فرنسا تتّهم ابن شقيق رياض سلامة بالانتماء إلى “عصابة أشرار”: شراء عقارات في باريس بأموال مشبوهة!
قرار الاتهام الفرنسي يأتي ليبدّد الأجواء السائدة في بيروت حول إغلاق الملف في فرنسا ودول أوروبية أخرى تارة، وخلوّه من أية معطيات جدية تارة أخرى، والتي تستند في مجملها إلى معلومات تروّج لها أطراف سياسية ومصرفية، فضلاً عن بقاء رياض سلامة، المطلوب دولياً بموجب مذكرات توقيف بحقّه، بعيداً من أية محاولة ملاحقة جدّية من القضاء اللبناني، وبحماية كاملة من المنظومة السياسية.
بعد عشرة أشهر على إصداره مذكرة توقيف في حق حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وجّه القضاء الفرنسي اتهامات عدة الى إميل رجا سلامة، ابن شقيق رياض سلامة. وبذلك، ينضمّ، بحسب مصدر قضائي مطلع، الى والده رجا وآخرين في مواجهة تهمة الانتماء الى “عصابة أشرار” وعمليات تبييض أموال وسرقة مال عام وخرق خطير للثقة، وهي تهم تصل عقوبتها إلى عشر سنوات سجن.
المصدر القضائي أكد لـ”مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظّمة والفساد” (OCCRP)، أن القرار الاتهامي صدر في 12 آذار/ مارس، بعد استجواب إميل سلامة، ما ينفي تصريح رياض سلامة لوكالة رويترز، والذي قلّل فيها من أهمية التحقيق واصفاً الاتهامات بأنها “أنباء مزيّفة”، ومكرراً بذلك مواقفه المشكّكة في صلاحية التحقيق الفرنسي. علماً أن رياض سلامة سعى الى إطاحة التحقيق الفرنسي عبر دفع نحو 20 مليون يورو لتغيير القاضي، بحسب تحقيق نشره موقع Mediapart في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي.
استجواب إميل سلامة، يوسّع رقعة المتّهمين من القضاء الفرنسي، الذي سبق أن أصدر قرارات اتهامية بحق رياض سلامة وابنه ندي ومساعدته ماريان الحويك وصديقته آنا كازاكوفا والمصرفي مروان خير الدين، في قضية سرقة مئات الملايين من الدولارات من المصرف المركزي، استُخدمت لشراء عقارات في فرنسا ودول أوروبية أخرى، وهو ما كشفه تحقيق استقصائي نشره “درج” بالتعاون مع OCCRP في العام 2020.
قرار الاتهام الفرنسي يأتي ليبدّد الأجواء السائدة في بيروت حول إغلاق الملف في فرنسا ودول أوروبية أخرى تارة، وخلوّه من أية معطيات جدية تارة أخرى، والتي تستند في مجملها إلى معلومات تروّج لها أطراف سياسية ومصرفية، فضلاً عن بقاء رياض سلامة، المطلوب دولياً بموجب مذكرات توقيف بحقّه، بعيداً من أية محاولة ملاحقة جدّية من القضاء اللبناني، وبحماية كاملة من المنظومة السياسية.
محامي إميل سلامة، ستيفان دي نافاسيل Stephane de Navacelle، لم يجب لا نفياً ولا تأكيداً عن أسئلة فريقنا، واكتفى بالقول إن موكّله التزم مساعدة المحققين وسيستمر في تقديم المساعدة، وأنه متأكد من أن التحقيقات ستثبت أن لا علاقة له بأي أعمال مخالفة للقوانين. وقال دي نافاسيل أيضاً، إن موكّله استُجوب ضمن اطار تحقيق في قضايا تعني آخرين، ولا علاقة له بها.
زينة واكيم، مؤسِّسة منظمة Accountability Now، قالت في مقابلة لـ”درج”، إن ارتباط إميل سلامة بأعمال والده وعمّه موثّقة في الخارج وفي لبنان أيضاً، مشيرة الى علاقة مباشرة بين إميل سلامة ومصرف لبنان عبر شركة MCS، التي قامت بإدارة عقارات لصالح مصرف لبنان.
