منصوري ينوي توحيد ميزانيات المصارف على سعر 89 ألفاً و500 ليرة
بعد حديثه عن منصة “بلومبيرغ”، وحثّه المصارف على الاستعداد لها، أتى حديث الحاكم بالإنابة الدكتور وسيم منصوري أول من أمس في الاتحاد العمالي العام عن “الانتقال إلى السعر الفعلي للدولار” لنصل كما قال، “إلى أساس أموال المودعين لتصبح واضحة في ميزانيات المصارف”، ليعيد تصويب الأهداف ورسم السبل المؤدّية بغية تحقيق خرق جدّي في ملف الودائع وتحديد وتوحيد حجمها وتوزّعها وبيان مصيرها ومستقبلها.
معضلة المعضلات منذ نشوء الأزمة حتى الآن، كانت ولا تزال الأصول والودائع المصرفية التي ضاعت في مزاريب الدولة وتسويات مصرف لبنان. من هنا دأب الجميع في التركيز على مصيرها وفي كيفية إعادة تكوينها مجدداً، وإعادتها كلياً أو جزئياً، إلى أصحابها مقسّطة على آجال قريبة أو بعيدة.
أحد أهم المسارات الملزمة للولوج إلى الحل الشامل، هو توحيد أسعار الصرف وإلغاء الاستثناءات والتمايزات التي انتفت الحاجة إليها حالياً بعدما خدمت “عسكريتها” التي أقرّت من أجلها سابقاً.
“الانتقال” الذي أعلن عنه الحاكم بالإنابة، هو إلى جانب كونه إعادة تطبيق القواعد العلمية الصحيحة في إدارة الاقتصادات ذات الطبيعة الليبرالية، هو أيضاً برأي مصادر متابعة “إعادة أكثر من ضرورية لتوضيح وتحديد حقيقة الأحجام والقيمة السوقية الحقيقية للمصارف، وموجوداتها الفعلية من ودائع وأموال خاصة، وكذلك الأسهم وسندات اليوربوندز المملوكة من الجمهور والمصارف. عدا عن أن التجرؤ والإقدام على هذه الخطوة، يرسيان قاعدتي الشفافية والصدقية حتماً اللتين يحتاج إليهما القطاع المصرفي ومصرف لبنان على حد سواء لبناء قراراتهما التي ستحدد مصير المصارف والودائع مستقبلاً”.
في السياق، قد لا يستسيغ بعض المصارف هذا التوجّه لمصرف لبنان، لما سيرتّبه من زيادة في الأعباء على ميزانياته، خصوصاً أن المصارف “أكلت ضرباً كبيراً” بعد الانتقال إلى سعر صرف 15000 ليرة، حين تحققت في ميزانياتها خسائر كبرى.
من هنا ربما يتسلل الخوف إلى إدارات المصارف من تكرار المشهد عينه، لكن الانتقال السابق ضاعف سعر الصرف عشرة أضعاف دفعة واحدة، في ظل تضعضع وتفلّت هستيري في السوق، بينما الانتقال العتيد حالياً يصل إلى ستة أضعاف فقط، في ظل سعر صرف فعلي مستقر ومقدور عليه تثبيتاً ولجماً، لما لدى مصرف لبنان من إمكانيات حالياً، وزيادة ملحوظة في الاحتياط الدولاري.
لكن ما لا بد منه مستقبلاً، لمَ تأجيله؟ وتسأل المصادر “لمَ لا يقدم أهل المصارف والمال والأعمال عليه، إلى ملاقاة مصرف لبنان في منتصف الطريق، وشبك التعاون معه للخروج بأقل خسائر ممكنة، لإعادة بناء الثقة المفقودة بالقطاع المصرفي، ورسم خريطة طريق إنقاذية مشتركة تعيد رسم صورة أكثر وضوحاً لملاءة المصارف وموجوداتها وأصولها وقيمتها السوقية”.
ولكن ماذا يعني فعلياً حديث الحاكم عن أن “مالية الدولة انتظمت، ومالية المصارف أيضاً وسننتقل إلى السعر الفعلي، لنصل إلى أساس أموال المودعين لتصبح واضحة في ميزانيات المصارف”. تشرح مصادر حاكم مصرف لبنان بالإنابة أن “ميزانيات المصارف لا تزال على سعر صرف 15 ألف ليرة، إن كان حيال الودائع وحساباتها في مصرف لبنان، أما عقاراتها فبعضها مقوّم على سعر 15 ألف ليرة، وبعضها الآخر على سعر 38 ألفاً، وأخرى على 90 ألف ليرة، فيما حسابات الفريش دولار مقوّمة على سعر 90 ألف ليرة، وتالياً لم يعد مقبولاً الاستمرار على هذا الوضع”.
فبغية تنظيم العمل وإيجاد الحلول للقطاع المصرفي ككل، تؤكد المصادر أنه “يجب أن تكون ميزانية المصارف موحّدة على سعر دولار ثابت، بحيث يمكن احتساب الودائع بقيمتها الحقيقية على سعر محدد”. وأكدت المصادر أن “كل ميزانيات المصارف ستصبح على سعر 89 ألفاً و500 ليرة، بما يعني أننا التزمنا بالمعايير الدولية حيال حسابات المصارف، ويصبح واضحاً للجميع وضعية كل مصرف وحجم ودائعه ومدى قدرته على رد الودائع في سياق خطة التعافي، حتى إنه يصبح من السهولة معالجة موضوع الودائع، عبر قوانين تتعلّق بسعر الصرف المطلوب لرد الودائع أو “هيركات”، كما يصبح من السهولة معرفة أي مصرف يمكنه البقاء أو الخروج من السوق اللبنانية”.
ولكن ماذا لو ارتفع سعر الصرف، ألا نعود إلى المربّع الأول؟ المصادر أوضحت أن “سعر الصرف مستقر منذ نحو 5 أشهر، فيما الكتلة النقدية تُقدّر بـ55 تريليون ليرة، أي نحو 600 مليون دولار. وثمة زيادة بالموجودات الأجنبية 750 مليون دولار، بما يعني أنه يمكن لمصرف لبنان أن يتدخّل لضبط سعر الصرف. بيد أنه بغض النظر عمّا إن كان سعر الصرف مستقراً أم لا، يجب أن تكون ميزانية المصارف موحَّدة”.