في ظل تصاعد الصراع في الشرق الأوسط…ما مصير الاقتصاد العالمي؟
تصعيد غير مسبوق في الشرق الأوسط تبعاته الاقتصادية قد تصل إلى كل أنحاء الكرة الأرضية. بدأ التصعيد بعد سقوط صاروخ في مجدل شمس أسفر عن مقتل 12 طفلاً، ألقت فيه إسرائيل بالمسؤولية على حزب الله، لكن الحزب نفى.
ردت بعد ذلك إسرائيل باغتيال فؤاد شكر القيادي في حزب الله بقلب العاصمة اللبنانية، بيروت. وبعد 12 ساعة قامت إسرائيل باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية، طهران، في ثاني توغل لإسرائيل داخل الأراضي الإيرانية.
هذا التصعيد وضع المنطقة في حالة تأهب تام، حيث توعد كل من حزب الله وإيران بالرد على إسرائيل، مما قد يدخل المنطقة في حرب شاملة من عدة أطراف قد تنجر إليها إيران والولايات المتحدة.
للتصعيد تداعيات اقتصادية كبيرة، ليس فقط على دول الصراع بل على العالم بأسره. ينتج الشرق الأوسط ثلث إنتاج النفط العالمي ويملك أكثر من نصف احتياطي النفط في العالم. أما بالنسبة للغاز الطبيعي المسال، فيساهم الشرق الأوسط بنسبة 16 بالمئة من الإنتاج العالمي، وتملك إيران وحدها 17 بالمئة من احتياطي الغاز العالمي.
استفادت أسعار النفط من التصعيدات ووصلت الارتفاعات إلى حوالي 4 بالمئة خلال 30 ساعة بعد اغتيال هنية في طهران، وارتفع خام برنت حوالي 5.6 بالمئة منذ بداية العام الجاري. لكن هذه الارتفاعات ستزيد بدورها أسعار الكثير من القطاعات المتعلقة بشكل مباشر بالنفط، مثل السيارات والنقل والطيران والدهانات والإطارات والأسمنت والمواد الكيميائية.
لا تقتصر التداعيات على إنتاج الطاقة فقط، بل تؤثر أيضاً على سلاسل الإمداد العالمية. تربط منطقة الشرق الأوسط الشرق بالغرب، حيث يتدفق 11 بالمئة من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، منها 12 بالمئة من إجمالي تجارة النفط العالمية المنقولة بحراً و8 بالمئة من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية. ومن جهة أخرى، قد تؤدي هذه التداعيات إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي يعد أهم نقطة عبور للنفط في العالم، إذ يمر عبره 25 بالمئة من تجارة النفط البحرية عالمياً و20 بالمئة من تجارة الغاز.
حجم الاضطرابات المتداخلة في الشحن البحري في ممرين رئيسيين للتجارة البحرية العالمية، له عواقب بعيدة المدى ليس فقط على أسواق الطاقة بل أيضاً على التضخم والأمن الغذائي العالمي. مع تأثر سلاسل الإمداد العالمية بسبب هجمات البحر الأحمر، أدى تغير مسار التجارة البحرية من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح إلى زيادة أسعار الشحن البحري بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين مما يؤدي إلى زيادة أسعار السلع وبالتالي بقاء التضخم مرتفعاً لمدة أطول.
يأتي هذا بالتزامن مع اجتماع الفيدرالي الأميركي الذي ثبت فيه معدلات الفائدة عند مستوى يتراوح بين 5.25 و5.50 بالمئة وهو أعلى مستوى في 23 عاماً وللاجتماع الثامن على التوالي في تموز 2024. وقد لمح رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى أن تخفيض معدلات الفائدة قد يأتي في اجتماع سبتمبر المقبل، مما قد ينعش الاقتصاد الأميركي، ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم بعد الصين، وهذا قد يزيد طلب أميركا على النفط خلال العام المقبل.
تأثيرات متعددة الجوانب من دورها أن تغير مسار السياسة النقدية ما إن استمرت التصعيدات الجيوسياسية، وسيصل صدى التداعيات الاقتصادية إلى كل شخص على وجه الكرة الأرضية.
المصدر: “سكاي نيوز عربية”