خاص :(الصحافة اللبنانيةlebpress)

كابوس يقضّ مضاجعنا …هل تتحول ليلة رأس السنة إلى كارثة تؤرق اللبنانيين؟

بقلم رئيسة التحرير : الاعلامية ساره منصور

في كل عام، ننتظر ليلة رأس السنة بقلوب مليئة بالأمل، نتمنى أن تكون بداية جديدة، وأن نودع الماضي بكل ما فيه من صعوبات وأحزان، لنستقبل عامًا جديدًا يحمل في طياته الفرح والسلام.

لكن، ماذا إذا تحولت تلك اللحظات التي كان من المفترض أن تكون مليئة بالأمل إلى كابوس يقض مضاجعنا؟ ماذا إذا كانت رأس السنة في لبنان لا تحمل سوى الخوف والدماء والذكريات الحزينة؟

في لبنان لم يعد المواطن يشعر بالدهشة عندما يرى أسعار السلع تتصاعد قبل مناسبة رأس السنة لأنه أصبح متعودًا على الارتفاعات الجنونية للأسعار، التي لا تميز بين المناسبات أو الأيام العادية لكن ما يؤلم القلب حقًا هو هذا الاستعراض المروع الذي يحدث في سماء لبنان، حين تُطلق الرصاصات العشوائية في الهواء وكأنها تعبير عن الفرح بينما هي في الواقع تزرع الألم والدمار.

كم من مرة وأنت تحتفل مع أحبائك، شعرت بشبح الرصاص يمر فوق رأسك، كتهديدٍ مباشر لحياتك؟

كم من مرة، وبينما كنت تمشي في شوارع مدينتك المزدحمة، تذكرت أن تلك الرصاصات قد تكون هي ما يفصل بينك وبين الحياة؟ في تلك الليلة، يصبح كل شيء مخيفًا، وكل خطوة تحمل في طياتها احتمالًا لألم مفاجئ أو فقدان عزيز. فبدلاً من أن نحتفل بالحياة، نجد أنفسنا نعيش في حالة من الخوف والذعر، نتيجة تصرفات طائشة لا يمكن تبريرها.

وفي كل مرة يُطلق فيها الرصاص في الهواء، يكون هناك ضحية إن لم تكن حياتها مهددة، فثمنًا ماديًا قد يدفعه أفراد من عائلات عاشت أملًا لم يكتمل. تخيل كم من الأرواح تُزهق بسبب هذه الرصاصات، وكم من العائلات التي تفقد أحبائها في لحظة كانت قد تمنت فيها أن يحتفلوا معًا.

أما الأطفال فما ذنبهم أن يعيشوا في خوف كلما جاء موسم الاحتفالات؟

ما ذنبهم أن يتنفسوا هواءً مليئًا بالرصاص بدل أن يكون هواءً مليئًا بالحب والفرح؟

وعندما يُصاب شخص بريء أو تُهدم ممتلكات جراء هذه الطلقات لا يمكن أن تُعوّض الأضرار المادية. حتى أن البعض قد يفقد مصدر تدفئته أو ماءه بسبب طلقات عشوائية… لا أحد يتخيل أن الرصاص الذي يُطلق في الهواء يمكن أن يتسبب في حرمان عائلة من التدفئة في فصل الشتاء أو تدمير زجاج منزلهم، أو حتى تدمير أحلامهم الصغيرة التي كانوا يبنونها معًا.

رغم كل التحذيرات ورغم كل التوعّيات التي تطلقها وزارة الداخلية ورغم القوانين التي تمنع هذا التصرف المتهور، يبقى الرصاص العشوائي يشكل خطرًا مستمرًا.

لماذا؟ لأن البعض يعتقد أن الفوضى يمكن أن تكون جزءًا من فرحتهم، بينما هي في الواقع جزء من معاناتنا المستمرة. هؤلاء الذين يُطلقون النار في الهواء لا يدركون أنهم يحملون على أكتافهم دماء الأبرياء الذين كانوا في مكانهم في لحظةٍ ما، يحتفلون بحياتهم، تمامًا كما فعلوا هم.

ماذا عن عذاب الضمير الذي سيلاحق كل من أطلق رصاصة عشوائية؟ ماذا عن الأحزان التي لا تنتهي؟ ماذا عن الألم الذي لا يمكن أن يُنسى؟ لا شيء يمكن أن يبرر هذا الفعل الطائش الذي لا يعبّر عن الفرح، بل عن الغضب والتهور، ويجب أن نتوقف عنده.

إذا أردنا أن نحتفل بحياة جديدة يجب أن نبدأ بالاعتراف بأن سلامة الآخرين أهم من كل شيء. يجب أن نفهم أن الفرح الحقيقي لا يأتي من إطلاق الرصاص، بل من تبادل المحبة والسلام، من لقاء الأحبة، من الابتسامة التي تُهدى في ليلة رأس السنة، وليس من دماء تُسفك في لحظة طيش.

فلنحتفل بعيد رأس السنة بما يليق بالحياة، بحبّ وأمان، ولنقف جميعًا ضد هذا الطيش الرصاصي الذي يهدد حياتنا ومستقبلنا. لنُرِح أرواحنا وأرواح الآخرين من هذا الكابوس الذي لا يجب أن يتحقق في أيامنا القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى