أمن وقضاء

قرار قضائي يتعلق بالصيادلة!

يتذكر اللبنانيون جميعاً الحملات والمداهمات التي قامت بها الأجهزة الأمنية منذ عدة سنوات للسوبرماركات وللمحلات التجارية ولشركات الأدوية والصيدليات على خلفية التلاعب بأسعار الأدوية واحتكارها كما واحتكار بعض التجار للمواد الأساسية والتلاعب بأسعارها، مستغلين تفشي جائحة كورونا ودعم مصرف لبنان لعدد من السلع الأساسية بالاضافة الى الأدوية،
حينها ادعت النيابات العامة على التجار وعلى الصيادلة سنداً للمواد المنصوص عنها بالمرسوم الاشتراعي رقم 73/1983، المتعلق بحيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها، علماً ان هذا المرسوم الاشتراعي قد وُضِعَ خصيصاً لمكافحة الاحتكارات والمضاربات غير المشروعة والتلاعب بالأسعار من قِبَل التجار ابان الحرب الأهلية اللبنانية، الا أنه وبسبب الأزمات التي عصفت بلبنان مؤخراً عادت النيابات العامة لتعيد تفعيل المرسوم الاشتراعي المذكور أعلاه لردع المحتكرين والمخالفين وتحيلهم الى محكمة استئناف الجنح في المحافظة التي وقَعَت فيها المخالفة،وتُعرَف بمحكمة الغش التي تطبق بشأن هذه المخالفات أصول المحاكمات الموجزة وتكون أحكامها غير قابلة للمراجعة.
غير أنه صدرَ مؤخراً حكم قضائي عن محكمة استئناف الجنح في جبل لبنان – جديدة المتن، اعتبرَت فيه المحكمة أنه لا يمكن تطبيق مواد المرسوم الاشتراعي رقم 73/1983 على الصيادلة، وذلك بعد أن تقدم المحاميان بول كنعان وأمين عبدالكريم بمذكرة طلبا من خلالها رد الدعوى شكلاً سنداً للفقرة الأولى من المادة /73/ أ.م.ج واعلان عدم اختصاص المحكمة للنظر بالدعوى الراهنة باعتبار ان المادة /6/ من المرسوم الاشتراعي رقم 73/1983 أعطت وزير الاقتصاد والتجارة الحق في تعيين الحد الأقصى لبدل الخدمات ولأسعار بيع السلع والمواد والحاصلات وهذه المادة لم تأتِ على ذكر وزير الصحة العامة كما انها لم تذكر الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث أن الأدوات الطبية والأدوية لها كيان خاص والسلطة الرقابية عليها هي وزارة الصحة العامة وفقاً لأحكام المادة /53/ لا سيما الفقرة السادسة وسنداً للمواد /80/ و/82/ و/84/ من القانون رقم 367/1994 المتعلق بمزاولة مهنة الصيدلة،

وقد قضت المحكمة بابطال التعقبات الجارية بحق الصيدلاني المدعى عليه سنداً لمواد المرسوم الاشتراعي رقم 73/1983 لعدم جواز تطبيق مواده على الصيادلة، حيثُ عللت المحكمة أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة صادر بتاريخ لاحق للمرسوم الاشتراعي رقم 73/1983 وقد نظم بشكل مفصل وواضح ودقيق مسألة مزاولة مهنة معينة مع كافة التفاصيل والاجراءات والأعمال والتصرفات والحقوق والواجبات المتعلقة بتلك المهنة وعالج جميع المخالفات التي يمكن أن تُرتَكَب من قِبَل الصيدلي، كما اعتبرَت المحكمة أن قانون مزاولة مهنة الصيدلة هو قانون لاحق للمرسوم الاشتراعي رقم 73/1983 وبالتالي هو قانون خاص يتقدم بالتطبيق على القانون العام.
وبذلك، يكون الحكم الصادر عن محكمة استئناف الجنح في جبل لبنان – جديدة المتن، قد فصل بمسألة أساسية ومهمة تخص الصيادلة، وأعطى الصيدلي حقوق اضافية، كوجوب التزام المحاكمبالقانونالخاص المتعلق بمزاولة مهنة الصيدلة، كما واعطاء الصيدلي الحق بالمحاكمة على عدة مراحل بعكس سائر التجار الذين لا يمكنهم الطعن بقرارات محكمة الغش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى