ثلاثة مشاهد تختصر المشهد السياسي اللبناني اليوم، ولعل أبرزها على الاطلاق ردّ فعل الشارع اللبناني عقب رفع الدعم، ولو بشكل غير مباشر، عن المحروقات، وما سيستتبع ذلك من قرارات وارتفاع جنوني في الاسعار. اما المشهد الثاني فهو الجلسة النيابية المخصصة لرفع الحصانات والتي باتت مهددة بالتأجيل نتيجة مقاطعة عدد من الكتل والنواب المستقلين لها. اما المشهد الثالث والأهم فهو اللقاء الثامن الذي من المتوقع ان يعقد بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي عقب الاجتماع “الايجابي” الذي عقد أمس.رفع الدعم
ولو بشكل غير مباشر، أعلن حاكم مصرف لبنان أمس رفع الدعم عن المحروقات في لبنان، عقب اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي خصص لبحث الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وجاء في بيان المصرف انه اعتباراً من اليوم 12 آب، سيقوم المصرف بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، معتمداً الآلية السابقة، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق، ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات.وأشارت صحيفة “نداء الوطن” تحت عنوان “دعم المحروقات انتهى: البنزين إلى 336 ألف ليرة” الى ان على الشركات المستوردة للمحروقات أن تستورد المادة مباشرة اذا ما كان لديها “دولار كاش” أو أن تتوجّه الى مصرف لبنان كي يؤمّن لها فتح الإعتماد وبالتالي الدولارات للاستيراد، ولكن بدءاً من اليوم على اساس سعر صرف الدولار المعتمد في السوق السوداء بدلاً من 3900 ليرة، وبذلك كلما ارتفع سعر الدولار تزيد أسعار المحروقات وكلما تراجع تنخفض معه الأسعار.
وبحسب المعنيين في وزارة الطاقة لـ”الأخبار”، فسيتم تحضير جدول للتسعيرة الجديدة وفق الأخيرة وستبقى تصدر جدول التسعير على السعر المتفق عليه للدعم، أي على سعر 3900 ليرة، إلى أن يُصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً، فتصدر بدورها تسعيرة السعر غير المدعوم. وبحسب “الدولية للمعلومات”، فإن إلغاء الدعم عن المحروقات سيعني وصول سعر صفيحة البنزين إلى 336 ألف ليرة، وسعر صفيحة المازوت إلى 278 ألف ليرة! هذه التقديرات مبنية على سعر السوق الحالي، فيما المتوقّع أن يؤدي رفع الدعم إلى المزيد من الانهيار في سعر الصرف، ما يعني ارتفاع أسعار المحروقات أكثر وأكثر، رغم زعم سلامة أنه سيتدخّل لحماية سعر الصرفهذا في ما يتعلق بموضوع المحروقات، أما في موضوع الجلسة النيابية المخصصة لرفع الحصانات، فبدا واضحاً ان مواقف الكتل النيابية الوازنة الرافضة للجلسة قد تمكنت مسبقاً من اسقاط الجلسة بسلاح إفقاد النصاب. واتسع حجم مقاطعة الكتل للجلسة فشملت كتلة “الجمهورية القوية” و”تكتل لبنان القوي” وكتلة “اللقاء الديموقراطي” وكتلة “ضمانة الجبل” وافيد ان كتلة النواب الأرمن ستعلن اليوم المقاطعة أيضا الى عدد من النواب المستقلّين.
الحكومة في الاتجاه الصحيح
أما الملف الثالث وهو الملف الحكومي، فقد شهد تقدّماً نسبياً حققته الجلسة التي ضمّت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، واعتبرت صحيفة “النهار” تحت عنوان “المحروقات بسعر السوق وإسقاط جلسة الحصانات” ان لقاء الرئيسين لم يستمر اكثر من أربعين دقيقة، ولم تتسرب عنه معطيات توحي بإيجابيات تتجاوز الشكليات التي يحرص الجانبان على الإيحاء بها، فيما لا يبدو وفق المعطيات الحقيقية ان خطوات ملموسة جادة قد تحققت بعد على طريق اختراق في التأليف. وفيما تسربت معلومات عن اتفاق على ابقاء القديم على قدمه في التوزيعات الطائفية وعدم اعتماد المداورة، وتحت عنوان مسودة عون – ميقاتي: خطوة باتجاه التأليف بعد فشل «البديل الأعلى»! قالت مصادر على صلة بالمسار الحكومي لـ”اللواء” إنّ تثبيت صرف النظر عن اعتماد المداورة كان أبرز التفاهمات في لقاء الأمس ما يسهّل رسم صورة توزيع الحقائب على الطوائف، ويتيح الانتقال الى التسميات، التي لا تزال عند عقد أسماء وزيري الداخلية والعدل، والوزيرين المسيحيين المختلف عليهما وعلى كيفية تسميتهما بين الرئيسين منذ الإنتقال الى صيغة الـ 24 وزيراً مع الرئيس السابق سعد الحريري، في ظل رغبة رئيس الجمهورية بتغيير اسم وزير المالية وسط تسريبات عن عدم ممانعة من الرئيس بري بتسمية بديل.وأوضحت مصادر “البناء” أنّ “التوزيع الطائفي للحقائب أصبح شبه مكتمل بانتظار بعض الاتصالات التي سيجريها رئيس الجمهورية وميقاتي”، وأكدت المصادر أن “الخطوة المقبلة بعد التوزيع الطائفي ستكون إسقاط الأسماء”. وبحسب المصادر، فإنّ “وزارة الطاقة ستكون من حصة رئيس الجمهورية، والأشغال من حصة حزب الله، والتربية من حصة ميقاتي والاتصالات من حصة المردة، أما نائب رئيس الحكومة سيكون بالاتفاق بين عون وميقاتي”. ورغم الأجواء الإيجابية، استبعدت المصادر أن تتشكل الحكومة اليوم.
أما في ما يتعلق بالحقائب السيادية، فلفتت صحيفة “الديار”، تحت عنوان “عون وافق على بقاء الوزارات السيادية دون تعديل” ان رئيس الجمهورية وافق على ابقاء الوزارات السيادية دون اي تعديل وذهاب وزارة الداخلية للطائفة السنية والمالية للشيعة على ان يحسم اسم وزير المالية بالتشاور بين ميقاتي وبري بعد ملاحظات الرئيس عون على اسم يوسف خليل كونه موظفا في مصرف لبنان في فترة التحقيق الجنائي التي يطالب بها الرئيس عون على ان تذهب وزارات الدفاع والعدل والخارجية الى رئيس الجمهورية وتبقى عقدة وزارة الشؤون الاجتماعية وبعض الاسماء التي تحتاج الى تشاور في اجتماع اليوم بين ا
لرئيس
ين عون وميقاتي في ظل اصرارهما على توزيع عادل لكل الاطراف المعنية. والشياطين تكمن في التفاصيل مع الحرص على اختيار اسماء غير نافرة وتحديدا في الداخلية.