بعد غياب 30 سنة عودة لقاح الكوليرا
بعد غياب 30 سنة عودة لقاح الكوليرا…
كتب فؤاد بزي في “الأخبار”:
يعود لقاح الكوليرا إلى لبنان بعدما غاب عنه ما يقارب الـ30 سنة، منذ عام 1993. غير أن عمر هذا اللقاح يتجاوز الـ200 عام، ويدين العالم به إلى الطبيب الفرنسي الشهير لويس باستور (1822- 1895)، الذي أطلق تجاربه الخاصة بمكافحة هذه البكتيريا على الحيوانات قبل محاولة تطبيقها على البشر.
المناعة موقّتة
يعتمد العالم اليوم على عدد من اللقاحات الخاصة بالكوليرا لمكافحتها في مناطق الانتشار حصراً، من دون أن تتحول إلى الإلزامية وتدخل في “الدفاتر الصحية” بما أنّها لا تحصّن الشخص مدى الحياة، بل لسنتين على أبعد تقدير. كما أنّ انتشار البكتيريا قابل للسيطرة عليه في حال تمّ تحسين نوعية المياه والصرف الصحي. ويُذكر هنا أنّ بعض الدول تُلزِم مواطنيها الراغبين بالسفر إلى بعض نقاط انتشار البكتيريا بالحصول على اللقاح قبل ذلك.
وعليه، لن تتحقّق مناعة القطيع (المناعة الشاملة) بما يتعلق ببكتيريا الكوليرا، حتى لو تمّ توزيع اللقاح على الشعب بأكمله. هذه النقطة يجب أن تكون واضحة، إذ يتهاون البعض في الالتفات إلى مصادر الماء والطعام المستهلك بعد تلقي اللقاح، ما يؤدي إلى إعادة الإصابة بالكوليرا مجدداً. الدولة التي استطاعت أن تحقق المناعة الشاملة هي فيتنام، وذلك من خلال تلقّي مواطنيها بشكل منتظم للقاح الكوليرا، وقيامها على مدى أربع سنوات بتوزيع أكثر من 11 مليون جرعة، استطاعت من خلالها الوصول إلى صفر حالات في عام 2006، وهي تنتهج اليوم السّياسة نفسها مع مواطنيها وزائريها.
شكل اللقاح
تعتمد اللقاحات الخاصة بالكوليرا على جرعتين، تؤخذان عبر الفم حصراً، بعدما كانت سابقاً تعتمد تقنية الحقن. تحتوي الجرعتان على سائل، فيه البكتيريا المسبّبة للمرض، ولكن ميتة، بالإضافة إلى جرعة من السم الذي تفرزه هذه البكتيريا والتي تتسبب بعد ابتلاعها بردة فعل مناعية، إذ يقوم الجسم بتوليد الأجسام المضادة الخاصة بالتصدي للبكتيريا في حال حصول “أي لقاء آخر” معها، بعد استهلاك طعام أو ماء ملوّثين. ويوجد عالمياً ثلاثة أنواع من هذه اللقاحات، تقوم كلّها على المبادئ ذاتها، أما أسعارها فلا معيار واحداً لها، وتعتمد على البلد المصنّع وحالة انتشار الكوليرا فيه، في الهند مثلاً، حيث تشكل الكوليرا خطراً وتهديداً دائمين يقارب سعر الجرعتين الـ3.6 دولارات، أما في بريطانيا التي تؤمّن لمواطنيها والمقيمين فيها مياهاً نظيفةً، وصرفاً صحياً فعالاً، فيتجاوز سعر الجرعتين الـ56 دولاراً.
الشريحة المستهدفة
هذه اللقاحات آمنة للأشخاص من عمر السنتين وما فوق، وتُعطى عادةً خلال حملات التلقيح العامة لمقدّمي العناية الطبية والأطفال أولاً، فجسم الطفل لن يتحمل إسهالاً مائياً شديداً نظراً إلى صغر حجمه، ما يجعله عرضةً للوفاة بسرعة. كما أنّ كبار السّن، والذين يعانون من أمراض مستعصية وأمراض القلب والشرايين وضغط الدم يأتون مباشرة في الأولوية بعد الأطباء والأطفال، ومن بعدها بقية سكان المناطق الموبوءة، أو السّاخنة وصولاً إلى بقية المقيمين في البلاد