“لا يوجد مكان آمن”… أكثر من 180 ألفاً من سكان غزة أصبحوا بلا مأوى!
تعهّدت إسرائيل بتصعيد ردّها على هجوم شنته حركة “حماس” الفلسطينية بهجوم برّي، في حين تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بدعم إسرائيل وأصدر تحذيراً لأي شخص قد يسعى للاستفادة من الوضع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرات من طائراته المقاتلة قصفت أكثر من 200 هدف خلال الليل في حي بمدينة غزة، زاعماً أن حماس استخدمته لشن موجة غير مسبوقة من الهجمات.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 900 شخص قتلوا وأصيب 4600 في القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.
واجتاح مسلّحون من حماس يوم السبت أجزاء من جنوب إسرائيل انطلاقاً من قطاع غزة، في أعنف هجوم فلسطيني في تاريخ إسرائيل.
وذكرت إذاعة كان العامة الإسرائيلية أن عدد القتلى في هجوم مطلع الأسبوع ارتفع إلى 1200.
وأغلب القتلى الإسرائيليين من المدنيين، إذ لقوا حتفهم بالرصاص في المنازل أو الشوارع أو في حفل راقص في الهواء الطلق. وأُسر عشرات الإسرائيليين وآخرون من الخارج واقتادهم المسلحون إلى غزة كرهائن، وظهر بعضهم على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء عرضهم في الشوارع.
وهدّد مسلحو “حماس” الذين يحتجزون جنوداً ومدنيين إسرائيليين رهائن يوم الاثنين بإعدام أسير مقابل كل منزل في غزة يتعرض للقصف دون سابق إنذار، لكن مع حلول ليل الثلثاء لم يكن هناك ما يشير إلى أنهم فعلوا ذلك.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت متحدّثاً للجنود قرب سياج غزة “حماس تريد التغيير وستحصل عليه. فما كان في غزة لن يكون موجوداً بعد الآن”.
وأضاف “بدأنا الهجوم من الجو، وسنأتي لاحقاً من الأرض أيضاً. سيطرنا على المنطقة منذ اليوم الثاني ونحن في حالة هجوم. وستشتدّ حدته”.
وكانت إسرائيل قد سحبت قواتها من غزة في 2005 بعد احتلاله 38 عاماً، وتبقيه تحت الحصار منذ سيطرة حماس عليه في 2007. والحصار الذي أعلنته يوم الاثنين سيحول دون دخول الغذاء والوقود.
وقالت ثلاثة مصادر أمنية إن وابلاً من الصواريخ أُطلق على حدود إسرائيل الشمالية من جنوب لبنان مما أدّى إلى قصف إسرائيلي في المقابل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المزيد من القذائف أُطلقت من الأراضي السورية لكنها سقطت في مناطق مفتوحة، وإنه ردّ على إطلاق النيران، مما يزيد المخاوف من أن يؤدّي العنف إلى حرب أوسع نطاقاً.
ودوت صفارات الإنذار ليلاً في بلدات إسرائيلية قريبة من حدود غزة، للتحذير من إطلاق صواريخ.
وفي البيت الأبيض، وصف بايدن هجمات حماس بأنها “من أعمال الشر المطلق”. وقال إن واشنطن تسارع بتقديم مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، بما في ذلك الذخيرة والصواريخ الاعتراضية لدعم نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي. ودعا إسرائيل إلى اتّباع “قانون الحرب” في ردّها.
وأضاف للصحافيين أن الولايات المتحدة “عززت وضع قوتنا العسكرية في المنطقة لتقوية ردعنا”، عن طريق وسائل منها تحريك مجموعة حاملة طائرات هجومية وطائرات مقاتلة.
وأردف “نحن على استعداد لنقل أصول إضافية حسب الحاجة… دعوني أقول مرة أخرى لأي دولة، وأي منظمة، وأي شخص يفكر في الاستفادة من الوضع، لدي كلمة واحدة: لا تفعلوا ذلك”، في إشارة واضحة إلى إيران ووكلائها في المنطقة.
ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم ليس لديهم أدلة على أن إيران دبرت الهجمات، لكنهم يشيرون إلى دعم إيران طويل الأمد لحماس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بايدن أرسل أيضاً الوزير أنتوني بلينكن إلى إسرائيل. وأضاف أن بلينكن سيغادر إلى المنطقة اليوم الأربعاء وسيلتقي بمسؤولين إسرائيليين لتقديم “رسالة تضامن ودعم”.
في غضون ذلك، اقترب الائتلاف اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعماء المعارضة من تشكيل حكومة وحدة طارئة.
وكان من المقرّر عقد اجتماع بين نتنياهو ووزير الدفاع السابق بيني غانتس أمس الثلثاء قبل تأجيله إلى اليوم الأربعاء.
* “لا يوجد مكان آمن”
قال الجيش الإسرائيلي إن قواته اشتبكت مع مسلحين داخل الأراضي الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء الثلثاء بدعم من الطائرات الهليكوبتر والمسيرة.
وأضاف أن الجنود قتلوا ثلاثة المسلحين في الاشتباك الذي وقع في عسقلان مما أدّى إلى إشعال حريق في منطقة صناعية قريبة من مرفأ نفط يبعد ما يزيد قليلاً عن عشرة كيلومترات من قطاع غزة. وأُغلق المرفأ في أعقاب الهجمات.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن غارات جوية إسرائيلية قصفت منازل في مدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية وفي مخيم البريج للاجئين وسط غزة.
وذكرت التقارير أن أحد المنازل التي تعرضت للقصف يعود لوالد محمد الضيف، زعيم الجناح العسكري لحركة حماس في غزة. وأفادت التقارير بمقتل شقيق الضيف وأفراد آخرين من عائلته.
وقال مسؤول طبي إن غارة جوية على منزل في حي الصبرة بمدينة غزة أدت إلى مقتل خمسة أشخاص.
ونشد سكان المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالوا إن العديد من المباني انهارت، مما أدى في بعض الأحيان إلى محاصرة ما يصل إلى 50 شخصاً داخلها، ولم يتمكن عمال الإنقاذ من الوصول إليهم.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 180 ألفاً من سكان غزة أصبحوا بلا مأوى، وتجمع الكثير منهم في الشوارع أو في المدارس.
وفي مشرحة مستشفى خان يونس بغزة أمس الثلثاء، وضعت الجثث على محفات على الأرض فيما كتبت الأسماء على بطونها. ودعا المسعفون الأقارب إلى الإسراع بأخذ الجثث لأنه لم يعد هناك مكان للموتى.
وأصيب مبنى بلدي أثناء استخدامه ملجأ للطوارئ. وتحدّث ناجون هناك عن سقوط العديد من القتلى.
وقال علاء أبو طير (35 عاماً)، الذي لجأ إلى المبنى مع عائلته بعد فراره من عبسان الكبيرة بالقرب من الحدود “لا يوجد مكان آمن في غزة، كما ترون فإنهم يضربون كل مكان”.
وقال مسؤول في حماس إن اثنين من أعضاء المكتب السياسي للحركة،هما جواد أبو شمالة وزكريا أبو معمر، قتلا في غارة جوية في خان يونس.
وهما أول قياديين في حماس يُقتلون منذ أن بدأت إسرائيل قصف القطاع. وقالت إسرائيل إن أبو شمالة قاد عدداً من العمليات التي استهدفت مدنيين إسرائيليين.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن الضربات الإسرائيلية دمرت منذ يوم السبت أكثر من 22600 وحدة سكنية وعشر منشآت صحية وألحقت أضراراً بما يصل إلى 48 مدرسة.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الذي ندد بهجمات حماس، إن “القانون الدولي الإنساني واضح: الالتزام بالحرص المستمر على تجنيب السكان المدنيين والأهداف المدنية يظل قابلا للتطبيق طوال الهجمات”.
واندلع العنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، حيث قالت الشرطة الإسرائيلية إنها قتلت فلسطينيين أطلقا ألعاباً نارية على ضباطها مساء الثلثاء.
وفي الضفة الغربية، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 21 فلسطينياً قتلوا وأصيب 130 آخرون في مواجهات مع القوات الإسرائيلية منذ يوم السبت