بعد أقل من يومين على سقوط النظام السوري، شهدت الحدود مع لبنان، حركة نزوحٍ تركزت في منطقة البقاع الشمالي.
وتبيّن أن الغالبية ينتمون إلى الطائفة الشيعية وقد هربوا خوفاً من تعرّضهم لأعمال انتقامية من جانب الفصائل المسلحة. وقد سارع «حزب الله» إلى تشكيل خلية أزمة تندرج تحتها لجان عدّة، تتولى إدارة الملف على الأرض، من لحظة دخول العائلات إلى الأراضي اللبنانية، وتوجيهها نحو مراكز الإيواء في منطقتي الهرمل وبعلبك، التي فتحت لاستقبال النازحين، من الذين ليس لديهم أقارب أو أصدقاء يقصدونهم. كذلك لتأمين المساعدات الإغاثية لهم، بالتعاون ما بين وحدة العمل الاجتماعي في الحزب وجمعية «وتعاونوا». وكان بارزاً غياب أي دور لأجهزة الدولة اللبنانية، كما سجّل غياب تام للجمعيات غير الحكومية أو المؤسسات الأهلية التي تعمل في هذا الحقل، بينما لم يظهر أي تحرك للمفوضية الدولية الخاصة بالنازحين السوريين.
وُيمكن وصف المشهد بالمأساوي، وخلال الساعات الماضية كان عدد العائلات النازحة قد تجاوز الـ22 ألف عائلة. وهم دخلوا عبر المعابر غير الشرعية، مع ترجيح ارتفاع العدد عند انتهاء عملية تسجيل الأسماء. جلّ العائلات نزحت من مدن نبّل والزهراء و14 بلدة في ريف حمص، وكذلك من منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، ودخلوا لبنان عبر منطقة القصير الحدودية.
ووفقاً للأرقام التي حصلت عليها «الأخبار»، استقرت أكثر من 10 آلاف عائلة في الهرمل، فيما تستضيف مدينة بعلبك والضواحي حوالى 5000 عائلة. واستحدثت 6 مراكز نزوح، عبارة عن حسينيات ومساجد ومركز المدينة الكشفية في بعلبك. مع الإشارة إلى غالبية الذين قصدوا الهرمل يحملون الجنسية السورية، بينما قصدت بعلبك عائلات لبنانية لكنها تعيش في قرى تقع داخل الأراضي السورية. وإذا شملنا جميع الداخلين إلى لبنان بصورة غير شرعية، تتحدث المصادر عن حوالى 22 ألف عائلة كتعداد أولي، من دون احتساب الذين دخلوا عن طريق المصنع، وجرى تسجيل أعدادهم من قبل جهاز الأمن العام اللبناني.
وحول أسباب النزوح، ينقسم النازحون بين عائلات قصدت لبنان طلباً للأمان، بعد سيطرة الجماعات المسلحة في سوريا، وبين عائلات قالت إنّها تلقت تهديدات من المسلحين والمؤيدين لهم، وهو ما أدى إلى أعداد نزوح يصفها معنيون بالملف بأنها «فاقت التوقعات». وهو ما فرض تحديات، نتيجة النقص في الحاجات الأساسية مثل حليب الأطفال والأدوية على مختلف أنواعها. لا سيما أن سوريا كانت في السابق مصدراً لبعض أنواع الدواء، إضافة إلى الأدوية الإيرانية. ويؤكد رئيس جمعية «وتعاونوا»، عفيف شومان، أن «الحاجات كبيرة، والتحديات ليست بسيطة تحديداً على مستوى تأمين علاجات النازحين المرضى بالسرطان وغيره من الأمراض المستعصية، وهي حالات اكتشفوها خلال جولتهم في المنطقة، تليها الحاجة إلى كميات كبيرة من حليب الأطفال».
ومنذ بداية النزوح قامَ العمل الاجتماعي في «حزب الله»، و«وتعاونوا»، بتوزيع حوالى 4000 حصة غذائية في الهرمل، تصلح لوجبات الفطور والعشاء، أما الوجبة الرئيسية، فهناك سعي إلى تأمينها عبر 3 مطابخ ميدانية مستحدثة. أما بشأن تحدي البرد، فقد تم الاعتماد على مدافئ مع تأمين مادة المازوت كلما دعت الحاجة. أما في بعلبك، فقد وزعت مدافئ مع قوارير غاز. وفي وقت يؤكد شومان أن «لا مشكلة على مستوى البطانيات، وأن توزيع الملابس السميكة سيبدأ قريباً»، يلفت إلى «نقصٍ على مستوى الفرش، وهناك حاجة إلى ما يقارب 7 آلاف فرشة».
لوجستياً، جرى فصل قاعات الحسينيات والمساجد بالستائر القماشية، وتم استحداث مراحيض خارجية للرجال. وبرزت الحاجة إلى نقل بعض اللوازم من بيروت إلى الهرمل، مثل العلب المطلوبة لتوضيب وجبات الطعام الساخنة المطهية في المطابخ الميدانية. هذا الجهد، يقوم به 150 متطوعاً موزعين بين العمل الاجتماعي في «حزب الله»، و«وتعاونوا» ومتطوعين من أهل المنطقة نفسها، الذين أبدوا مرونةً بالتعاطي مع المستجدات، وبعضهم قدم محلات ومستودعات لتخزين المساعدات فيها (المصدر: الأخبار)