خاص :(الصحافة اللبنانيةlebpress)

ساعات معدودة تفصلنا عن الإقفال… فمن ينقذ طرابلس من لعنة التكرار؟”

بقلم: رئيسة التحرير الاعلامية ساره منصور

ساعات قليلة وتُقفل أبواب الترشيحات للانتخابات البلدية والاختيارية وطرابلس ما زالت غارقة في مشهد ضبابي من الأسماء المتكرّرة والشعارات المستهلكة والوعود الفارغة…
المدينة التي أنهكتها السياسة تتأهّب اليوم لمرحلة جديدة لكنها لا تريد أن تكون مرحلة خديعة أخرى.

نعم، ترشّح المئات وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على تعطّش أبناء المدينة للخروج من ظلمات الانتخابات الماضية تلك الانتخابات التي حرمت المدينة وأهلها من التنعّم بالرخاء والازدهار بسبب المحاصصة والسياسة

لكن من منهم يعرف المدينة حقًا؟
من سأل عن أسواقها المتروكة وأحيائها الغارقة في العتمة؟
من فكّر بكرامة أهلها ببطالتهم بشبابهم المهاجرين قهرًا؟
من فكر بطرابلس التي اصبح نهارها يسوده الظلام وشوارعها بلا حياة؟
طرابلس لا تحتاج مهرجان صور ولا حملة علاقات عامة بل تحتاج رجل دولة لا رجل سلطة

طرابلس لا تريد رئيس بلدية يُعيَّن بتوافق السياسيين لا تريد مجلسًا بلديًا يُكتب اسمه في مكاتب النواب ثم يُمرّر تحت الطاولة في صفقات النفوذ.
لا نريد تدخلاتكم ولا وصايتكم فأنتم من جرّبناكم وفشلتم في كل مجلس وكل وزارة وكل مرحلة

طرابلس تريد رجلًا يخلع عن نفسه عباءة الأحزاب والزعامة والسياسة
رجلًا صادقًا يعرف أن البلدية ليست منصّة للوجاهة بل مؤسسة لإنقاذ مدينة
رجلًا لا يخاف مواجهة الزعماء بل يخاف من خذلان الناس

لكن للأسف ما نراه حتى الساعة هو سباق على الكراسي لا على المشروع
نرى مرشّحين بلا رؤية بلا خارطة طريق بلا أي فهم لما تحتاجه المدينة فعلاً
نراهم يتهافتون على الصورة ولا يعرفون شيئًا عن النبض …
من منهم وقف يومًا أمام نهر أبو علي هذا الجرح المفتوح في خاصرة طرابلس وتجرأ أن يقول: “هنا تبدأ المعركة”.
نهر تُرك ميتًا خانقًا بلا حياة بلا مشروع بلا اهتمام رغم كل الدراسات والوعود.
نهر يُجسّد كل ما لم تنجزه البلديات المتعاقبة وكل ما ضاع في زواريب المحاصصة والتعطيل

فمن سيمنع النفايات من أن تعود إلى الشوارع؟
من سيعيد التنظيم إلى السوق الشعبي؟
من سيحارب الفساد داخل المؤسسات البلدية؟
من سيضع حدًا لعقود من التسيّب والشلل الإداري؟

الجواب ليس في تحالفاتكم… بل في ضمير من يتقدّم
وإن كنتم لا تملكون مشروعًا واضحًا ولا قرارًا حرًّا فانسحبوا
كفى عبثًا بمصير المدينة… كفى استغباءً للناس كفى تكرارًا للوجوه ذاتها

طرابلس لا تريد حمايات سياسية بعد اليوم بل تريد من يحميها بالفعل لا بالكلام تريد من يعيد الحياة إلى نهر أبو علي… لا من يلتقط صورة إلى جانبه ثم يرحل.
ساعات وتمضي الترشيحات كما مضت سنوات من العبث والإهمال ويبقى السؤال الأهم معلقًا في عنق كل مرشح هل أنت مشروع إنقاذ… أم نسخة باهتة من نظام أكل المدينة حيّة؟
طرابلس لا تحتمل تجربة فاشلة جديدة ولا وجوهًا باردة تتقن التمثيل والغياب
هذه ليست انتخابات بلدية فقط إنها معركة هوية وكرامة وحق مدينة بأن تتنفس بعيدًا عن سطوة الزعماء وخنق السياسيين فمن لا يملك مشروعًا لا مكان له بين أهل طرابلس ومن لا يسمع وجعها اليوم، لن يسمع له صوت غدًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى