30% من السجناء في لبنان سوريون…وتهمة كثيرين تصدّيهم لنظام الأسد
بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، فُتحت قضيّة الموقوفين والمحكومين السوريين في السجون اللبنانية، التي طالما كانت من المحرّمات أو المواضيع الحسّاسة التي يُمنع الاقتراب منها.
هذه القضية تكشف الأوضاع الإنسانية والقانونية الصعبة التي يعيشها العديد من السوريين في السجون اللبنانية، حيث يشكلون نحو 30% من إجمالي الموقوفين، وتراوح أسباب احتجازهم بين القضايا الأمنية المتعلقة بالنزاع السوري، وبين القضايا القانونية المتعلقة بالإقامة غير الشرعية أو ارتكاب أفعال جرمية، وأثيرت العديد من التساؤلات حول حقوقهم القانونية وظروف احتجازهم.
يبلغ عدد السجناء والموقوفين في سجون لبنان والنظارات وأماكن التوقيف حتى تاريخ 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري 7832 سجينة وسجيناً، وفق مصدر أمني لـ”النهار”. وأوضح أن هناك 6079 نزيلاً في سجن رومية المركزي وكل السجون الأخرى وعددها 25، بالإضافة إلى 1753 موقوفاً في النظارات وقصور العدل وأماكن الاحتجاز التابعة لقوى الأمن الداخلي، وعددها 229.
ويتوزع السجناء بحسب جنسيتهم على الشكل الآتي :
4522 مسجوناً لبنانياً بنسبة 57.7%
2351 مسجوناً سورياً بنسبة 30%
529 مسجوناً فلسطينياً بنسبة 6.8%
420 مسجونأ من مختلف الجنسيات بنسبة 5.5%
وأشار المصدر إلى أن عدد السجناء ارتفع من 7515 إلى 7832 سجيناً من تاريخ 22/10/2022 إلى 13/12/2024 أي بارتفاع 317 سجيناً، بينما ارتفع عدد الموقوفين في النظارات وقصور العدل التابعة لقوى الأمن الداخلي من 1589 إلى 1753 موقوفاً أي بزيادة 170.
ووقع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية بين 1991 و2010، طبّق البعض منها فيما الآخر بقي شكلياً، لكن الأهم اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية ملحق بالاتفاق القضائي الموقع بين البلدين.
استنابة قضائية
وأوضح المتخصص في حقوق الإنسان المحامي محمد صبلوح أن الاتفاقيات المبرمة بين لبنان وسوريا ملزمة للطرفين ويجب تطبيقها، مذكراً بأن هناك اتفاقية تمنع لبنان من محاكمة أي سوري ارتكب جرماً على الأراضي السورية إلا بناءً على استنابة قضائية من النيابة العامة السورية، وهذا ما يتناقض مع محاكمة بعض السوريين في لبنان بتهمة الانتماء إلى عصابات مسلحة في سوريا.
وكشف عن إشكالية كبيرة مفادها أن عدداً من الموقوفين السوريين في لبنان حوكموا بتهمة القتال ضد النظام، فضلاً عن الفبركات والضرب والتعذيب خلال التحقيقات في قضايا مختلفة، خصوصاً معارك عرسال.
“كم تمنّيت أن أموت”
ويواجه الموقوفون السوريون معاملة تمييزية أو قاسية بسبب جنسيتهم أو الانتماء السياسي، ما يزيد من صعوبة وضعهم داخل السجون اللبنانية. وفي تقرير تحت عنوان: “كم تمنّيت أن أموت”، اتّهمت منظمة العفو الدولية “أمنستي” قوى الأمن اللبنانية بارتكاب انتهاكات بحق لاجئين سوريين اعتُقلوا خلال الاعوام الماضية بتهم “الإرهاب” بينها اللجوء إلى “أساليب التعذيب المروّعة” وحرمانهم “المحاكمة العادلة”.
وإذ ذكّر صبلوح بأنه خلال مرحلة نظام الأسد كان السوريون الذين يُخلى سبيلهم أثناء محاكمتهم يُرحّلون مباشرة إلى سوريا، دعا القضاء اللبناني إلى إخلاء سبيل السوريين الذين تنطبق عليهم الشروط القانونية وتسليمهم إلى الدولة السورية ليُحاكموا في بلدهم، ما يؤدّي إلى تضاؤل عدد النزلاء السوريين في السجون اللبنانية فينكعس الأمر إيجاباً على النزلاء اللبنانيين الذين يعانون من الاكتظاظ، خصوصاً أن 82% من السوريين في السجون اللبنانية ينتظرون محاكمتهم و18% منهم فقط محكومون.
ويقول صبلوح أن معظم اتهامات الإرهاب هي فقط لأن المتهمين ساندوا الثورة السورية وقاتلوا نظام الأسد، مذكراً بأن “الجيش السوري الحر” غير مصنّف إرهابياً ومحكمة التمييز الجزائية أصدرت قراراً بمنع محاكمة أي شخص متهم بالانتماء لـ”الجيش الحر” لأنه لم يصنّف إرهابياً، ولكن للأسف لدينا العشرات من أحكام المحكمة العسكرية التي اعتبرت المنتمين للجيش الحر إرهابيين وحاكمتهم بناءً على هذا الاتهام.