ذكر موقع “Responsible Statecraft” الأميركي أن “المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ينسبون الفضل إلى أنفسهم في تهيئة الظروف في سوريا التي مكنت قوات المعارضة من الإطاحة بالحكومة السورية. والآن بعد أن أطاحت قوات المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد، يصر مسؤولو الإدارة على أن السياسات الأميركية القديمة، بما في ذلك الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن ضد أنصار الأسد، جعلت الإطاحة بالحكومة السورية ممكنة. وينكر مسؤولو الإدارة أنهم ساعدوا هيئة تحرير الشام، لكنهم يصرون على أنهم سهّلوا انتصار المعارضة، مشيرين إلى سنوات من الجهود الأميركية لتمكين المعارضة وإضعاف الحكومة السورية”.
وبحسب الموقع، “منذ أكثر من عقد من الزمان، سعت الولايات المتحدة إلى تغيير النظام في سوريا. وقد دعا المسؤولون في واشنطن علناً إلى إنهاء حكم الأسد بعد عقود من حكم والده حافظ الأسد. وتعود جهود الولايات المتحدة للإطاحة بالأسد إلى عام 2011، عندما انزلقت سوريا إلى حرب أهلية. وبينما رد الأسد على الانتفاضات الشعبية بقمع عنيف، بدأت الولايات المتحدة في دعم العديد من الجماعات المسلحة، والتي كان العديد منها يسعى إلى الإطاحة بالحكومة السورية”.
وتابع الموقع، “كانت إدارة باراك أوباما قد صممت الاستراتيجية الأميركية الأولية للإطاحة بالأسد. فقد قدمت الولايات المتحدة لقوات المعارضة ما يكفي من الدعم للحفاظ على الضغط على الأسد ولكن ليس بما يكفي للإطاحة به. وكان هدف الإدارة “التوصل إلى تسوية سياسية، وهو السيناريو الذي يعتمد على الجمود النهائي بين الفصائل المتحاربة بدلاً من المنتصر الواضح”، كما أوضح المسؤولون الأميركيون في ذلك الوقت، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست. واقتربت إدارة أوباما من تحقيق أهدافها في عام 2015، عندما بدأت قوات المعارضة في التحرك إلى المناطق المحيطة بدمشق. ومع تزايد الضغوط على الأسد، بدا أنه قد يفقد قبضته على السلطة ويضطر إلى التفاوض أو الاستسلام. ولكن مع اكتساب قوات المعارضة زخماً، تلقى الأسد شريان حياة من روسيا، التي تدخلت لإنقاذه”.
وأضاف الموقع، “مع تهدئة الحرب الأهلية، حافظ المسؤولون الأميركيون على استراتيجيتهم المتمثلة في الجمود. ورغم اعتقادهم بأن الأسد قد ضمن منصبه في دمشق، إلا أنهم ظلوا مقتنعين بأنهم ما زالوا قادرين على الضغط عليه للاستقالة، وذلك من خلال إبقائه ضعيفا وحرمانه من النصر. وامتدت سياسات الولايات المتحدة لإبقاء الأسد ضعيفا خلال إدارات باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، وشملت هذه السياسات العزلة الدبلوماسية للأسد، والعقوبات الاقتصادية الشديدة على سوريا، والضربات العسكرية المستمرة داخل سوريا، والدعم الإضافي لجماعات المعارضة. ومع تحول سوريا إلى “دولة ميتة”، كما وصفها مسؤول في إدارة ترامب، أبقت السياسات الأميركية البلاد ممزقة. ومن خلال منع الأسد من استعادة السيطرة على المناطق التي فقدها في الحرب، كان المسؤولون الأميركيون يأملون في الضغط عليه لقبول الانتقال السياسي”.
