دولي

كيف تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها دون مساعدة أميركا؟.. تقرير لـ”Financial Times” يُجيب

ذكرت صحيفة “Financial Times” البريطانية أن “المسؤولين الأوروبيين باتوا أقرب إلى حقيقة سبق للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أكد عليها منذ فترة طويلة، وهي أن الولايات المتحدة لم تعد تريد أن تكون الضامن الأساسي للأمن سواء لأوكرانيا أو القارة ككل. وعاد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث وأكد على الأمر الأسبوع الماضي في خطاب ترك العديد من الأوروبيين في حالة من الذهول، حيث حذر الشركاء من افتراض أن الوجود العسكري الأميركي في أوروبا سيكون “إلى الأبد”. وقال جاك واتلينغ، زميل بارز في مؤسسة رويال يونايتد سيرفيسز البحثية في لندن: “ما قاله هيغسيث غير مريح للغاية. ولكن إذا أجبرت الولايات المتحدة أوروبا على تنظيم أمورها، فقد يكون هذا بمثابة الدفعة التي نحتاج إليها”.”

وبحسب الصحيفة، “فإنه على رغم أن ترامب ليس الرئيس الأميركي الوحيد الذي ينتقد حلفاءه في الناتو، إلا أنه أول من أجبر أوروبا على التفكير بجدية في ما يجب عليها فعله إذا سحبت الولايات المتحدة درعها الدفاعي. وتشعر دول الجناح الشرقي لحلف الناتو بقلق خاص من نجاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تأمين انسحاب القوات الأميركية من أراضيها. وعلى رأس قائمة “المهام” الأوروبية كيفية زيادة الإنفاق الدفاعي، وتحسين الدفاع الجوي، واستبدال المعدات اللوجستية وغيرها من المعدات التمكينية التي يوفرها الجيش الأميركي، وكذلك كيفية تحسين جاهزية القوات الأوروبية والحفاظ على رادع نووي فعال. كما وإن أكثر مظاهر الإلحاح الأوروبي علنية هي المناقشات حول إعادة تسليح الدفاع، والتي تسارعت بشكل كبير في الأيام الأخيرة، مع تركيز المحادثات على كيفية زيادة الميزانيات العسكرية الوطنية وإيجاد آليات مالية جديدة لتجميع الأموال للمشاريع المشتركة”.  
معاناة أوروبا
وتابعت الصحيفة: “قال مسؤولون في حلف شمال الأطلسي إن أوروبا تعاني أيضاً من نقص حاد في الذخائر البعيدة المدى ومنصات اللوجستيات العسكرية الجماعية. ووفقاً لكاميل غراند، المسؤول الكبير السابق في حلف شمال الأطلسي والذي يعمل الآن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن حصول أوروبا على هذه الأصول الاستراتيجية سيكون “أعظم عامل تغيير”، حيث ستتمكن أوروبا من القيام بكامل المهام العسكرية تقريباً، دون مساعدة الولايات المتحدة. وقال ثيو فرانكن وزير الدفاع البلجيكي للصحيفة إن غالبية أنظمة الدفاع الرئيسية في أوروبا من إنتاج الولايات المتحدة. وأضاف: “عندما نتحدث عن طائرات إف-35… وعندما نتحدث عن أنظمة صواريخ أرض-جو، فهي أميركية بالكامل تقريبًا”. وقال الوزير إنه عندما يتعلق الأمر بطائرات الهليكوبتر الثقيلة، فإن طائرات شينوك المصنوعة في الولايات المتحدة هي الخيار الأفضل، مضيفًا أن طائرة مماثلة طورها الاتحاد الأوروبي، وهي NH90، كانت “مروعة”.”
وأضافت الصحيفة، “ثم هناك الحرب في أوكرانيا. لقد خلص الزعماء الأوروبيون الذين اجتمعوا في باريس يوم الاثنين لمناقشة كيفية الاستجابة لمحادثات السلام بين الولايات المتحدة وروسيا إلى أن الدعم الأميركي ضروري لأي نشر لقوة حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا. وقال جون هيلي وزير الدفاع البريطاني يوم الثلاثاء: “يتعين على الدول الأوروبية أن تلعب دوراً قيادياً… لكنها تحتاج إلى دعم من الولايات المتحدة”. أما التحدي فهو أنه ولمدة 80 عامًا تم تجميع الجيوش الأوروبية وتدريبها على الاعتماد على الدعم الأميركي، واستبدال ذلك سيستغرق وقتًا بالإضافة إلى مليارات اليورو. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا هو ما الذي يجب فعله إذا سحبت الولايات المتحدة فجأة بعضًا أو كل قواتها البالغ عددها 90 ألف جندي والمتمركزة في أوروبا”.
وبحسب الصحيفة، “قال المسؤولون والمحللون إن الخطر الأكثر إلحاحًا هو إذا سحب ترامب 20 ألف جندي أميركي أرسلهم سلفه جو بايدن إلى بولندا ورومانيا ودول البلطيق فورًا بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في أوائل عام 2022. أما ترامب فقد قال يوم الثلاثاء إنه لا يريد سحب كل القوات الأميركية من أوروبا كجزء من اتفاق سلام. وقال الرئيس الأميركي أيضًا إنه سيدعم قوات حفظ السلام الأوروبية في أوكرانيا في سيناريو ما بعد الحرب”.  
حماية الحدود الأوروبية
وتابعت الصحيفة: “من الناحية النظرية، ينبغي أن يكون من السهل على أوروبا توفير قوات كافية لحماية حدودها من الهجوم. ولكن في الممارسة العملية، فإن العديد من هذه القوات غير صالحة للانتشار. وقال بن باري، العميد السابق في الجيش البريطاني وزميل بارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: “غالبًا ما تكون هناك فجوة كبيرة بين القدرات وجاهزية القوات. ومن غير الواضح أيضًا ما إذا كانت القوات الأوروبية لديها مخزونات كافية من الذخيرة والإمدادات وقطع الغيار”.”
وبحسب الصحيفة، “لعل القضية الاستراتيجية الأكبر التي تواجه أوروبا هي مستقبل المظلة النووية الأميركية، وخاصة الأسلحة النووية التكتيكية التي تفتقر إليها الدول الأوروبية. وإذا أعلنت الولايات المتحدة رسمياً أنها لن تحمي أوروبا بعد الآن، فإن الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ستفقد القدرة على الوصول إلى الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية المصممة لتدمير أهداف في منطقة محددة، على عكس الرؤوس النووية الاستراتيجية المصممة لتدمير مدن بأكملها. إن افتقار أوروبا إلى الأسلحة النووية التكتيكية يخلق “فجوة ردع”، وهي الفجوة التي قد تستغلها روسيا بترسانتها الخاصة”.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى