أمن وقضاء

هل يشرّع مجلس الوزراء مخالفات رئيس التفتيش المركزي؟

فضيحة فساد جديدة يُراد تمريرها وتغطيتها بمرسوم حكومي، في جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً، تتعلق بالاتفاقية المطبّقة منذ عام 2019 بين التفتيش المركزي والسفارة البريطانية في لبنان بعنوان «دعم الحوكمة والرقابة والمساءلة في لبنان». علماً أن ما جرى فعلياً منذ بدء تنفيذ هذه الاتفاقية لم يكن إلا تعزيزاً لكل سبل التهرّب من الرقابة والمحاسبة، برعاية بريطانية وبتطبيق من التفتيش المركزي الذي يفترض أنه جهاز رقابي يكافح الفساد.

ففي مطلع تشرين الأول 2019، أطلقت إدارة التفتيش التي يرأسها القاضي جورج عطية مشروع «الحوكمة والرقابة والمحاسبة في لبنان»، بتوقيع مذكّرة تفاهم مدتها ثلاث سنوات (حتى 31 آذار 2022)، بين عطية ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية ممثّلة بالسفير البريطاني في بيروت إيان كولارد. تضمّنت المذكّرة هبة بريطانية بقيمة 2.5 مليون جنيه إسترليني (نحو 3 ملايين دولار)، واشترطت أن تتولى مؤسسة «سايرن اسوشيتس» البريطانية غير الحكومية تنفيذ المشروع الذي يهدف إلى مساعدة التفتيش في تطوير قدراته وتعزيز رقابته وتفعيل تعاونه مع الإدارات والمؤسسات العامة. وبموجب المذكّرة، سُلّمت المؤسسة البريطانية داتا اللبنانيين عبر إشرافها على منصة impact التي تدير برنامج المساعدات المالية للعائلات المحتاجة، والتي سبق أن سُجّلت عليها كل طلبات الحصول على اللقاحات والأذونات في فترة «كورونا».

في الحالات الطبيعية، كان يجب التصريح عن الهبة في وزارة المالية والحصول على موافقة مجلس الوزراء وتوقيع رئيس الجمهورية، فضلاً عن أن إدارة منصة كهذه، ليست من صلاحيات التفتيش الذي يتمتع بدور رقابي لا تنفيذي. إلا أن كل ذلك لم يحصل، وأنفقت إدارة التفتيش، بالتنسيق مع السفير البريطاني والمؤسسة البريطانية، 3 ملايين دولار من دون اطّلاع أي جهاز أو مؤسسة في الدولة اللبنانية على آلية الصرف، ومن دون سلوك المسار القانوني الذي يفرضه الدستور في حالات مماثلة.

لذلك، يبدو مريباً أن يتضمن البند السابع من جدول أعمال مجلس الوزراء طلب التفتيش الموافقة على سبيل التسوية، على «قبول الدعم التقني والفني بخصوص برنامج الحوكمة والرقابة والمساءلة في لبنان»، ما يعني التصديق على كل مخالفات التفتيش، إذ إن رئيس الحكومة نفسه هو كان قد أحال عطية إلى ديوان المحاسبة في آب 2022، وأصدر الديوان تقريراً في آذار الماضي ادان فيه عطية، وطلب التوسّع في التحقيق حول الاستنسابية والتلاعب بطلبات المواطنين وهدر الأموال العامة وتعريض أمن الدولة للخطر.

وأشار إلى مخالفته للمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية بعدم استصدار أي قرار بقبول هبة الـ3 ملايين دولار من مجلس الوزراء وعدم تقييدها ضمن واردات الخزينة اللبنانية في قسم الواردات من الموازنة، وعدم إرفاق الملف بأي كشوفات أو مستندات تبيّن وجهة الصرف والإنفاق.

لذلك، ثمة سؤال رئيسي: هل يقفز الوزراء فوق تقرير الديوان ويشرّعون مخالفات عطية وكشفه داتا اللبنانيين وإدارات الدولة أمام دول وأجهزة أجنبية، وتقاضي أموال على شكل هبات من دون التصريح عنها أو عن وجهة صرفها بالاستقواء بالسفارات الخارجية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى