ما ورد في تقريرَي KPMG وOliver Wyman اللتين كلّفتهما حكومة الرئيس حسان دياب بالتدقيق في ميزانية مصرف لبنان في منتصف عام 2020، يوثّق ممارسات وسلوك مصرف لبنان في “تزوير” وضعيته المالية التي جرى التدقيق فيها حتى آذار 2021، بخسب “الاخبار”.
ولفتت الصحيفة الى انه على الرغم من أن غالبية بنود الميزانية لم تُحتسب وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، إلا أن بعضها الآخر كان مطابقاً لهذه المعايير، أي أنه كان يعتمد معايير مزدوجة وانتقائية قبل الأزمة وبعدها، ما أتاح له إخفاء الحجم الهائل من الخسائر، ولا سيما الخسائر بالعملة الأجنبية. هذه الخسائر متشابكة مع المصارف التجارية التي استقبلت الودائع من الزبائن ووضعتها لدى مصرف لبنان. التقريران صدرا بشكل وصفي عن فترة معيّنة، أي إن أرقامهما تعود سنتين إلى الوراء وباتت غير واقعية، إنما حدّدا مبادئ ومعايير محاسبية لميزانية مصرف لبنان تُطبَّق اليوم بعدما جرى تعديل سعر الصرف المعتمد رسمياً إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وبعدما أُوقف الدعم والنزف من الاحتياطات بالعملة الأجنبية، وبعدما انتهت ولاية الحاكم المشتبه فيه رياض سلامة وحلّ محلّه النائب الأول وسيم منصوري. هذه المبادئ تفرض على منصوري الاعتراف بالخسائر وإظهار الحقائق التي كان يخفيها سلامة.
واشارت “الاخبار” الى انه من أصل 16 بنداً على جانب الأصول في ميزانية مصرف لبنان، سجّل KPMG، ثمانية اختلافات أساسية عن معايير المحاسبة الدولية. الاختلافات الثلاثة تتعلق بتسجيل القيود بقيمها الاسمية وليس بقيمها الفعلية. وهذا يشمل، سندات الخزينة بالليرة وبالعملة الأجنبية (يوروبوندز)، والأصول المدعومة وخطوط الائتمان، والقروض والتسهيلات والاستثمارات. رغم ذلك، سُجّلت قيود أخرى مثل النقد، والذهب، وسكّ العملة، وعقود إعادة الشراء وشهادات الإيداع، بالقيمة الفعلية. هذه المعايير المزدوجة تنطبق أيضاً على جانب الالتزامات في الميزانية، إذ سُجّلت مثلاً ودائع القطاع العام بالكلفة الفعلية بينما سُجّلت ودائع المصارف بالقيمة الاسمية. وكذلك بالنسبة إلى استثمارات مصرف لبنان المسجّلة بالقيمة الاسمية.
في الواقع، لم يشر التقرير إلى أن محاسبة المصارف المركزية مماثلة لمحاسبة سائر المؤسسات المالية بل أقرّ بأن معايير المحاسبة الدولية ليست مصمّمة قياساً على نشاطات المصارف المركزية، إلا أنه تطرّق بوضوح إلى ازدواجية المعايير في ميزانية واحدة، وهو أمر كافٍ لإثارة الشكوك في عملية تسجيل الأرقام والهدف منها، وخصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بميزانية مصرف لبنان المسؤول عن السياسة النقدية والمصرفية. ففي النتيجة، تبيّن أن بعض العمليات المتعلقة بالسياسة النقدية تضمّنت فوائد إضافية بمصلحة الطرف المقابل بنحو 3% و4%، وبالتالي فإن استحقاقات بعض هذه العمليات، ولا سيما المسجّلة في بند “ودائع المصارف والمؤسسات المالية”، تنطوي على أثر كبير بالنسبة إلى وضعية مصرف لبنان المالية.
في الخلاصة، يشير التقرير إلى أن “غالبية البنود التي لا تتعلق بالسياسة النقدية سُجّلت بالقيمة الفعلية” خلافاً للبنود الأخرى التي سُجّلت بالقيمة الاسمية. وهنا تبدأ نتائج ازدواجية المعايير بالظهور. فبحسب المعيار المحاسبي الرقم 21: “عندما تظهر أسعار صرف متعدّدة، يُستخدم سعر الصرف في تاريخ تحديد القيمة القابلة للتحقّق. السعر المستخدم عادة هو سعر الإقفال”.
ويضيف التقرير: “في 31 كانون الأول 2018، كانت قيمة الأصول الصافية بالعملة الأجنبية لمصرف لبنان سالبة بقيمة 15.43 مليار دولار، وهناك جدل مع الحكومة اللبنانية حول قيمة استحقاقات ديون مترتّبة عليها لمصلحة المصرف بقيمة 13.5 مليار دولار (مصرف لبنان سجّل هذا الأمر ديناً على الحكومة بالدولار ومع تعديل سعر الصرف إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار سجّل ديناً إضافياً على الحكومة بالعملة الأجنبية)، وما إذا كانت تستحق بالليرة أو بالدولار (وهو ما يمكن أن تنتج منه زيادة في الأصول السالبة). وقد أُبلغنا أنه منذ ذلك الوقت ازدادت القيم السلبية للأصول بالعملة الأجنبية. ويعني سعر الصرف الجديد للعملة الأجنبية انعكاساً أكبر على الوضعية المالية”.