إقتصاد

لبنان غير ناضج للعبة العرض والطلب والحلّ الاقتصادي أبْعَد ممّا يعتقده الجميع!..

كيف يمكننا أن ننجح بتحرير سعر الصرف بطريقة سليمة، وفي التصرّف بمسؤولية على مستوى العرض والطلب، إذا كنّا سوقاً غير ناضجة، وغير مُنتظِمَة من حيث المبدأ والاختيار، أصلاً؟ فإذا كان يمكن لأيٍّ كان أن يتلاعب بسعر صرف الدولار في السوق السوداء على مستوى البلد عموماً، وخلال دقائق قليلة، في ما لو اشترى الدولارات بكميات زائدة عن اللّزوم لألف سبب وسبب، أو حتى لأسباب سياسية مقصودة. وإذا كان يُمكن لأيّ كان أن يزيد من تدهور اللّيرة اللبنانية بما يفوق الـ 5 آلاف ليرة، خلال أقلّ من 10 دقائق، فهذا يعني في مكان ما أننا سوق غير ناضجة للعبة العرض والطلب، وغير جديرة بمعاملتها على أساس أن منصّة X أو Y ستصحّح الأوضاع، أو ستنقلنا من عصر الانهيار، الى زمن الانضباط المالي والنّقدي.وأمام هذا الواقع، نعود الى الطروحات التي تتحدّث عن وجوب التخلّي عن اللّيرة اللبنانية لصالح الدّولَرَة، لفترة من الزّمن، ريثما تنضج أوضاعنا قليلاً، ويُصبح بإمكاننا أن نتنفّس فلعبة اللّيرة – الدولار غير ناجحة، ولا شيء يؤكد لنا أن السوق السوداء ستزول قريباً، حتى ولو بدأ العمل بأي نوع من المنصّات غداً. فالبلد كلّه، بسلطاته وشعبه، غير ناضج على أي مستوى، وغير جدير بالتعامُل لا مع ورقة 100 ألف ليرة واحدة، ولا مع ورقة 100 دولار واحدة، في أي شيء مُنتج ومُستدام، وهو ما يعزّز الحاجة الى تجنُّب المزيد من الانهيارات، بعيداً من ترك السوق للعبة العرض والطلب.شدّد مصدر واسع الاطلاع على أن “اقتصادنا يُعاني من الهشاشة، وهو يتحرّك ضمن مساحة مُصطَنَعَة ومُكلِفَة لمصرف لبنان، الذي يتدخّل لمَنْع انفلات سعر الدولار في السوق السوداء. وهذا بسبب أزمة تعصف بالبلد، وهي لن تُحَلّ إلا بقرار سياسي. فلبنان بحاجة الى اتفاق سياسي كبير على مستوى دولي، والداخل ما عاد قادراً على تصحيح أي شيء لوحده. فنحن نعيش في ظلّ دولار سياسي، لا سقف موثوقاً له خارج إطار الاتّفاق والاستقرار السياسي”.وأكد في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أننا “خسرنا نحو 97 في المئة من قيمة عملتنا الوطنية، فمن يمكنه أن يسأل عن الـ 3 في المئة الباقية منها بَعْد؟ وما الفارق حتى ولو وُجِدَ من يسأل؟ فالاتّجاه الحالي هو لإلغاء منصّة “صيرفة”، وتردّدت معلومات في بعض الأوساط قبل ساعات عن أن مصرف لبنان ألغاها بالفعل، من دون إعلان صريح عن ذلك. ومهما كان، نعود الى الأساس، أي الى أن لا بديل من إيجاد صيغة جديدة للبلد، تشكّل مقدّمة لاقتصاد يعطي الثقة للخارج”.وردّاً على سؤال حول ضرورة التخلّي عن اللّيرة اللبنانية لفترة من الزّمن، والاتّجاه نحو الدّولرة الكاملة، أجاب المصدر:”لا نحبّذ الدّولَرَة، وهذه الطريقة في العمل تحتاج الى خطة خاصّة. يُمكن تصحيح الأوضاع ورفع قيمة اللّيرة من جديد، عبر خطّة اقتصادية وسياسية صحيحة. فنحن بلد صغير، ويمكن لمشروع واحد أن يكفينا، وأن يوفّر لنا 4 أو 5 مليارات دولار. ولكن هذا يحتاج الى قرار سياسي، والى تغيير المنظومة الفاسدة المتحكّمة بكل شيء”.وختم:”لبنان بلد صغير، وهو قادر على أن يقيم نفسه من جديد. وبمعزل عن دولَرَة رسمية كاملة أو لا، فإن البلد بات مُدوْلَراً بشكل عملي. فالسوبرماركات مثلاً، تُجري 85 في المئة من عمليات البيع اليومية فيها بالدولار، مقابل 15 في المئة فقط، باللّيرة اللبنانية. والمبالغ التي تجنيها باللّيرة، تستفيد منها لدفع الضرائب المتوجّبة عليها للدولة. هذا بات أمراً واقعاً في البلد. ولكن إذا بقيت الأوضاع العامة على تلك الحالة، أي من دون اتفاق سياسي، ستفلت الأمور اقتصادياً، وستنهار قيمة اللّيرة أكثر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى