لبنان على خطى العراق وسوريا وكوبا.. بلا سيارات “فارهة”؟!
أقرّ مجلس النواب موازنة العام 2022 في جلسة 26 أيلول الماضي والتي تضمّنت رفع “الدولار الجمركي” إلى 15 ألف ليرة للدولار الواحد أي 10 أضعاف السعر السابق وهو 1500 ليرة للدولار، مع الإشارة إلى أنّ الموازنة التي أقرّها مجلس النواب وأحالها رئيس المجلس نبيه برّي إللا رئاسة الحكومة ليست بحكم السارية حتّى الآن حيث أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قام بتوقيها ولكنّها تنتظر توقيع رئيس الجمهورية لنشرها في الجريدة الرسمية.
وعلى الرغم من محاولات التطمين إلى أنّ رفع قيمة الدولار الجمركي لن يكون له انعكاس مباشر على المواطن ولن يمسّ السلع الأساسية، يبدو قطاع السيارات هو أحد أكثر القطاعات تضرّراً من هذا الإجراء.
ويحذّر القيمون على هذا القطاع من انعاكاسات “كارثية” على لبنان نتيجة هذا القرار “العشوائي”، فهور يجعل لبنان خلال السنوات القليلة المقبلة بلا سيارات حديثة أو “فارهة” على غرار دولٍ مثل العراق وسوريا وكوبا، ما يساهم في ضرب صورة لبنان الحضارية ولا سيما أنّه كان سوقاً لبيع هذه السيارات للدول المجاورة.
نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة في لبنان، وليد فرنسيس، يصف القرار بأنّه “عشوائي” وغير مدروس وغير مبني على خطة اقتصادية وهو يساهم في تدمير القطاع ولا سيما أنّه أتى بعد فترة قصيرة من رفع الدعم عن المحروقات والدواء وعن مواد أساسية تطال حياة المواطن اليومية.
واعتبر فرنسيس في حديث لـ vdlnews أنّه “لا يمكن رفع رسم الجمرك 10 أضعاف مرة واحدة على شعب ينازع ويعاني من أزمات لا تعدّ ولا تحصى”، لافتاً إلى أنّه “تبيّن أنّ الزيادات العشوائية تتسبّب في زيادة العبء على خزينة الدولة لا كما يتمّ الترويج أنّها تزيد من المداخيل للخزينة”.
واستنكر فرنسيس تدمير قطاع يساهم بـ 25% من مدخول خزينة الدولة ليس فقط من خلال تجارة السيارات بل في القطاعات المرتبطة بها كقطع الغيار والصيانة والزيوت وغيرها”.
وكشف أنّ 60% من معارض السيارات أقفلت أبوابها خلال الفترة الماضية وانتقلت للاستثمار في بلدان أخرى والـ 40% من المعارض التي لا تزال هنا منها 30% ستقفل بعد إقرار الدولار الجمركي ليبقى فقط 10% من معارض السيارات.
وبحسب فرنسيس، فإنّ عملية “تدمير” القطاع لا تقتصر على رفع الدولار الجمركي بل هي ترتبط كذلك الأكلاف التشغيلية كإيجارات المعارض التي باتت بـ”الفريش” وكلفة المازوت للمولدات ورواتب العمال الأجانب.
ويضيف أنّ “هناك أزمات أخرى كإقفال مصلحة تسجيل السيارات وحجز أموال أصحاب معارض السيارات في المصارف وخسارة ثلثيْن من قيمة أموالهم وجنى أعمارهم طيلة سنوات وعلى الرغم من ذلك صمدنا وضحينا واستمرينا لأجل الحفاظ على القطاع ومنع انهياره”.
ويذكر فرنسيس ان هناك اتفاقاً حصل بين لبنان والاتحاد الأوروبي في مؤتمر “باريس 2” أن يكون الرسم الجمركي على السيارات لا يتجاوز الـ 5% إلا أنّ الرئيس فؤاد السنيورة يوم كان وزيراً للمالية قام ببدعة وهي أن يتمّ قطع 5% من الرسم مقابل 45% يتمّ تحصيلها تحت اسم “استهلاك محلّي” وهو رسم الميكانيك الذي يدفع لمصلحة تسجيل السيارات وبالتالي ما حصل عملية تحايل على القانون جعلتنا ندفع 50% من سعر السيارات على الرسوم الجمركية.
ويشدد على أنّ أي رفع للدولار الجمركي على السيارات ستدفع ثمنه خزينة الدولة، لأنّه عندما بدأ الحديث عن رفع الدولار الجمركي في وقت سابق قام الكثير من التجار باستيراد سيارات على سعر الـ 1500 لبيعها بأسعار مرتفعة وبالتالي تكون الخزينة خسرت الكثير، وبالتالي لا مصلحة لأحد باستيراد سيارات جديدة على السعر الجديد للدولار الجمركي لتفادي دفع الرسوم الجمركية المرتفعة.
وفي هذا الصدد، يوضح فرنسيس أنّ قرار رفع الدولار الجمركي سيتسبب بوقت استيراد السيارات الفخمة والفارهة وسيصبح هذا القطاع ناشطاً في دول أخرى نظراً للامتيازات التي تقدّمها.
ويخلص فرنسيس إلى “أنّنا بعد سنوات سنكون أمام زوال السيارات الفخمة والفارهة في لبنان وسنتحوّل إلى دولة تشبه العراق وسوريا وكوبا، فالسيارة هي إحدى العناصر الأساسية لصورة البلاد أمام السياح الأجانب.