90 بالمئة نسبة الشفاء من سرطان الثدي في العالم.. ماذا عن لبنان؟
بوجه كل الظروف والعقبات المتمثلة بالأوضاع الإقتصادية والمالية الصعبة، يستمر البروفسور ناجي الصغير رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأمريكية في بيروت، بنشر العلم والمعرفة وثقافة الأبحاث وتحسين علاج مرضى سرطان الثدي، حتى أصبحت نتائج علاج مرضى السرطان في لبنان والدول العربية، تضاهي أفضل النتائج في العالم.
ويكشف البروفسور الصغير، رئيس مؤتمر بيروت لسرطان الثدي السنوي ال12، أن 80 إلى 90% من المرضى يتمّ شفاؤهم وهم بدون عوارض بعد 10 سنوات من التشخيص. ولكن في الوقت نفسه، لم يخف خشيته من “تدهور في نتائج العلاج في لبنان بسبب الأزمات الاقتصادية وعدم قدرة المرضى على الحصول على تشخيص وعلى العلاج بشكل صحيح ومتواصل بدون إقطاع”، مشيراً إلى ” 2500 إصابة جديدة سنوياً بسرطان الثدي في لبنان، وبأن 2500 امرأة يواجهن المرض بمقومات محدودة، وبصعوبة الحصول على الأدوية والعلاجات، وأخريات يعانين من تعذّر القدرة المادّية لإجراء الفحوصات اللازمة، لأسباب اقتصاديّة، بالإضافة إلى توقّف الحملات الوطنيّة المشجّعة على إجراء التصوير الشعاعيّ للثدي من خلال وزارة الصحّة اللبنانيّة”.
وعلى الرغم من عوامل كثيرة أثّرت بشكل أو بآخر في تأخير التشخيص، أو التأخّر في الحصول على العلاجات، يؤكد الصغير، محاولة الأطبّاء والمعنيّين، سدّ الفجوات بهدف تحسين نسبة الشفاء من مرض السرطان، وتسليط الضوء على العلاجات المختلفة المعتمدة التي تعطي نتائج إيجابيّة مذهلة.
لكن هذه النتائج تبقى مهددة في لبنان، كما يلفت البروفسور الصغير، بسبب الأزمات الإقتصادية والمالية ، وعدم قدرة المرضى على الحصول على تشخيص، وانقطاع العلاجات بين الحين والآخر.
وعن مؤتمر سرطان الثدي الثاني عشر، يوضح الصغير أنه ركز على أحدث تطوّرات التشخيص المخبريّ والإشعاعيّ والنوويّ والجينيّ، وجراحة الثدي الجزئيّة الترميميّة وغيرها من العلاجات المتطوّرة، وتحسين الرعاية الطبيّة، ونسبة النجاة والبقاء على قيد الحياة.
ويشدد الصغير على أهميّة الكشف المبكر عبر إجراء التصوير الشعاعيّ للثدي سنوياً منذ سنّ الأربعين بالنسبة إلى عامّة النساء، لأنّ نسبة سرطان الثدي مرتفعة في لبنان، خصوصاً أنّ 50 في المئة من حالات سرطان الثدي تصيب من هنّ دون سنّ الـ50.
وعن جديد العلاجات يتحدث البروفسور الصغير عن دواء جديد مضادّ يمزج بين دواء Trastuzumab والعلاج الكيميائيّ، يلتصق على الخليّة داخل خليّة الكتلة السرطانيّة لقتلها وقتل الخلايا المجاورة لها. وقد أعطى نتائج إيجابيّة لحالات HER2 الزائد والخفيف، ويُنتظر أن يتمّ تسجيل هذا الدواء في لبنان قريباً.
وعن مسألة الحمل للنساء الناجيات من السرطان أو المصابات بسرطان الثدي، يقول الصغير “قد نلجأ اليوم قبل البدء بالعلاج إلى طريقتين لتحسين فرص الإنجاب عند النساء اللواتي يتمّ شفائهنّ ويرغبن في الإنجاب:
الطريقة الأولى: تجميد البويضات قبل البدء بالعلاج الكيميائيّ.
الطريقة الثانية: إعطاء دواء لوقف “المبيضات” عن العمل، والتخفيف من تأثير العلاج الكيميائيّ عليها، وبعد أن تخضع المرأة المصابة بسرطان الثدي للعلاج الهرمونيّ لمدّة 2.5 – 3 سنوات، نوقف الدواء الهرمونيّ لمدة 3 أشهر، وبعدها يمكن للمرأة أن تحمل، وبعد ولادة الطفل، تعود من جديد لتكمل العلاج الهرمونيّ حسب خطّة علاجها الأساسيّة”.
شفاء دون علاج كيميائي!
ويكشف الصغير أن طريقة العلاج تختلف بين مريضة وأخرى وفق النوع الخبيث وسرعته وانتشاره، ولمعرفة كيفيّة التعاطي مع كلّ حالة بشكل أكثر دقّة، قد تخضع المريضة إلى فحص Mamaprint أو فحص Oncotype DX حتّى تُعرف مدى نسبة استفادة المريضة مع العلاج الكيميائيّ، لاسيّما أنّ الحالات السرطانيّة التي اكتُشفت في مراحل مبكرة قد لا يلزمها علاج كيميائيّ، كما يساعد الكشف المبكر على إجراء جراحة جزئيّة ترميميّة من دون الحاجة إلى جراحة كاملة تفقد فيه المرأة ثدييها. كذلك أحياناً لا تُزال كلّ العقد الليمفاوية تحت الإبط، وإنّما يكتفي الجرّاح باستئصال العقدة الحارسة والتأكّد من نظافتها، وفي حال كانت النتيجة جيّدة ونظيفة لا يُضطرّ إلى إزالة باقي العقد الليمفاويّة.
ويؤكّد الصغير أنّ نسبة الشفاء في المراحل الأولى قد تصل إلى ما بين 80و90 في المئة، وتنخفض النسبة إلى 50 في المئة في المرحلة الثالثة من المرض، في حين يُعتبر الشفاء في المرحلة الرابعة صعباً ويصل إلى نسبة تتراوح بين 10 و20 في المئة، ولكن يمكن السيطرة على المرض لفترة سنوات طويلة حسب مواصفات الخلايا السرطانيّة.
كما يبشّر الصغير بأنّ الأبحاث الجديدة تركّز على اكتشاف وتطوير الأدوية الهادفة، والتي تزيد من نسبة القضاء على المرض، وزيادة الشفاء في حالات المرض المتقدّمة