لبنان يتسلّم استنابة فرنسية جديدة… و ميقاتي يجمع اجتهادات لتعيين خليفة لسلامة؟!
كشفت مصادر مطلعة على أجواء قصر العدل في بيروت، أن النيابة العامة التمييزية «تسلمت خلال الساعات الماضية استنابة فرنسية جديدة، تطلب فيها من السلطات اللبنانية، وضع مروان خير الدين تحت الرقابة المشددة، ومنعه من التواصل مع كلّ من رياض سلامة، ورجا سلامة، وندي سلامة (نجل رياض سلامة) وماريان الحويك، ومروان الخوري، ونبيل عون، وأنطوان سلامة».وشددت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الاستنابة الفرنسية تتحدث بالتفصيل عن مساعدات قدمها خير الدين لرياض سلامة وشقيقه ونجله ومقربين منه عبر حسابات مالية، سهّلت عمليات غسل الأموال، كانت الأولى في 2 يوليو (تموز) 2021، والثانية في 24 أغسطس (آب) 2021، والثالثة في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه». وتوقّعت تطورات مهمّة في هذه القضية ستظهر نتائجها بعد أن تنهي بوريزي تحقيقاتها في بيروت وباريس.الشرق الأوسطعلى الأغلب، طارت فكرة التمديد لحاكم مصرف لبنان الحالي رياض سلامة. لكن، في الطريق إلى نهاية ولايته في تموز المقبل، تتعثر محاولات التوافق على بديل له. المشكلة لا ترتبط فقط بلائحة الأسماء المتداول بها، وإنما أيضاً بصلاحية حكومة تصريف الأعمال في إجراء تعيينات على هذا المستوى، وهو ما يسبب خلافاً لا يزال كامناً بينَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من القوى السياسية المشاركة في الحكومة، في مقدّمها حزب الله.وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي تواصل مع عدد من الخبراء والمحامين الدستوريين، من بينهم خالد قباني لمعرفة ما إذا كان هناك من اجتهاد دستوري يجيز لحكومته تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي إذا ما استمر الشغور الرئاسي. وقد عارضت الآراء في غالبيتها الأمر، ولو أن البعض اعتبر أن «للضرورة أحكاماً»، وخصوصاً بعد تلقي ميقاتي جرعة دعم «مارونية» على لسان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، في مقابلته التلفزيونية الأحد الماضي، بإعلانه تأييده تعيين حكومة ميقاتي حاكماً جديداً للمصرف باعتبار ذلك «ضرورة قصوى وحاجة ملحّة اليوم قبل الغد، والضرورات تبيح المحظورات».غير أن مصادر مطلعة أشارت إلى أن هناك قوى سياسية، على رأسها حزب الله، ترى أن «هناك خطوطاً حمراً لا يُمِكن الحكومة تجاوزها في موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية». وبحسب المصادر، فإن هذا الموقف بالنسبة إلى الحزب «مبدئي، إذ ماذا يتبقّى لرئيس الجمهورية في حال أجرت الحكومة التعيينات كلها؟». ولفتت إلى أنه «لو كانَ لحكومة تصريف الأعمال صلاحية تعيين، لماذا لم يُعيّن مدير عام جديد للأمن العام بعد انتهاء ولاية اللواء عباس إبراهيم، واستُعين بمخرج تكليف العميد الياس البيسري مديراً عاماً بالإنابة. وفيما ينص القانون على تسلّم النائب الأول لحاكم مصرف لبنان مهام الحاكم بعد انتهاء ولايته، إلا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يرفض حتى الآن أن يحمِل وسيم منصوري كرة النار هذه.وبحسب مصادر معنية بالملف، فإن موضوع الحاكم ليس محل تداول داخلي فقط، بل هو جزء من محادثات تشارك فيها أطراف خارجية معنية بالتسوية في لبنان. وسبق للمسؤولين الفرنسيين أن أثاروا الأمر مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومع أطراف أخرى، فيما دخل الجانب الأميركي على الخط انطلاقاً من كونه صاحب «حق الفيتو» في ملف تعيين الحاكم، ومن قدرة وزارة الخزانة الأميركية على منعه من العمل في حال وجدت أنه غير مناسب. وعُلم أن الأميركيين، أيضاً، أجروا من جانبهم استطلاعاً للرأي بين عدد من المسؤولين اللبنانيين، وقابلوا مرشحين محتملين لخلافة سلامة.وأشارت المصادر إلى أن النقاش حول اسم الحاكم مرتبط أيضاً بمشروع تعديلات كبيرة على دوره في المرحلة المقبلة، إذ إن النقاش تطرق الى صلاحيات الحاكم المنصوص عليها في قانون النقد والتسليف والتي يطالب كثيرون بتعديلها ووضع الحاكم تحت مراقبة جهة ما، وعدم تركه مطلق الصلاحيات ربطاً بتجربة سلامة. واوضحت المصادر أن النقاش يدور أيضاً حول المرتقب من الحاكم الجديد الذي سيكون له دور مركزي في إعادة هيكلة مصرف لبنان والقطاع المصرفي ووضع إدارة تقنية للعمل المصرفي والنقدي في لبنان ربطاً باتفاق مع صندوق النقد الدولي. وحسب المصادر، فإن البحث يقتصر الآن على شخصيات لها خلفيّتها الحقوقية والقانونية مع خبرة في الملفات الاقتصادية، لا أن يكون الحاكم قادماً من العمل المصرفي.وفيما لا يبدو أن هناك طائلاً من محاولة ميقاتي ممارسة صلاحيات استثنائية في حكومته، يستمر البحث بالتوازي عن أسماء بديلة تتأرجح صعوداً ونزولاً كل أسبوع. فبعدما تقدّم في الأسابيع الماضية اسم المحامي كميل أبو سليمان، المدعوم أميركياً لخلافة سلامة، قالت مصادر مطّلعة إن «حظوظه تراجعت» بسبب معارضة قوى محلية أساسية لتعيينه، وتحديداً التيار الوطني الحر والقوات (علماً أن أبو سليمان كانَ وزيراً للعمل من حصة معراب في حكومة سعد الحريري بعدَ انتخاب ميشال عون رئيساً)، كما لا يبدو حزب الله مرحّباً بالفكرة. وطُرح أخيراً اسم المحامي كارلوس أبو جودة الذي لم يبد حماسة لدى استطلاع بعض المعنيّين رأيه.