مجلس النواب يناقش الموازنة العامة للعام 2024… سجالات عنيـ.ـفة واتهامات بـ”المافياوية”
تعقد في ساحة النجمة جلسة نيابيّة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري مخصّصة لدراسة وإقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2024، ومن المرتقب أن تُعقد غداً جلسةً أخرى من أجل مواصلة البحث. وفي حين يتتفق عدد من النواب على أن هذه الموازنة هي الخيار الأفضل بين السيء والأسوأ، يرفض عدد آخر من النواب هذه الموازنة، ويُطالبون باسقاطها. وكما كل جلسة نيابية، لم تخلُ هذه الجلسة من المناوشات الكلامية التي باتت تتكرّر بشكل دوري بين نواب كتلة “التنمية والتحرير” والنواب التغييريين، وقد وقع اشتباك كلامي عنيف بين النائبين علي حسن خليل وفراس حمدان.
سجال في بداية الجلسةشهدت بداية الجلسة سجالاً بين النائب محلم خلف، الذي طلب الكلام، وفقاً للنظام، والرئيس بري الذي رفض إعطاءه حق الكلام. ثم توسّع السجال لينضم إليه عددٌ من النواب الذين تراشقوا بالكلام بشكل مباشر على الهواء وأمام عدسات الكاميرات. وخلال السجال حصل سجال عنيف بين النائب علي حسن خليل والنائب فراس حمدان؛ فبعدما ساند حمدان زميله خلف في مطلبه، معتبراً أن هناك “سلبطة” في مجلس النواب، رد عليه خليل بأن هذا المجلس ليس للمسرحيات، قبل أن يشتدّ السجال بين الاثنين ويتوجّه خليل لحمدان بالقول: “تافه، ما حدا شايفكن”.
ثم عاد خليل وقال للنواب التغييرين خلال السجال: “انتو قرطة مافيات، ما حدا قاريكم”، لترد عليه النائبة بولا يعقوبيان بالقول: “الهارب من العدالة لا يحق له الكلام عن المافيات”.وبعدما كاد السجال يؤدي إلى تشابك بالأيدي بين النواب، تدخّل النائب آلان عون، وحاول تهدئة الفريقين. وأنهى بري الخلاف قائلاً لخلف: “سأعطيك الكلام مباشرة بعد عرض تقرير لجنة المال والموازنة”.
كلمات النواب: كنعانفي مستهل المداخلات، تحدث رئيس “لجنة المال والموازنة” النائب إبراهيم كنعان عارضاً التعديلات التي وضعتها اللجنة على مشروع قانون الموازنة العامة الصادر عن حكومة تصريف الأعمال. وفي خلال كلمته، أكّد كنعان أنّ “أبرز أسباب الانهيار المالي، الذي يعاني منه لبنان، هو عشوائية لحظ قوانين البرامج وإرجاء بعضها منذ تسعينيات القرن الماضي”.وأشار إلى أنّ “لجنة المال والموازنة لاحظت غياب الرؤية الاقتصادية والاجتماعية عن مشروع الموازنة، وأضاف: “مشروع قانون الموازنة تميّز بالعشوائيّة في استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات وتعديل القائم منها كما تميّز بالعشوائية أيضاً في لحظ بعض الاعتمادات، ممّا استدعى تصويباً للنصوص من جهة، وإعادة توزيع للاعتمادات حيث دعت الحاجة”.
واعتبر أنّ “الحكومة تجهل ما حصلته من إيرادات تفصيلية خلال العامين 2022 و2023، فتعتمد لتبرير ما أجرته من تعديلات ضريبية المبالغ المحصّلة خلال العام 2021، وتجعل ما حققته دولرة بعض الرسوم خلال الـ2022”.
خلفوبعد انتهاء كلمة كنعان، تحدث النائب ملحم خلف بالنظام طالبا تحويل الجلسة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وخرج من الجلسة “كبطل” على حد تعبيره اعتراضا منه على عدم توّجه المجلس النيابي الى انتخاب رئيس للجمهورية مباشرة قبل عقد أي جلسة من نوع آخر.
باسيل يلقي كلمته وينسحبوقبيل بدء الجلسة، توافد النواب من مختلف الكتل النيابية إلى ساحة النجمة استعداداً للاستحقاق، في الوقت الذي وصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى مبنى مجلس النواب إلى جانب عدد من الوزراء للمشاركة في الجلسة المخصصة للموازنة. ووفقاً للمعلومات، تحضر مختلف الكتل النيابية جلسة اليوم، كما سيحضر رئيس “التيار الوطنيّ الحرّ” جبران باسيل ليلقي كلمته، ثمّ ينسحب. وانسحاب باسيل يأتي اعتراضاً على ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لمشروع قانون الموازنة الذي تقدّم به نواب “تكتل لبنان القوي”. يُذكر أنّ “تكتل لبنان القوي” تقدّم بمشروع الموازنة مع التعديلات، التي أقرتها لجنة المال والموازنة، بطريقة مشروع قانون إلى المجلس النيابي، بسبب رفضه مناقشة القوانين المقدّمة من الحكومة.
