مع كل إطلالة شتاء يتساءل اللبنانيون أين تذهب كل هذه المتساقطات، والتي تتخطى كما في هذا العام المعدلات الموسمية، في ظل الأمطار الغزيرة التي تهطل.
والأغرب أن مناطق لبنانية عدة محرومة من المياه والمواطن يشتريها في بلد وُصف يوماً بقصر المياه.فأين تكمن الثغرات؟ وماذا يمكن للبنان أن يفعل لمعالجة أزمة شحّ المياه؟ وأين التقصير؟الخبير في علوم الجيولوجيا سمير زعاطيطي يستذكر عبر جريدة “الأنباء الإلكترونية” التقرير الصادر في العام 2014 عن المؤسسة الفيدرالية الألمانية لعلوم الجيولوجيا والمصادر الطبيعية، هانوفر – BGR، التي زارت لبنان وقدّمت توصيات لمصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، متسائلاً عن سبب عدم تنفيذ هذه المقترحات العلمية، والصادرة عن أهم شركة أوروبية وعالمية.واعتبر زعاطيطي أن المشكلة الأكبر تكمن بالهدر الحاصل بقناة جعيتا وبالشبكات، لافتاً الى أن علاج الهدر والقيام بالصيانة المطلوبة يساهم بتخطّي نصف المشكلة، وحينها إذا دعت الحاجة نذهب باتجاه خيار حفر آبار مياه أو سواها.واستغرب زعاطيطي عدم قيام مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان بهذه الإصلاحات المقترحة منذ العام 2014، سائلاً “هل يُعقل أن يشتري الشعب اللبناني المياه رغم كمية المتساقطات الكبيرة التي يشهدها فصل الشتاء”؟، مستطردًا “لماذا لا يريدون أن يركنوا لما يقوله العلم”؟ويعود زعاطيطي إلى مشروع التعاون التقني اللبناني الألماني، عبر شركة BGR، المكلّفة من قبل مجلس الإنماء والإعمار ومصلحة مياه بيروت ووزارة الطاقة والمياه بإجراء دراسات على نبع جعيتا، والتي كشفت التقارير الصادرة عنها حول وضع تمديدات مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان المائية لنبع جعيتا بأن فيها خسارة حوالى 30% من كمية المياه المنقولة بالقناة الحالية بين النبع ومعمل ضبية.وأما النفق الذي يصل القناة بمعمل ضبية فهو صغير الحجم لا يتسع لأكثر من 3.1 متر مكعب ثانية، مقترحة إنشاء نفق ثانٍ.
وأما المطلوب من مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان لجهة تمديدات مياه نبع جعيتا، بحسب الشركة الألمانية، فهو الآتي:
– تحسين حصر نبع جعيتا.
– إنشاء خطي توصيل للمياه قساطل وأنفاق بين النبع ومعمل ضبية، في حال تعطل أحدهم يُستَعمل الآخر، وهذه عملية بإمكانها وقف الهدر وزيادة التصريف حوالي 7 متر مكعب/ثانية.
– إنشاء سد بموقع داريا بسعة 9 مليون متر مكعب لتعويض النقص في فترة الشحائح.
– كلفة البندين فوق من 30 الى 50 مليون دولار أميركي.
– منع التعديات غير القانونية على الشبكة لجهة إستعمالها لأغراض الري.
– زيادة حجم معالجة وتكرير المياه في ضبية وتجديد طرقها ووسائلها.
– إنشاء مختبر خاص يعنى بنوعية الماء وزيادة فعالية المختبر.
– تخفيض هدر المياه في شبكات مدينة بيروت.
بعد مرور 10 سنوات على هذه المقترحات، لا تزال الأزمة نفسها تتوالى بفصول جديدة، وهذه المرة بشكل أسوأ.. فهل مَن يبادر؟