دولي

هل تعيش “إسرائيل” حتى 2040؟

قال رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” العبرية ألوف بن، إن المرشد الإيراني علي خامنئي كان قد تنبأ بزوال “إسرائيل” بحلول عام 2040، لكن الواقع هو أن أقوى التحذيرات المتعلقة ببقاء “إسرائيل” على قيد الحياة يجدها المرء في كتاب منشق سوفياتي سابق.

ففي عام 1970، كان المنشق السوفياتي أندريه أمالريك مؤرخاً شاباً في جامعة موسكو الحكومية، عندما نشر كتابه المثير بعنوان “هل سيبقى الاتحاد السوفياتي على قيد الحياة حتى عام 1984؟”

يشير مقال صحيفة “هآرتس” إلى أن “نبوءة أمالريك بدت طوباوية خيالية ومبالغاً فيها، لكنه، مع ذلك، تنبأ بدقة بانهيار الإمبراطورية الحمراء، وإن كان لم يعش ليرى نبوءته تتحقق، إذ بعد أن أُودع السجن ونُفي من بلاده، لقي مصرعه في حادث سيارة في إسبانيا”.

أضافت صحيفة “هآرتس”: في وصفه للعوامل التي تساعد في تسريع وتيرة انهيار الاتحاد السوفياتي، تكهن المنشق السوفياتي أندريه أمالريك “بحرب طويلة ومرهقة، يخوضها قادة ضعاف متهالكون، تستنزف موارد الحكومة السوفياتية وشرعيتها، رغم أنه كان يعتقد أن السياق الذي سيحدث فيه هذا السقوط سيكون حربا مع الصين، وليس مستنقعا في جبال أفغانستان”.

تُشبه تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية نبوءة أمالريك، وعلى الرغم من أنها حددت بشكل صحيح توقيت حدوث خطر وشيك على “إسرائيل” في عام 2023، إلا أنها توقعت أن يأتي الهجوم من جهة الشمال (لبنان) وليس الجنوب (غزة).

واستناداً إلى منهج المؤرخ السوفياتي الشاب فإن السؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو: هل من الممكن أن يكون المرشد الإيراني على حق في توقعه بزوال “إسرائيل” من الوجود بحلول عام 2040؟ وما العملية التي يمكن أن تؤدي إلى هذا؟

واستدرك رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”: “إن الاتحاد السوفياتي لم يُهزم في نهاية المطاف في حرب عالمية نووية، بل انهار من الداخل”، مشيراً إلى أنه لا يوجد حل عسكري، ولا يوجد “نظام دفاع متعدد الطبقات” أو قصف جريء بعيد الأمد، يمكن أن يُحَيِّد خطر الانهيار الداخلي.

وتساءل مقال “هآرتس”: بالنظر إلى “إسرائيل” اليوم، هل هناك علامات تُنذر بسقوطها؟ ثم يجيب: إن استقرار الأوضاع الاقتصادية في البلاد واكتظاظ الشواطئ والمطاعم بالرواد، لا تخفي ما هناك من مؤشرات واضحة على انحلال الدولة في كل مجال، وهو ما يعكسه تفشي الجرائم العنيفة والانشقاقات الداخلية وفقدان الأمل.

وانتقد رئيس تحرير “هآرتس” اعتماد “إسرائيل” المطلق على الولايات المتحدة لدرجة أنه حتى “اليساريين الإسرائيليين” يرون الآن في الرئيس دونالد ترامب “المتقلب الأطوار، منقذاً وجالباً للسلام، تماماً كما يعلق اليمين المتطرف آماله على إخلاء قطاع غزة من سكانه”.

إن ظاهرة هجرة الإسرائيليين مع أطفالهم، كل أسبوع إلى أستراليا، “تشي بتوجه غير حميد تسير فيه البلاد، وليس أقل خطورة من تباهي الجيش الإسرائيلي بتصفية ناشط كبير تابع لحركة المقاومة الإسلامية ـ حماس”.

ومع تعاظم القلق الشعبي، يزداد انفصال القيادة السياسية الإسرائيلية عن الواقع، وإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يركز على الترويج لنظريات المؤامرة حول الهجوم الذي شنته حركة “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إن سعي نتنياهو بلا كلل لتمجيد نفسه باعتباره بديلاً من الضوابط والتوازنات في مؤسسات الدولة، لن يؤدي إلا إلى زيادة عزلته وجنون الارتياب الذي يعاني منه، سواء من الأعداء الحقيقيين أو المتخيلين.

وهكذا ينشغل النظام السياسي في تعميق الانقسام الداخلي بدلاً من إعادة بناء” إسرائيل” من تحت أنقاض الاضطرابات القضائية والحروب التي لا تنتهي.

يضيف رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”: “لا يزال أمام إسرائيل فرصة واحدة من شأنها أن توقف تفككها الداخلي وتدحض نبوءة خامنئي بالفناء، وهي أنه ينبغي لمن يتنافسون على عرش نتنياهو أن يصوغوا رؤية لــ”اليوم التالي”.

إن البند الأول في تلك الرؤية يجب أن يكون إنهاء الحرب قبل أن “تلتهم” غزة “إسرائيل” فلا تعود أبداً، تماماً مثلما حذر أمالريك حكام الاتحاد السوفياتي، الذين استنكفوا عن الإصغاء إلى تحذيراته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى