عنداري ممثلا الراعي في قداس يوم الاعلام العالمي: دور الإعلام نقل الحقيقة واعلاء شأن الحرية والتوعية
ترأس المطران انطوان نبيل العنداري ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداسا احتفاليا في كنيسة الصليب- جعيتا، لمناسبة يوم الاعلام العالمي الخامس والخمسين، عاونه فيه مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبدو ابو كسم، في حضور السفير البابوي في لبنان المطران جوزيف سبيتيري، مدير “الوكالة الوطنية للإعلام” زياد حرفوش ممثلا وزيرة الاعلام في حكومة تصريف الاعمال الدكتورة منال عبد الصمد نجد، نقيب محرري الصحافة جوزف القصيفي ونائب رئيس اللجنة الاسقفية الارشمندريت طوني ديب وحشد من الزميلات والزملاء الاعلاميين في لبنان.
ابو كسم
استهل القداس بكلمة لأبو كسم، لفت فيها إلى “أهمية البحث عن الحقيقة، وما يتطلبه هذا البحث من إصغاء للاخر وتلمس الاحداث وفهمها بوعي بعد التعمق في تفاصيل أحداثها، لا ان نستخلص استنتاجات متسرعة فنخبر بصدق ما رأيناه واختبرناه لتكون الحقيقة واضحة صادقة للجميع”.
عنداري
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران عنداري عظة تناول فيها “دور الإعلام في نقل الحقيقة واعلاء شأن الحرية وتوعية الفرد من اجل مستقبل الانسان في لبنان”. وقال: “معلوم ان لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أثرها البعيد على المجتمع ككل، فباستطاعتها ان تقدم له النماذج في الحياة ما قد يطبعه ثقافيا واخلاقيا ومسلكيا وقد تثير فيه مشاعر التدين او الالحاد، الثورة او الاستسلام للاستعباد، الشعور بالكرامة او القبول بالهوان إلى ما سوى ذلك من حالات. لذلك ترى الكنيسة واجبا عليها ان تقوم بالدفاع عن حرية الانسان وكرامته وترفض رفضا قاطعا كل اشكال الاحتكار والتلاعب للهيمنة”.
واشار عنداري الى ان “المعارضة في البلدان الراقية تتمتع بما تتمتع به الموالاة من حقوق في الاعلام والامور الايلة لخير جميع المواطنين. فلا يجوز ان تكون الحرية مثار جدل او تعقب او تقويم، فمن فقد الحرية اصبح منقوص الانسانية والكرامة، لا بل انحدر الى مستوى آلة صماء تستعمل لتنفيذ ارادة غريبة. ان المجاهرة بالحقيقة المسؤولة قد تجرح من يريد طمسها وتغيير او تزوير معالمها”.
وتساءل: “هل العدالة هي في التلاعب بتشويه الحقائق من اجل المصالح واكراما لعيون المساومين عليها. الأمثلة كثيرة ولا نريد التوسع فيها مثل كارثة انفجار مرفأ بيروت وما نتج عنه من ضحايا ودمار طالت في ما طالت الاعلاميين وبعض المؤسسات الاعلامية. ان الحرية المسؤولة والمجاهرة في الحقيقة لا تعني التفلت والانزلاق الى التراشق الاعلامي اللامسؤول والحملات المغرضة والاتهامات بحق الأشخاص والمؤسسات على مختلف المستويات، ولا تعني التجريح والتشهير اللاأخلاقي بالكرامات التي تتناوله بعض وسائل التواصل الاجتماعي، ولا ان يكون الانسان مأجورا لأحد، “وإنما الأمم الاخلاق ما بقيت فان ذهبت اخلاقهم هم ذهبوا”.
واكد عنداري “ان ثقافة الحرية في الوطن اللبناني عريقة في تاريخها وشريفة باخلاقيتها بعيدة كل البعد عن التفاهة”.
وفي ختام كلمته نقل للاعلاميين البركة الابوية لرئيس مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك البطريرك الراعي تعبيرا عن مشاركته الصلاة معا.
السفير البابوي
ثم القى السفير البابوي كلمة موجزة نقل خلالها بركة البابا فرنسيس لجميع العاملين في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، مؤكدا ان “حرية الصحافة وحرية العمل الإعلامي يصبان في خدمة الجماعة وفي خدمة الديموقراطية”.
وأشار الى ان “رسالة البابا لهذا العام كانت واضحة، وتحدث عنها المطران عنداري وطلب من الاعلاميين التزام معرفة الحقيقة والمشاركة في نقلها بصورة واضحة وشفافة من اجل بناء مجتمع عادل”، داعيا الاعلاميين الى “محاربة الاخبار المزيفة وتأثيرها السلبي على المجتمع”.
القصيفي
ثم تحدث النقيب القصيفي فقال: “لا يوقد سراج، ويوضع تحت مكيال. فليضئ نوركم للناس”
عندما خاطب السيد المسيح تلامذته بهذا القول، كان يحدد مهمة الصحافة، ودور الصحافي، وذلك قبل نشوء المهنة بالصيغة التي انطلقت فيها منذ بروز فن الطباعة، مع الاختراع المفصلي ل” غوتنبرغ”، وصولا الى ما تلاه من تحولات وتطورات استقرت حتى الساعة على الاعلام الرقمي، ومن يدري ما يحمله لنا الغد”.
اضاف: “ان الاعلام لا يمكنه الا ان يكون خادما في بلاط الحقيقة، وجنديا في ساحات وغاها، مدافعا عنها، لا يستطيع كرهها ولو اراد، باذلا في سبيلها اغلى ما يملك، كما فعل من تقدمنا من احرار السادس من نوار 1916، الذين التفت الحبال حول اعناقهم، وأضحت المشانق التي علقوا عليها أراجيح مجد وبطولة مستقرة في ذاكرة الخلود. ولم تتوقف السلسلة الى يومنا هذا، عندما صب زملاء لهم في عقود تلت كأس الشهادة حتى الجمام، وشربوها حتى الثمالة”.
وتابع: “صاحب السيادة رئيس اللجنة الاسقفية لوسائل الاعلام الكاثوليكية، وجمع المسؤولين الروحيين والزمنيين في اللجنة، ان احياءكم السنوي لليوم العالمي للاعلام، هو ترجمة عملية للاهتمام الذي توليه الكنيسة الجامعة لهذا القطاع الاساسي الذي يضطلع بدور محوري، ويمتلك سلاحا فتاكا، في تسيير المجتمع الانساني، وتوجيهه نحو مدارات تحدد مصير البشرية بأسرها في هذا الاتجاه او ذاك. وقد وعت الكنيسة الكاثوليكية خطر ما يمثله الاعلام على واقع الانسانية ومستقبلها، فكرست يوما خاصا به، ووجه البابوات رسائل تتضمن رؤيتهم للاعلام والمهمة المنوطة به. وحبذا لو تعمق اهل هذا القطاع بما انطوت عليه هذه الرسائل من معان، وعمدوا على تطبيقها في ادبياتهم وسلوكياتهم. لان الحياة كانت ستكون افضل”.
واكد ان “الاعلامي مدعو للشهادة للحق، والانتصار للمظلوم على الظالم، وللمقهور على القاهر، وللجائع على جوعه، وللمسلوب المال على سالبه، وللفقير على من تسبب بفقره وحرمه لقمة عيشه. والسؤال: هل يضطلع الاعلامي على نحو مرض وفاعل- كما ينتظر منه مواطنوه- بالرسالة الملقاة عليه، وهل يكفه ان يضيء على المشكلات، ومكامن العلة في وطنه ومجتمعه؟”.
وقال: “ان المطلوب منه اليوم قبل الغد ان يشهد للحق والحقيقة، وان يحمل السوط في وجه كل من يعمل على تدمير سلم القيم الانسانية والاجتماعية والاخلاقية التي يرتكز اليها وطننا. في هذا اليوم، يبدو الاعلام، معنيا اكثر من اي يوم مضى، بالانحياز الى جانب الناس وقضاياهم المحقة، وان ينقاد الى جوهر القيم الانسانية والاخلاقية، ليقود الناس اليها”.