غموض مطلق على أموال “حقوق السحب الخاصة” .. فكيف أهدرت الحكومة مليار دولار خلال عامين؟
في العام ٢٠٢١ وزع “صندوق النقد الدولي” أكبر مبلغ من مخصصات “حقوق السحب الخاصة” في تاريخه، إذ فاقت قيمتها ضعف تلك الممنوحة في العقود الخمسة الماضية مجتمعة. وقد حصل الشرق الأوسط على نحو 7 في المائة من مخصصات آب2021 ومن ضمنها لبنان الذي بلغت حصته مليارا و ١٣٩ مليون دولار.لكن كما جرت العادة في لبنان تُهدر الاموال وتُهدر الفرص لانقاذ ما يمكن انقاذه في هذا البلد المنهار فمنذ تلقّي لبنان نصيبه من حقوق السحب الخاصّة التي وزّعها صندوق النقد الدولي، في شهر أيلول من العام ٢٠٢١، خيّم الغموض المطلق على هذه الأموال. ولم تتضح وجهة الإنفاق المُخطط لها، ولا رصيدها الفعلي في أي شهر من الأشهر، ولا حتّى كيفيّة قيدها داخل ميزانيّة مصرف لبنان، الذي تم إيداعه هذا المبلغ بوصفه “مصرف الدولة.هذا مع العلم بأن حكومة ميقاتي اوردت في بيانها الوزاري الفقرة التالية ( “إقرار أفضل طريقة لاستعمال الأموال المتأتية من حقوق السحب الخاصة بما يؤمن الاستفادة منها بشكل مستدام.”) اي انها تعهدت بعدم هدر اموال حقوق السحب الخاصة والمحافظة عليها لكن الذي حصل ويحصل لا يدل على ان هذه الحكومة أوفت بعهدها لان الحقيقة انه لم يتبق من المليار و ١٣٩ مليون دولار الا ١٢٥مليون دولار .وحقيقة الأمر اننا لا نعرف أين وكيف صُرفت كما يقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الذي أشار في حديث للديار الى أن حقوق السحب الخاصة التي أخذها لبنان نتيجة حصته من صندوق النقد الدولي وصلت قيمتها الى مليار و ١٣٩ مليون دولار، وهذه الاموال دخلت في حساب خزينة الدولة لدى مصرف لبنان في ١٦ ايلول ٢٠٢١ اي بعد ستة ايام من تشكيل حكومة نجيب ميقاتي الحالية .واذ لفت شمس الدين الى ان حكومة ميقاتي اوردت في بيانها الوزاري فقرة تؤكد فيها أن هذه الأموال لن تمس الا لتعزير الاستقرار ومشاريع لديها طابع الاستدانة قال تبين بعد مرور سنتين على تشكيل هذه الحكومة وعلى الحصول على هذه الحصة من صندوق النقد ان هذا المبلغ تبخر ولم يبق منه الا نحو ١٢٥ مليون دولار كما ذكر تقرير لمصرف لبنان .واشار شمس الدين الى ان اكثر من مليار دولار صرفت خلال هذه السنتين بمعدل ٥٠٠ مليون دولار في السنة.ورداً على سؤال اين صُرفت هذه الاموال قال شمس الدين هناك اموال صرفت على الادوية المستعصية وتسديد بعض المستحقات واحياناً ثمناً لبعض الطحين لكن يضيف شمس الدين هناك اموال صُرفت من دون وجه حق وليس واضحاً وغير معروف كيف صُرفت ومن الممكن ان تكون صُرفت لتسديد مشتريات بالدولار غير ضرورية و غير أساسية.ووفق شمس الدين لمزيد من الشفافية يجب ان تُصدر الحكومة اللبنانية بياناً تكشف به للشعب اللبناني وللرأي العام أين وكيف صرف المليار دولار خلال سنتين من اجل تبرير وجهة صرفهم، وكيلا تكون متهمة بهدر هذه الاموال التي كان من الممكن ان تُستخدم لإنشاء معامل للكهرباء او إنشاء شيء للنقل العام او مشاريع ذات طابع استدانة ولحاجة ملحة او مهمة وليس على أشياء عادية ويومية .وهذا الامر كما يقول شمس الدين يضع الحكومة والوزراء تحت المحاسبة لأنهم تعهدوا في البيان الوزاري بالا تُصرف الاموال من غير وجه حق وإذ بنا نجد انه صُرفت خلال سنتين ولا نعرف اين صُرفت.واذ تساءل شمس الدين كيف أهدرت الحكومة مليار دولار خلال عامين اشار الى ان الكلام على الأدوية غير صحيح لأن تكلفة كل الأدوية خلال سنة واحدة تبلغ حوالى ٦٠ مليون دولار اي خلال سنتين حوالى ١٢٠ مليون دولار.وبناءً على هذه المعطيات يرى شمس الدين ان هناك مشكلة وعدم شفافية في موضوع صرف اموال حقوق السحب الخاصة ولذلك يقترح حلاً وهو ان تُصدر الحكومة بياناً توضح فيه أين صُرف المليار دولار خلال سنتين والا فهذه الحكومة تُعتبر مُدانة لهدر هذه الأموال بعدما تعهدت في بيانها الوزاري ان تحافظ عليها .ووفق ما تسرب لشمس الدين أنجزت الحكومة الكشف الذي نطالب به حتى تاريخ ٣١ -٧-٢٠٢٣ وتبين فعلياً ان المبلغ المصروف هو مليار و ١١٤مليون و ٥٠٠ الف دولار والمبلغ المتبقي هو ١٢٥ مليون و ٤٠٠ الف دولار.هذا الكشف الذي هو موضوع شك كما يقول شمس الدين جاء البند الأول فيه الأدوية المستعصية التي صُرف عليها ٤٧٨ مليون معتبراً ان هذا الرقم كبير جداً لأن كل استيراد لبنان من الادوية يبلغ ٤٠٠ مليون دولار.وكشف شمس الدين نقلاً عن التقرير الصادر عن الحكومة عن صرف ٥٧ مليون دولار لصيانة الكهرباء و ٩٨ مليون دولار قرض لشركة كهرباء ومازوت للكهرباء وفيول بقيمة ٧٠ مليون دولار وقمح بقيمة ١٣٤ مليون دولار مستغرباً كيف تم صرف هذا المبلغ على القمح مع ان لبنان حصل على قرض من البنك الدولي .ويتابع شمس الدين هناك قروض لوكالة التنمية الفرنسية وقروض أخرى بقيمة ١٢١ مليون دولار تم تسديدها كما هناك ٧ مليون دولار لوزارة الاشغال اضافة الى عمولة لحقوق السحب الخاصة بقيمة ٣٥ مليون دولار، واللافت انه ورد ضمن النفقات ١٣ مليونا و٢٠٠ الف دولار ثمناً لجوازات السفر و الأمن العام اعلن انه بانتظار تحويل الاموال من مصرف لبنان فلماذا انتظرنا سنة من دون جوازات سفر بانتظار مصرف لبنان ما دام في نهاية الامر تم صرفها من حقوق السحب الخاصة.ويختم شمس الدين بالقول هذا الكشف الذي تسرب لنا من الحكومة يجب ان يكون موضع تدقيق وبحث لأنه برأيي هناك مبالغة في هذه الارقام كما هناك نفقات غير مذكورة وبالتالي هذا البيان يجب ان يكون موضع تدقيق وتفصيل في كل بند من بنوده ولا نكتفي بايراد هذه البنود العشرة التي صُرف عليها مبلغ المليار و ١١٤ مليون دولار.