بلديات

اتفاق فرنسي-سعودي وما تبلغته قيادات لبنانية سيسمعه الراعي من ماكرون

رغم انقشاع الأجواء الإقليمية، إلا أن الضبابية لا تزال تخيم على المشهد الرئاسي اللبناني، ورغم الحراك الفرنسي تجاه القيادات السياسية ومع الدول المؤثرة في لبنان، وربطا بالموفدين الاقليميين والدوليين والغربيين الذين يدفعون من أجل إنهاء الفراغ الرئاسي في أسرع وقت وإنجاز الاستحقاقات الدستورية، الا ان الأمور لا تزال تراوح مكانها.الواقعية تفرض أن القوى المعنية تنتظر ما ستؤول إليه التطورات في المنطقة لا سيما على خط طهران- الرياض، وخط الرياض- دمشق، وخط باريس- الرياض، إذ من الخطأ الاعتقاد أن العلاقة الفرنسية – السعودية متوترة رغم بعض التباينات تجاه الملف السوري.لا شك أن التحولات الكبرى الاستراتيجية التي يشهدها العالم وتداعياتها على الشرق الأوسط تلقي بظلالها على الوضع اللبناني وملفاته المفتوحة وخاصة لدى تقاطعاتها بين الدول المعنية مباشرة أو مداورة بالملفات اللبنانية إقليميا و دوليا. واذا كان التفاهم السعودي – الإيراني شكل التمظهر الأهم في هذه التحولات فإن ذلك عائد إلى الوضع الوجودي و البنيوي في لبنان من جهة وربط اللبنانيين أنفسهم بمعظم ملفات المنطقة و العالم، كما أن الوضع المعقد والمتعدد والمتنوع والمتشابك يجعل للبنان حصة في كل ملف دولي في زمن هذه التحولات الدولية، يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس عيسى الأيوبي لـ”لبنان24″.من ضمن ملفات التحولات الأقرب إلى لبنان ملف العلاقات الفرنسية – السعودية وذلك لاعتبارات تاريخية و مصلحية لدى الدولتين المعنيتين بملفات لبنان السياسية و الاقتصادية. فهاتان الدولتان على اتفاق كامل حول الملف اللبناني، يقول الايوبي. فالسعودية اتخذت قرارا استراتيجيا و جيوسياسيا بتصفير مشاكلها الإقليمية والانخراط في العالم الجديد. وفرنسا من جهتها اتخذت قرارا استراتجيا أيضا بتصفير مشاكلها الشرق أوسطية واستعادة مواقعها الاقتصادية والسياسية التي خسرتها خلال العقدين الماضيين. وتبدو السعودية من خلال موقعها، المفتاح السياسي والاقتصادي وخاصة مع التوجهات الاستراتيجية الجديدة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وباريس تعلم جيدا أن توافقا سعوديا- فرنسيا يمكن أن يفتح أمامها بوابات إيران وسوريا والعراق والسودان مستقبلا وهي مقالع الاقتصاد الاقليمي وأن هذا التوافق قد يسهل أمامها مصالحات وتصفير مشكلات دولية أخرى. والسعودية تعلم أيضا الدور الفرنسي كمدخل لأوروبا ومعظم افريقيا، وعلى عكس ما يعتقد البعض.من هنا تعتبر الانتليجنسيا الفرنسية في الحلقة الضيقة لمركز القرار، أن اعادة الانتظام للحياة الدستورية اللبنانية يبدأ بانتخاب رئيس للبنان بتوافق فرنسي -سعودي لإخراج لبنان من عنق الزجاجة كمقدمة للبحث في إعادة النظر بالتركيبة البنيوية. وبحسب وجهة النظر الفرنسية، فإن رئيس تيار المرده سليمان فرنجية هو الشخصية الأقرب لسيرورة الحل البنيوي في لبنان والذي قد يقود إلى حلحلة اقتصادية.وعليه، يقول الايوبي: إن البطريرك الماروني بشارة الراعي لن يسمع اي موقف فرنسي جديد من الاستحقاق الرئاسي، إنما سيسمع ما تبلغته قيادات مارونية وغير مارونية من دعم فرنسي لفرنجية، لكن المفارقة اليوم أن البطريرك الراعي سيسمع هذا الكلام مباشرة من الرئيس ايمانويل ماكرون يوم غد الثلاثاء.وكانت السفيرة الفرنسية في بيروت ان غريو المقربة من ماكرون وفريقه قد أبلغت البطريرك الراعي بصلابة الموقف الفرنسي والاتفاق العميق بين بلادها والمملكة العربية السعودية حول المرشح الرئاسي في لبنان والموافقة السعودية على فرنجية. ويقول الأيوبي في هذا السياق، ما تقدم لا يخالف و لا يتعارض مع مواقف البطريرك الراعي من الأسماء، لكن الأخير طلب أن يلتقي الرئيس ماكرون لحفظ وعوده للاطراف المارونية الأخرى وحفاظا على علاقة البطريركية المارونية مع هذه القوى وأنه سيفعل الأمر نفسه مع الفاتيكان.وتؤكد مصادر القصر الجمهوري الفرنسي إن مستشاري الاليزيه قد ابلغوا من التقوا بهم من المسؤولين اللبنانيين هذا الموقف، مشيرة إلى أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لم يستطع اقناع الفرنسيين بالتخلي عن فرنجية. وهم تلمسوا ان هم باسيل الوحيد منع وصول فرنجية إلى الرئاسة بأي ثمن، وهو أمر لم يقنع الفرنسسين الذين أبدوا رأيهم بطبيعة التفكير السياسي لباسيل التي اتضحت أكثر في هذه المرحلة بحسب قولهم، مشيرين إلى أنها تشبه إلى حد كبير نمط التفكير السياسي لمؤسس التيار .وعلى الهامش، تقول المصادر الفرنسية: إن السعوديين قد أبلغوا الفرنسيين أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يؤكد اليوم عبر بعض مفاتيحه في السعودية على استمرار العلاقة بينه وبين المملكة بعد الانتخابات الرئاسية، تماما كما يحاول باسيل أن يفعل مع حزب الله وهذا الأمر أبلغه موفد قطري لمسؤول بارز في حزب الله.الأكيد أن لا توافق سعوديا- فرنسيا حول الملف السوري بعد، لكن المصادر الفرنسية تعتقد أن توافقا قريبا بين الطرفين قد يحصل بعد الانتهاء من إيجاد الحلول للملف اللبناني خاصة وان بنود الخلافات ليست مستحيلة أو عصية عن الحل، فهي تندرج، كما يقول الأيوبي، تحت مظلة المصالح المشتركة وبالحد الادنى تحت شعار التفاهم المتبادل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى