لبنان المنقسم واحتمال الحرب..!
ads
كما كان تدخّل «حزب الله» لحماية النظام الأسدي تحت راية منع «داعش» من التمدد إلى لبنان وسبي نسائه، واضح أنّ تدخّل «حزب الله»، إذا ما حصل، سيكون تبريره منع العدو الصهيوني من اقتحام الجنوب والتخلّص من المقاومة وتهجير الجنوبيين، لذا المطلوب ارهاقه بجبهة جديدة للحؤول دون استفراده بحركة «حماس» والقضاء عليها واقتحام قطاع غزة في هجوم بري، وتهجير الغزاويين إلى مصر.
هكذا هو التبرير، وفي طياته الكثير من المعطيات الصحيحة التي يمكن للمنطق الممانع أن يستخدمها ويُقنع بها نسبة لا يستهان بها من اللبنانيين، أو لنقل البيئة الحاضنة ومعها من يدور في فلك «الحزب»، لأنّ إسرائيل ليست «داعش» في وجدان فئة لا يستهان بها من اللبنانيين، مع كل الأسف… ولأنّ الفلسطينيين ليسوا محل ترحيب من هذه الفئة.
وفي حين لم يؤد تدخل «حزب الله» في سوريا إلى تدمير لبنان بالصواريخ والقذائف والقتل تحت وابل القصف، لتقتصر أضراره على الانهيار نحو جهنم في مختلف القطاعات الحيوية لحياة المواطن وإغراق البلد بالنازحين لينمو الفقر والقهر ومعه العنصرية، إلا أنّ الأمر مختلف بالنسبة إلى مسألة توحيد الساحات وفتح الجبهات.
بالتأكيد، إذا ما وقعت الحرب بين لبنان وإسرائيل، لن تكون العواقب وردود الفعل كتلك التي صدرت مع انخراط «الحزب» لمصلحة إيران في الحرب السورية، ولن تكون حتى شبيهة بما رافق حرب «تموز 2006» وتلاها، على الرغم من التباينات والخلافات التي اقترنت بتلك الحرب داخلياً وإقليمياً ودولياً.
من يقنع فريقاً من اللبنانيين أنّ فتح جبهة الجنوب ضرورية واستباقية لحماية لبنان واللبنانيين، يعرف أنّ جحيم لبنان سيكون هو أفظع من جهنم. فالهمجية الإسرائيلية وبمباركة دولية أرست خريطة طريقها بمعزل عن النتائج، وعن احتمال انقلاب ميزان القوى في المنطقة. لأنّ لبنان سيتدمر أياً كان المنتصر.
لكن، وأبعد من مفاعيل التطورات الميدانية التي تجعل كل التوقعات ممكنة، بحيث تتساوى فرص الحرب مع عدم اندلاعها على الجبهة الجنوبية، وأبعد من المطالبة بعدالة تحاسب إسرائيل على كل الجرائم التي ارتكبتها بحق الفلسطينيين والعرب من دول الطوق، يبقى أنّ المشكلة خطيرة في الداخل اللبناني وبين اللبنانيين بشأن انعدام التوافق على دور «حزب الله» العسكري في ما يتعلق بقرار الحرب والسلم. فلبنان مهدد بالانقسام حيال مساندة «الحزب» حركة «حماس» تحت عنوان «القضية الفلسطينية» ومبدأ «توحيد الساحات».
والأخطر أنّ لا رؤوس باردة وحكيمة تملك القدرة على المبادرة إلى المعالجة وتحريك المجتمع الدولي لما فيه المصلحة الوطنية العليا، كما كانت عليه الأوضاع مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تمكن من إبقاء الدولة كدولة في مكان قادر على التفاوض مع الدول الكبرى صاحبة القرار في مجلس الأمن، والتخاطب مع المجتمع العربي والتوصل إلى وقف إطلاق للنار وإلى القرار 1701 وإعادة إعمار لبنان.
اليوم، الرؤوس حامية، والانقسام عمودي إلى درجة الجهوزية للانتقال من نغمة اللامركزية الإدارية والمالية، إلى تبني الفيدرالية وحتى التقسيم. بالتالي، سيكون صعباً على «محور الممانعة» إخراس الأصوات المعارضة له ولمشروعه، وعلى «حزب الله» على الرغم من انخراطه الكامل في هذا المحور، ولن يكون ميسّراً ربما فرض الانصياع لفائض السلاح وفائض القوة والمغامرات، حتى المحسوبة منها، خدمة لإيران ونفوذها في المنطقة.
ولا شك أنّ «الحزب» أمام خيارين: إمّا إطلاق رصاص لا رحمة فيه على الصيغة اللبنانية المتماسكة على وهن وعلل تستعصي على المعالجة، وإمّا القبول بمشاركة اللبنانيين في البحث عن مشروع وطني يجمعهم تحت سيادة الدولة. وإلا العوض بسلامتكم..