لماذا لن تتوصل إيران إلى اتفاق سريع؟.. تقرير لـ”National Interest” يُجيب

ذكر موقع “The National Interest” الأميركي أنه “في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، من الحكمة أن يُدرك أن طهران ربما تأتي إلى طاولة المفاوضات لا خوفًا من واشنطن، بل لأنها تستشعر فرصة سانحة، وهي أن المحادثات قد تُمهّد الطريق أمام طهران لتحرير نفسها من خطر إعادة فرض العقوبات العالمية هذا الخريف، مع تعزيز نظامها في الداخل في ظل تصاعد السخط الشعبي. مع وضع هذه الديناميكيات في الاعتبار، يتعين على المفاوضين الأميركيين تحديد موعد نهائي ثابت لا يتجاوز بضعة أسابيع للتوصل إلى اتفاق يخدم المصالح الأميركية حقا، وإلا فإنهم سيسمحون للمفاوضين الإيرانيين بإطالة أمد المحادثات، مما يمكن طهران من المضي قدما في برنامجها النووي مع تحرير نفسها من تهديد الانتقام الاقتصادي”.
وبحسب الموقع، “بالنظر إلى الموقف المتوقع من طهران بعد ثلاث جولات من المحادثات التي تركت قضايا رئيسية دون حل، فقد هدد ترامب، علنًا وفي رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، باستخدام القوة ضد المواقع النووية الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، لدى طهران أسباب وجيهة للتشكك. أولاً، ترامب هو الرئيس الرابع خلال ربع القرن الماضي الذي هدد باستخدام القوة، بينما اختار المصالحة، مما مكّن طهران من تطوير برامجها النووية وبرامج الصواريخ الباليستية ذات الصلة. قد يفترض الملالي، على نحوٍ معقول، أن واشنطن لا ترغب في استخدام القوة، بغض النظر عن الحزب الحاكم. علاوة على ذلك، هدّد ترامب قبل أسابيع عديدة بأن “الجحيم سيندلع” ضد حماس إذا لم تُفرج فورًا عن جميع الرهائن المحتجزين منذ 7 تشرين الأول في غزة. ومع ذلك، لم يُنفّذ أي عمل عسكري. فمع خطورة العواقب المحتملة للعمل العسكري ضد إيران، لماذا يستنتج النظام أن ترامب سيُنفّذ عملية شلّ برنامج طهران النووي؟”
وتابع الموقع، “لا يبدو أن واشنطن حازمة في موقفها التفاوضي. فقد أشار مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مؤخرًا إلى أن الرئيس، كجزء من أي اتفاق، سيسمح لطهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات نقاء منخفضة بدلًا من إجبارها على تفكيك برنامجها النووي. وبعد أن أعرب منتقدون عن مخاوفهم من سعي ترامب إلى ما يشبه خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، والتي لاقت انتقادات كثيرة، شددت الإدارة موقفها، وقال وزير الخارجية ماركو روبيو إن إيران لا يمكنها الاحتفاظ إلا ببرنامج نووي مدني يستخدم وقودًا نوويًا مستوردًا. وبموجب القرار رقم 2231، لا يملك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سوى مهلة حتى تشرين الأول لاتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات “سناب باك” (كبح الزناد) على إيران لانتهاكها اتفاق عام 2015. وبينما يحق لأي طرف في هذا الاتفاق تفعيل آلية “سناب باك”، فإن انسحاب أميركا منه يثير التساؤل حول ما إذا كانت تحتفظ بالسلطة اللازمة للقيام بذلك”.
وأضاف الموقع، “نتيجةً لذلك، قد تضطر واشنطن إلى إقناع بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا بتفعيل العقوبات. والمشكلة، كما ترى طهران، هي توتر العلاقات الأميركية الأوروبية بسبب رسوم ترامب الجمركية، وجهوده لفرض تسوية سلمية في أوكرانيا تُراعي مصالح روسيا، واستهزائه بالتحالف الغربي. في الواقع، وبما أن طهران تطلب الآن لقاءً مع تلك الدول الأوروبية قبل مواصلة محادثاتها مع واشنطن، فقد تسعى إلى فصل الولايات المتحدة عن حلفائها بسبب سياستها تجاه إيران أيضًا. كل هذا يُضعف نفوذ المفاوضين الأميركيين على نظرائهم الإيرانيين، الذين لديهم بدورهم كل الدوافع لتمديد المفاوضات بانتظار حلول تشرين الأول”.
وبحسب الموقع، “لا يُدير أي رئيس أميركي سياسته، سواءً الخارجية أو الداخلية، في فراغ، وفي الوقت الحالي، تتراجع شعبية ترامب، وتتراجع ثقة المستهلكين، وتتزايد احتمالات الركود. وقد تُعزز هذه التحديات رغبته في مواصلة التفاوض مع اقتراب تشرين الأول، على أمل التوصل إلى اتفاق يُعلن من خلاله نصراً ويُعزز مكانته في الداخل. تواجه طهران اضطرابات داخلية، وقد تُمهد هذه المفاوضات الطريق أمام النظام لإنقاذ نفسه في الوقت المناسب. ويعود ذلك جزئيًا إلى العقوبات الأميركية، إذ يشهد الاقتصاد الإيراني تدهورًا، مما قد يُهدد قبضة النظام على السلطة. وفي الوقت عينه، من المرجح أن يُفاقم الانفجار الهائل الذي وقع هذا الأسبوع في ميناء بندر عباس التجاري الإيراني، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعين شخصًا وإصابة أكثر من ألف آخرين، من الغضب الشعبي تجاه النظام”.
وختم الموقع، “في الوقت الذي تستكشف فيه واشنطن إمكانية التوصل إلى اتفاق، يتعين عليها القيام بأمرين: مراقبة العقوبات المفروضة، وتجنب أي اتفاق يُعزز النظام في طهران أكثر مما يخدم المصالح الأميركية”.