وبحسب الموقع، “منذ تولي إدارة بايدن السلطة في عام 2021، كانت صامتة إلى حد كبير بشأن نواياها تجاه سوريا. ورغم أن الإدارة بدت وكأنها تواصل استراتيجية الجمود، وخاصة من خلال إبقاء الأسد ضعيفًا وتقطيع أوصال سوريا، إلا أن مسؤولي الإدارة نادرًا ما أعربوا عن قدر كبير من الاهتمام بالبلاد. ومع هدوء مسؤولي الإدارة، بدأ بعض المشرعين يشكون، ويتساءلون عما إذا كانت إدارة بايدن تتخلى عن مشروع الإطاحة بالأسد. من عام 2022 إلى عام 2023، بدأ عدد من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط التحرك لاستعادة العلاقات مع الأسد. وانتقد المسؤولون في إدارة بايدن هذه التحركات، لكنهم لم يعربوا عن أي اهتمام بالعودة إلى ديناميكيات الحرب الأهلية الأكثر تقلبًا. في الواقع، تشير التقارير الإخبارية الأخيرة إلى أن إدارة بايدن كانت تعمل على صياغة صفقة يقطع فيها الأسد العلاقات مع إيران مقابل تخفيض الضغوط على حكومته”.
وتابع الموقع، “بعد أن بدأت هيئة تحرير الشام هجومها في أواخر تشرين الثاني 2024، لجأت إدارة بايدن إلى أفكار وتكتيكات أسلافها، قدمت الإدارة مناورات هيئة تحرير الشام بطريقة تتناسب مع سياسة الجمود. ولكن حتى مع رؤية مسؤولي الإدارة للمزايا التي يمكن جنيها من استراتيجية الجمود، ظل من غير الواضح مدى الضغوط التي أرادت إدارة بايدن أن تمارسها هيئة تحرير الشام على الأسد. وبمجرد أن بدأت هيئة تحرير الشام في تحقيق مكاسب سريعة، بدا أن المسؤولين يشعرون بالقلق. ومع ذلك، أشار بعض المراقبين إلى أن هناك منطقًا استراتيجيًا وراء تحركات هيئة تحرير الشام. في واقع الأمر، لم يتوقع العديد من المسؤولين الأميركيين أن يؤدي الهجوم إلى انهيار مفاجئ للحكومة السورية. ونظراً لأن الأسد نجح في السابق في النجاة من تحد مماثل في عام 2015، فقد كانت هناك اعتقادات قوية داخل واشنطن وخارجها بأن الأسد وأنصاره سيواصلون صد قوات المعارضة”. ولم تبدأ إدارة بايدن في التخطيط لاحتمال سقوط الأسد إلا بعد أن بدأت قوات المعارضة في السيطرة على حلب في أوائل كانون الأول، أي قبل حوالي أسبوع من فرار الأسد من البلاد، وفقًا لمسؤولين أميركيين”.
وبحسب الموقع، “بصرف النظر عن المد والجزر في سياسة إدارة بايدن تجاه سوريا، فإن سنوات من الإجراءات الأميركية كانت لها آثار واضحة على سوريا. وكما زعم المسؤولون الأميركيون، لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في تهيئة الظروف التي أدت إلى الإطاحة بالأسد. ومنذ أن وضعت إدارة أوباما لأول مرة استراتيجية الجمود، التي ساعدت في تحويل سوريا إلى دولة ممزقة الأوصال، حكم الأسد بلداً مدمراً، وقد لا يتعافى أبداً. وكان للإمبراطورية الأميركية المتجددة تحت إدارة بايدن عواقب وخيمة على سوريا. فمن خلال إنفاق العامين الماضيين في دعم أوكرانيا ضد روسيا والعام الماضي في دعم الهجمات العسكرية الإسرائيلية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، نفذت إدارة بايدن سياسات فرضت تكاليف باهظة على أنصار الأسد، وخاصة روسيا وإيران وحزب الله. وبدون الدعم الخارجي، لم يعد الزعيم السوري الذي حكم سوريا لفترة طويلة قادرا على الصمود في وجه التحديات العنيفة لحكمه”.
وتابع الموقع، “بعد فترة وجيزة من سقوط الأسد، أدرك بايدن العواقب المترتبة على تصرفات إدارته، مدعيا في خطاب رئيسي أن السياسات الأميركية مهدت الطريق لسقوط الأسد، وأصر بفخر على أن تصرفات إدارته جعلت تغيير النظام ممكنا”.