاحتياطية، إلا أن أغلى لاعب كرة قدم أوكراني في التاريخ (70 مليون يورو)، الذي تم التبرع بمبلغ 25 مليون دولار من صفقة انتقاله للدعم الحربي الأوكراني بهدف تسليط السردية تجاه الحرب من بوابة الرياضة، تحوّلَ في مدة قصيرة من نجم واعد يجسد «النضال الأوكراني»، كما تحاول إبرازه العدسات الغربية رفقة الرياضيين الأوكرانيين الآخرين، إلى لاعب مهدد بالتوقيف لمدة 4 سنوات.
هكذا، تعرضت كرة القدم، ومن خلفها الرياضة الأوكرانية، إلى ضربة كبيرة، رغم الدعم الكبير التي تحصل عليه من كل الهيئات الرياضية الحاكمة، مقابل نهضة ملموسة للرياضة الروسية من دون أن تتمكن الاتحادات الرياضية الدولية من التضييق عليها بما يخدم أجندات غربية تسيطر على هذه الرياضات.