هل يجوز للحكومة إصدار مشروع الموازنة بمرسوم؟
خَلُصت لجنة المال والموازنة النيابية في جلستها المنعقدة في 18 من الجاري، وبإجماع المشاركين فيها، إلى أن “مشروع قانون موازنة العام 2023 أحيل في نهاية السنة المالية وخارج المُهل الدستورية ومن دون قطع حساب… ولا معنى له” أعلنها صراحةً رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان الذي قال “إذا كنا نريد إعطاء إجازة صرف للحكومة، فقد صرفت ما صرفته، وإذا كنا نمنحها إجازة للجباية، فقد جَبَت ما جبته. فهل يجوز الموافقة على بياض على ما قامت به من دون أن تكون لدينا حساباتها المالية أيضاً؟”.
الوقائع المعروضة تعكس بوضوح صعوبة، إن لم نقل استحالة، إقرار مشاريع الموازنة بقوانين في مجلس النواب، مقارنةً بسرعة عرضها وإحالتها إليه من مجلس الوزراء…
هذا الوضع أثار التساؤل حول ما إذا كان يحق للحكومة وتحديداً حكومة تصريف أعمال، أن تُقرّ مشروع قانون الموازنة العامة بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، من أجل كَسب الوقت في إقرار الموازنات العامة لتصويب الوضع المالي في البلاد؟!
الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك يوضح عبر “المركزية” ما ينصّ عليه الدستور في هذا الموضوع، ويقول: عملاً بأحكام الدستور، يقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة ويُرسله إلى مجلس النواب، والأخير يناقش مشروع الموازنة مبدئياً ويُقرّها بقانون.
ويؤكد في ضوء ذلك، أنه “لا يمكن للحكومة أن تُصدر “مرسوم بإعماد الموازنة”، علماً أن هذه النقطة منصوص عنها في الدستور إنما ضمن شروط محدّدة وضيّقة جداً، وبالتالي لا يمكن التوسّع في التفسير”.
وهنا يشرح مالك أن “المادة 86 من الدستور تنصّ صراحةً على أنه في حال لم يبتّ مجلس النواب نهائياً بمشروع الموازنة بعد انتهاء المهلة المحدّدة آخر الشهر وبعد أن يُصار إلى تمديد هذه المهلة حتى نهاية كانون الثاني، فيحقّ لمجلس الوزراء عندئذٍ أن يتّخذ قراراً يُصدر بناءً عليه، رئيس الجمهورية مرسوماً بجعل الموازنة العامة نافذة”.
“لكن ذلك أيضاً دونه شروط” يقول مالك، “إذ لا يجوز لمجلس الوزراء أن يستعمل هذا الحق إلا إذا كان مشروع الموازنة قد طُرح على المجلس قبل بداية عقد تشرين الأول من كل عام، بخمسة عشر يوماً على الأقل.
ويُضيف: بالتالي، كي يتمكّن مجلس الوزراء اليوم من إصدار الموازنة بقانون، يجب أن يكون قد راعى الشروط المنصوص عنها في المادة 86 من الدستور وعلى سبيل المثال لا الحصر، إن مشروع موازنة العام 2023 لا يراعي إطلاقاً تلك الشروط!
لكن في ظل الظروف السياسية القائمة هل يمكن صدور مرسوم من هذا النوع؟ يُجيب مالك “بالتأكيد غير ممكن ذلك. إذ أن غياب رئيس الجمهورية يمنع إصدار مرسوم في هذا الموضوع”.
وما يمكن فعله اليوم، يختم مالك، هو أن “تُحيل الحكومة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب لمناقشته وإصداره بقانون عن مجلس النواب”.
ما يظهر في المشهد المالي كما السياسي توازياً، أن التأخّر المتنامي في انتخاب رئيس للجمهورية يزيد الوضع العام تعقيداً والاقتصاد انهياراً والساحة الاجتماعية خطورةً… فماذا ينتظر القيّمون؟!