سيناريو قبل التحرير قد يتكرر… عميدٌ يتوقع انسحاب اسرائيلي مفاجئ؟
يرى الخبير العسكري العميد حسن جوني في حديث إلى “ليبانون ديبايت” أننا أمام موقف غامض فيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي قبل انقضاء مهلة الـ 60 يومًا. فيرجح في سيناريو أولي أن يحصل الانسحاب في اللحظات الأخيرة، لا سيما أن وجود الجيش الإسرائيلي ليس وجودًا في منشآت عسكرية، وبإمكانه الانسحاب خلال ساعات.
ويعتبر أن الضبابية في الموضوع تعود لعدة أسباب: أولاً، لم يصدر موقف رسمي حتى الآن من قبل إسرائيل، وكل ما يأتي هو عبر وسائل الإعلام نقلاً عن مكتب نتنياهو. وبالتأكيد هناك مماطلة وإشاعة جو متعمد من قبل الإسرائيليين من باب الغطرسة ومن باب المماطلة، وربما أيضًا من باب النية فعلاً أن تبقى.
ويشير إلى اتصالات من الإسرائيليين مع الأميركيين من أجل السماح بالبقاء والتمديد، ولغاية اليوم، ليس هناك موقف حاسم من قبل البيت الأبيض حيث لم تتبلغ الدولة اللبنانية بأي أمر على هذا النحو، وبالتالي ليس هناك موقف واضح من قبل الأميركيين. فبالأمس، مثلاً، أعلنوا أنهم سعداء بالانسحاب الإسرائيلي من القطاع الغربي، وفيما بعد أشاروا إلى ضرورة تأجيل الانسحاب. إذاً، نحن أمام ضبابية فيما يتعلق بهذا الموضوع.
ويستخلص أن هذه تُعد علامة فارقة على اعتبار أننا أمام اتفاق واضح، وبالتالي الضبابية ناتجة عن سلوك إسرائيل المعتمد دائمًا. والاتفاق واضح وهو الانسحاب قبل 60 يومًا.
أما السيناريو الثاني، مع انتهاء مهلة الستين يومًا، برأي العميد جوني، فهو أن يبقى العدو الإسرائيلي في مواقع محددة لمدة محددة. وهنا علينا انتظار الموقف الأميركي، الذي قد يكون داعمًا للبقاء ويبرره، وبالتالي يطرح السؤال: ما موقف الدولة اللبنانية؟
ويلفت إلى أنه يوجد اليوم رئيس للجمهورية يحظى بثقة المجتمع الدولي والعربي، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، سائلاً: فهل سيطلب من الدولة اللبنانية القبول بهذا التطور؟ وهل ستقبل؟
ويعتقد في هذا الإطار أن الدولة لن توافق، لأن التساهل مع بقاء الجيش الإسرائيلي يومًا واحدًا أو شهرًا قد يفتح المجال للمماطلة أكثر فأكثر مع العدو الذي لم يحترم يومًا المواثيق والقرارات الدولية.
وهنا يتوقع العميد جوني أن نكون أمام مشهد من المقاومات ومن المقاومة الشعبية، وليس بالضرورة حزب الله.
أما عن التهديد بدخول الأهالي إلى القرى، فيعتبره حالة عاطفية لا تؤدي إلى شيء إيجابي، وإنما تعرقل، وكان هناك طلب وتوجيهات من قبل الجيش بعدم الاقتراب إلى هذه القرى. وما يغير بالواقع الأمني هو بدء عمليات مقاومة غير متبناة قد تكون من قبل أهل القرى، مذكّرًا أنه سبق أن أصدر بعض الأهالي بيانًا منذ حوالي أسبوعين، وأعربوا فيه عن نيتهم بالمقاومة إذا بقي الاحتلال في الجنوب. واضح في هذا الإطار، من وجهة نظر عسكرية، أن مقاومة الوحدات الإسرائيلية في الجنوب لا تحتاج إلى تنظيم عسكري كبير وواسع، فهي عملية جد بسيطة. والمفارقة هي أنه قد تكون هذه المقاومة غير متبناة من أحد، وهنا سيكون الجيش الإسرائيلي أمام تحدٍ كبير في هذا الموضوع.
أما عن احتمال اندلاع مواجهة مع حزب الله، لا يعتقد العميد جوني أن حزب الله سيعود إلى الحرب، رغم تهديداته، ويستبعد ذلك لعدة أسباب. أولاً، هو بحاجة إلى التعافي وهو الآن في حالة لملمة جراح، وانتشال جثامين ودفن شهداء. والسبب الآخر أن حزب الله لن يخرج عن قرار الدولة، لأنه على لسان أمينه العام أوكل الأمر إلى الدولة، ورئيس الجمهورية تحمل أيضًا هذه المسؤولية بخطاب القسم عندما أعلن أن الدولة وحدها هي المسؤولة عن إزالة الاحتلال، وبالتالي لا أعتقد أن حزب الله سيعود إلى القتال بهذا الشكل. ولكن لا أعتقد أن يمر الأمر بسلام في حال بقي الإسرائيلي في الجنوب. نحن أمام سيناريو قريب جدًا لما كان قبل التحرير.
وكما يعبر العميد جوني، كان يتوقع دائمًا الانسحاب، وحتى الآن، رغم كل هذه المواقف التي تشير إلى بقائه وتعلن عن نواياه، فما زال يتوقع أن يحصل الانسحاب بشكل مفاجئ وسريع. فمن ناحية العقل، برأيه، لا مصلحة للإسرائيلي بالبقاء، ولم يعد هناك جدوى عملية من بقائه. فالمنطقة مدمرة بالكامل، والبنى التحتية بأكملها دُمرت، مراكز قتال الحزب وكل ذخائره ومستودعاته دُمرت بالكامل، وحتى القرى دُمرت، وبالتالي ما الجدوى من هذا البقاء؟
أما فيما يتعلق بمسألة مراقبة المنطقة، فيقول: يمكن مراقبتها عن بعد بواسطة وسائلها التكنولوجية، وبالتالي لماذا إحراج المجتمع الدولي وأميركا والدول الداعية إلى الانسحاب، ولماذا الظهور بمظهر المتخلف عن التوقيع أو النكث بالعهود؟ فمخاطر البقاء أكثر بكثير من جدوى البقاء.
ويشدد على أنه بخطوته هذه لن يستطيع العدو إعادة سكان الشمال، حيث ستكون عودتهم مهددة إذا بقي هو في الجنوب اللبناني. فهذا تلقائي، فيكفي أن يصدر بيان واحد من جهة سرية أو وهمية يفيد بأنه ينصح سكان الشمال بعدم العودة قبل انسحاب إسرائيل، لأن هذه أراضيهم ستتعرض لإطلاق صواريخ. فيكفي ذلك لعدم عودتهم. إذاً، كل هذا الاستقرار مهدد اليوم بمجرد أن يقرر الإسرائيلي البقاء في منطقة لا لزوم ولا جدوى من البقاء فيها. لذا، أرجح انسحابه.