تقول المعلومات المتوافرة إن توجيه التهم الى سلامة جاء على خلفية شراء عقارات، من بينها عقاران في باريس، تم شراؤها بأموال مشبوهة حصل عليها من والده، فضلاً عن شبهات بعمليات مالية قام بها لصالح والده بموجب توكيل من الأخير، لإدارة عقارات في فرنسا ولبنان بحسب معطيات من التحقيق الفرنسي اطّلعنا عليها.
شقق في باريس وشركات عقاريّة في بريطانيا
صباح الـ21 من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، عند الساعة السابعة والربع صباحاً تحديداً، فتحت ندى بستاني، زوجة رجا سلامة، باب شقّتها الباريسية الكائنة في الطابق الأول في مبنى فاخر من شارع Victor Hugo في الدائرة السادسة عشرة، لتجد أمامها عناصر من الشرطة مزوّدين بمذكرة تفتيش. زوجها وابنها إميل المقيم في لندن، كانا أيضاً في المنزل. في ذلك اليوم، صادر عناصر الشرطة وثائق، من بينها مفكرة وملفات وُجدت على مكتب وداخل خزانة في غرفة النوم.
آنذاك، رافق رجا سلامة المحققين الى مركز الشرطة، حيث استُجوب على مدى ساعات. وتمحورت الأسئلة في غالبيتها حول العقارات التي يملكها سلامة وزوجته ندى (بستاني) وأبناؤه ريا وإميل وكريم، وعن مصادر تمويل هذه العقارات وعلاقتها بشركة “فوري”.
من بين العقارات التي سُئل عنها، شقة ثانية واستوديو ومنتفعات أخرى في المبنى ذاته في شارع Victor Hugo، سُجِّل جزء كبير منها بإسم الأبناء بعد شرائها بقيمة 3575000 يورو دُفعت نقداً. ولدى سؤاله عن مصدر هذه الأموال، قال سلامة إنه حصل على قرض من مصرف لبناني هو “بنك مد” BankMed، أما الحصص التابعة لأبنائه فهم اشتروها عبر قروض حصلوا عليها من المصرف نفسه وكان هو كفيلهم.
هذه الشقة واحدة من عشرات عقارات أخرى يملكها الأخوان سلامة وزوجتيهما وابنائهما كان قد تم تجميدها من قبل القضاء الفرنسي مع بدء التحقيق في العام 2021.
التهم التي وجهت الى إميل سلامة وهو حامل للجنسية البريطانية ومقيم في لندن، قد تتجاوز موضوع ملكيته لعقارات في فرنسا لتطال ارتباط هذه العقارات بنشاط شركات عقارية قام بإدارتها بعد تأسيسها منفرداً وبالشراكة مع والده.
من بين هذه الشركات:
Black River Properties LTD
وWhite River Properties LTD
وBlue River Properties LTD
وهي شركات تم تأسيسها في لندن وتملكت عقارات في مناطق راقية
وتمتلك فيما بينها عقارات بعشرات ملايين الجنيهات الاسترليني تم تمويل أغلبها عبر قروض من دون فوائد مصدرها شركة يملكها رجا سلامة في جزر العذراء البريطانية وهي East Fifteen Investments Ltd.
محاولة فكفكة العلاقة المالية والتجارية بين عشرات الشركات التي يملكها أفراد عائلة سلامة مع قراءة وتحليل التقارير المالية لهذه الشركات مهمة ليست سهلة فضلاً عن حاجتها لكثير من الوقت، وهي وان كانت حتى الآن غير كافية لاصدار أية احكام قانونية، ولكنها على الأقل تظهر الي أي حد وصل الحاكم وشركاؤه في إثراء انفسهم وان على حساب الملايين من المودعين.
الملفت هو قدرة هولاء على التنصل. فلدى سؤاله من قبل قاضي التحقيق عن التضارب في المصالح بسبب الأموال التي حققتها شركة فوري التي يملكها عبر عقودها مع مصرف لبنان الذي كان يديره شقيقه (والتي تقدر بـ ٣٢٠ مليون دولار)، رد رجا سلامة قائلاَ انه لا يملك ما يمكنه على الأجابة على هذا السؤال، الذي يجب ان يوجه الى الممثل عن المصرف المركزي.
المصدر : موقع الدرج