عدوانمن جانبه، قال رئيس لجنة “الإدارة والعدل” النائب جورج عدوان “نحن اليوم نناقش موازنة 2024، لكن أي نقاش جدي لا يستقيم من دون استقرار يريده جميع اللبنانيين يتيح استعادة الدولة مقوماتها، وعن أي استقرار نتكلم وقرار الحرب والسلم خارج مؤسسات الدولة والبعض يربط مصلحة لبنان بمحور خارجي، والبعض الآخر ينتظر الخارج ليؤمن لنا رئيساً للجمهورية”.وشدّد على أننا “لا نريد أن نربط مستقبلنا إلا بمصلحة وطننا أولاً وأخيراً، ولا نريد الخارج أياً كان الخارج أن يقرر عنا في رئاسة الجمهورية. هل هم أدرى منا في مصلحة لبنان؟ نحن نريد أن تستعيد الدولة وحدها قرار الحرب والسلم، وبخلاف ذلك لا فائدة لموازنات وإصلاحات وقرارات تبقى كلها في مهب الريح”.وسأل:”كيف نقارب الموازنة اليوم بالطرق التقليدية وكأننا لم نشهد انهياراً نقدياً ومالياً واقتصادياً، وكأنه لم تحصل سرقة العصر في لبنان؟ حصلت سرقة العصر في لبنان، وهناك منظومة تتشارك مع حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة المسؤولية في ما حصل. في كل الدول تحصل محاكمات ومحاسبة، إنما في لبنان لم يحصل أي شيء، بل أكثر يحضر سلامة جنازة أخيه بمواكبة أمنية من عشرات رجال الأمن”.وقال: “غير صحيح أننا ننتظر قانون استقلالية القضاء في لبنان حتى نقوم بالمحاسبة والإصلاحات، إنما المشكلة “الخلقية” الموجودة في القضاء لا يحلها قانون”.وتابع: “ندرس الموازنة والاستقرار مهدد أمنياً واقتصادياً ومالياً وكيانياً بوجود ما يفوق المليوني سوري أي 33 في المئة من المقيمين، وحتى اليوم الحكومة لم تقم بأي خطوة جدية في اتجاه معالجة هذا الموضوع، تطبيقاً لمذكرة التفاهم الموقعة عام 2003 بين الأمن العام ومفوضية اللاجئين التي تؤكد أن لبنان ليس بلد لجوء، فيما تحاول بعض الدول إبقاءهم في لبنان خدمة لمصالحها”.ولفت إلى أن “هناك مشكلة كبيرة في القضاء يجب معالجتها ولم نرَ إحالة أي قاضٍ على التفتيش في ملفّ رياض سلامة”، معتبرا أن “هذه الموازنة استمرار للموازنات السابقة ولا تحمل أي استثمارات أو أي اصلاح ضريبي حقيقي، وتشكل الضريبة فيها على الدخل والأرباح ورؤوس الأموال اكثر من 7.2 في المئة مقابل 67 في المئة من السلع على الخدمات والرسوم على التجارة والجمارك وضريبة على القيمة المضافة ورسوم الاستهلاك، بمعنى آخر 67 في المئة تصيب عموم الناس ونسبة قليلة من المقتدرين”.
وختم: “ندرس مشروع موازنة من دون أن يكون هناك قطع حساب وطبعاً لم تنجز الحسابات ضمن المهلة المحددة، وأرقام الموازنة تغيرت حتى اللحظة الأخيرة، فيما وزارة المالية عاجزة عن تقديم أرقام مدققة ونهائية عن إيرادات ونفقات موازنات 2021 و2022 و2023، والأدهى والأخطر أن وزارة المال لا تملك الأرقام لأنها توقفت عن إدخالها منذ عام 2019 على النظام المالي للوزارة”.
ويذكر أيضا أنّ لجنة المال والموازنة تعتبر أنها حاولت ترسيخ إصلاحات أساسية وبنيوية في الموازنة منها رفض تشريع فوضى الإنفاق من خارج اعتمادات الموازنة أو الاعتمادات الاستثنائية، ورفض إمكانية الدين من دون سقف ومن دون العودة الى مجلس النواب، ورفض الصلاحيات الاستنسابية للقروض المدعومة من مصرف لبنان (من أموال المودعين والتي مُنحت للمحظيّين والنافذين)، كما ألغت سلسلة إجراءات تهرّب الاستثمارات وتضغط على المواطن وتطال رواتبه وأجوره.كما ألغت لجنة المال أو عدّلت الكثير من الضرائب والرسوم التي سعت الحكومة الى فرضها في مشروع الموازنة.