“لبنان الغربي” و”لبنان الشرقي”… بضاعة واحدة “فاسدة” و”طبق الأصل”!
أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”
لننظر الى الأحزاب اللبنانية كلّها، تلك التي توحي بأنها “غربية”، وتلك التي تُقنع الناس بأنها “شرقيّة”، وهي تضحك على اللبنانيين عموماً، وتتشارك كلّها المصلحة الواحدة، في “شبه دولة” واحدة، إسمها الدولة اللبنانية. وهذه الأحزاب كلّها تترك الشعب اللبناني بجوعه، ومرضه، وفقره المُتزايِد، وتُلهيه بـ “مسلسلاتها” السّجالية العقيمة.
“زمرة”
لنتخيّل أننا لسنا لبنانيين، وأننا ننظر الى الأوضاع اللبنانية من بعيد. ففي تلك الحالة، سنجد التالي، وهو “زمرة” من الأحزاب التي تؤكد أن القضاء اللبناني بات مُتهالكاً، وهذا صحيح. ولكن تلك الأحزاب نفسها لا تضغط (بصدق) لتصحيح الأحوال القضائية، فيما تستعمل هذا القضاء “المُتهالِك” نفسه، لملفاتها، بدءاً من القدح والذم، وصولاً الى ما هو أعلى وأخطر بكثير.
ولولا أن تلك الأحزاب كلّها فاسدة، لما كانت تقبل البحث عن العدالة، داخل “حالة قضائية” لبنانية “ظالمة” وفاسدة، باعتراف الكبير والصغير في البلد.
“مسخرة”
مثلٌ آخر أيضاً، وهو أن الأحزاب اللبنانية كلّها تسخر من دولة لا تفعل شيئاً لمعالجة المشاكل الاستشفائية والدوائية، فيما هي “تتسابق” الى إرسال من يمثّلها في احتفالات نخجل من ذكر أنها تحصل في لبنان.
فعلى سبيل المثال، لا شيء مُضحكاً ومُثيراً للسخرية، أكثر من المشاركة في حملة للتوعية ضدّ سرطان الثدي (وغيره من الأمراض خلال أوقات أخرى)، مع إضاءة هذا المبنى الرسمي أو ذاك، باللّون الزهري أو…، فيما آلاف اللبنانيين يموتون بسبب إخفاء أدوية، واحتكارها، وتزويرها، ورفع أسعارها، وضخّها في السوق بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها..
فلولا كانت كل الأحزاب اللبنانية “الغربية” و”الشرقية”، “سلعة واحدة” بأسماء مختلفة، ما كانت لتقبل المشاركة بهذا النوع من احتفالات “المسخرة”، على أي مستوى تمثيلي من جانبها.
“مُنتَج” واحد
أكد مصدر واسع الاطلاع أن “الأحزاب اللبنانية “مُنتَج” واحد، يستهلكه البلد والشعب الذي أصابه التخدير. ولا حلّ لذلك، غير ما يفعله معظم الناس”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “أكثرية الناس، لا سيّما غير الحزبية، تميل الى الرحيل من لبنان. فهؤلاء ليسوا مُتمسّكين بالمواطنة اللبنانية، خصوصاً أن لبنان ليس بلد حرية. فمن دون عدالة لا يمكن للحرية أن تكون موجودة، وهذه هي حالة لبنان حيث تغيب العدالة والحرية معاً”.
ودعا المصدر الناس الى “التأمُّل بحالة بعض الأحزاب اللبنانية في الماضي، وكيف أصبحت اليوم. فيما بعض تلك التي تعتقد أنها لا تزال قوية اليوم، ستكتشف ضعفها أكثر فأكثر، خلال العامَيْن القادمَيْن”.
سرقة…
نُكمل في السياق نفسه، لنتحدث عن أمر آخر أيضاً، وهو أن ممثّلي كل الأحزاب اللبنانية في السلطة (نواب، وزراء، وغيرهم…)، يتوافقون على ضرورة بناء دولة مُنتِجَة، ولكنهم يلتقون في الوقت نفسه على ضرورة استمرار الناس بدفع الضرائب، ولو من دون أي إنتاجية من جانب الدولة الحاليّة. وحجّتهم “الموحَّدَة” هي أنه لا يمكنهم أن يشجعوا الناس على خرق القانون بعَدَم دفع الضرائب، وذلك رغم مُناقضة أنفسهم بالتشديد على أنها دولة فاسدة وبحاجة الى إصلاح شديد، ودولة “تسرق” شعبها. فكيف تدعون الناس الى دفع “السرقة” الى “السارق”، أي الضريبة لدولة “تسرقها”، بدلاً من أن تنتج لتُعيد تصحيح نفسها سريعاً؟
تعفُّن
وأما الجواب الذي يمكن لأي لبناني أن يتلقّاه من جانب أي مسؤول حزبي، في أي حزب لبناني “غربي” أو “شرقي”، في ما يتعلّق بوجوب تحمُّل الدولة مسؤولياتها تجاه شعبها في أوان التضخّم العالمي، وعلى غرار كل دول العالم، عبر خطوات عدّة من بينها تقديمات اجتماعية، أو تخفيضات ضريبية، أو تخفيضات في أسعار بعض السّلع، أو تقليص بعض الأرباح، (جوابه يكون) أن هناك برنامجاً مموّلاً من الخارج للأُسَر الأكثر فقراً، وأن “ماشي الحال”، وأن الدولة مُفلِسَة، ولا يمكن فعل شيء في تلك الحالة، وذلك رغم علمهم جميعاً أن الدولة ليست مُفلِسَة، وأن الأزمة الاقتصادية والمالية اصطناعية في الأساس، وأن هناك آلاف علامات الاستفهام على برامج “الأكثر فقراً”، أصلاً.
قد تكون الحقيقة “جارحة”، ولكنّها مُريحة دائماً. فهذه هي الأحزاب اللبنانية كلّها، “غربية” و”شرقية”، فيما كل ما نسمعه من الأولى عن “حرية وسيادة واستقلال”، ومن الثانية عن “العزّ” و”الكرامة الوطنية”، ليس سوى بضاعة واحدة مصنوعة في مصنع واحد، وتُجدَّد تواريخها باستمرار بشكل مشترك، ومهما ضربها التعفُّن.