رياض سلامة “مَعلوم” الإقامة؟!
يُشكّل يوم غد الثلاثاء 29 آب يوماً مفصليّاً في سياق الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة. هي الجلسة الأكثر مصيرية للحاكم بعد ثلاث جلسات له أمام قاضي التحقيق الأوّل شربل أبو سمرا تَرَكَه على أثرها رهن التحقيق، وبعد مسار سابق من الملاحقة انتهى بطلب رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر توقيفه.
بعد سلسلة من الادّعاءات الأوروبية، وصدور مذكّرات توقيف بحقّه من “الإنتربول”، وادّعاء الدولة اللبنانية على الحاكم السابق، ثمّ صدور عقوبات أميركية بحقّه بتهم فساد وتبييض أموال وإثراء غير مشروع، وتجميد أمواله في الداخل والخارج، تتركّز الأنظار على قرار الهيئة الاتّهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو في شأن احتمال إصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّه تجعله فارّاً من وجه العدالة وتتيح لأيّ عنصر في قوى الأمن الداخلي في أيّ منطقة نائية، بوصفه ضابطة عدلية، إلقاء القبض عليه.
لن يحضر سلامة غداً
تفيد معلومات “أساس” أنّه بعد تمنّع القاضي أبو سمرا، الذي قدّمت القاضية إسكندر قبل أيام طلب مداعاة بحقّه أمام الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، عن منح الإشارة القضائية لإبلاغ الحاكم لصقاً وجوب حضوره إلى باريس في 16 أيار الماضي للمثول أمام قاضية التحقيق الفرنسية أود بوريسي، وهو ما دفع الأخيرة إلى إصدار مذكّرة توقيف دولية بحقّه هي الأولى التي تطال حاكم مصرف مركزي في العالم، مُنِحت الإشارة القضائية نفسها لقوى الأمن لإبلاغ سلامة لصقاً بموعد مثوله أمام “اتّهامية بيروت” يوم غد الثلاثاء، ونُفّذت في ثلاثة أماكن وهي الصفرا والرابية ومنتجع البورتيميليو في الكسليك بعد تعذّر إبلاغه شفهياً لتواريه عن الأنظار.
لن يحضر رياض سلامة غداً، وتتوقّع مصادر قضائية رفيعة إصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّه سيجري تعميمها على مختلف الأجهزة الأمنيّة للتنفيذ بعدما تعذّر تبليغه أيضاً بجلسة سابقة حُدّدت في 9 آب الجاري كانت الأولى له كحاكم سابق بعد انتهاء ولايته على رأس الحاكمية في 31 تموز الماضي.
في الظاهر رياض سلامة غير معروف محلّ الإقامة، لكنّ معلومات “أساس” تفيد بأنّ الأجهزة الأمنيّة بناء على داتا الاتصالات لهواتفه و”حَرَكتها” تعلم تقنيّاً مكان وجوده، حتى أيام قليلة قبل إغلاقه لهواتفه. بينما تمّ تداول تسريبات عن وجوده داخل المحيط الأمنيّ لمسؤول كبير سابق. الأمر الذي يستبعده قريبون من سلامة.
تنفي مصادر أمنيّة لـ “أساس” أن يكون سلامة غادر الأراضي اللبنانية، مع العلم أنّ القضاء اللبناني صادر جوازَي سفره اللبناني والفرنسي، مشيرة إلى أنّ سلامة ما يزال على الأراضي اللبنانية.
لا قرار سياسيّاً
على الرغم من الحصار القضائي الكامل الذي يتعرّض له رياض سلامة والاتّجاه إلى تعيين قاضي تحقيق جديد مع قرب إحالة القاضي أبو سمرا إلى التقاعد وطلب كفّ يده بعد اعتراضات مباشرة طالت الأخير في سياق إدارته للتحقيقات مع سلامة ومعاونيه، لا قرار سياسيّاً بمداهمة مكان وجود سلامة حتى بعد القرار المرتقب بإصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّه.
يتقاطع هذا الواقع مع تطوّر قضائي من خلال المطالعة التي أصدرها مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات في شأن ما ورد في تقرير التدقيق الجنائي لشركة “ألفاريز إند مارسل” وعمد فيها إلى تجزئة مسؤوليات التحقيق في المخالفات التي أوردها التدقيق بين المدّعي العامّ المالي القاضي علي إبراهيم والنيابة العامّة الاستئنافية في بيروت وهيئة التحقيق الخاصّة “للاطّلاع وإجراء التحقيقات اللازمة”، كما ورد في المطالعة.
رأى مصدر قضائي محايد أنّ هذا التوزيع “يُعرقل التحقيق ولا يسهّله”، مشيراً إلى أنّ “عويدات طلب مساعدة القاضي جان طنوس، الذي استندت التحقيقات الأوروبية إلى خلاصة تحقيقاته في ملفّ سلامة، في دراسة تقرير التدقيق الجنائي والخروج بخلاصات في شأنه. وهذا واضح من خلال تقسيم المخالفات التي تضمّنها التقرير في مطالعة عويدات، لكنّ مدّعي عام التمييز بدلاً من أن يتولّى التحقيق بنفسه، كما تنصّ عليه القوانين، ثمّ يحيل الملفّ إلى الجهات المختصّة للادّعاء، كما حصل في ملفّ سلامة سابقاً، عمد إلى التجزئة بتنسيق مع المدّعي العامّ الماليّ القاضي علي إبراهيم”.