الفيروسات تجتاح لبنان هذه الأيام، الإنفلونزا H1N1، الكورونا المتحوّر الجديد GN1 والتنفّس المخلوي RSV.
تختلف في بعض عوارضها ولكنها تلتقي بسرعة انتشارها، ولا تستدعي إجراءات صحية استثنائية أو إقفال البلد لأن تقييمها الطبي أنها عادية في موسم الشتاء.رغم التطمينات، أرخت هذه الفيروسات بظلال من القلق لدى الكثير من اللبنانيين، إذ يخشون أعباء علاجها المادية، في ظلّ استمرار الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، وخاصة إذا ما استدعى الأمر الدخول إلى المستشفيات التي باتت تسعيرة غالبيتها بالدولار الأميركي، والأهم أنها تعيد إلى ذاكرتهم مأساة «الكورونا» ونتائجها الكارثية.الأزمة الصحيّة تحضر في معظم منازل اللبنانيين، تكاد لا تدخل بيتاً إلا وفيه مصاب بـ»الإنفلونزا» أو «الكورونا» المتحوّر، وقد زاد من أعداد المصابين، إضافة إلى سرعة انتشار الفيروسات، الاختلاط الذي حصل قبل ثلاثة أسابيع في المناسبات وعيدي الميلاد ورأس السنة داخل التجمّعات المغلقة على أنواعها.ويؤكد الاختصاصي في الأمراض الجرثوميّة رئيس الهيئة الوطنية للقاح كورونا، النائب عبد الرحمن البزري لـ»نداء الوطن» أنّ «إنفلونزا H1N1 تجتاح لبنان هذه الأيام وقد تقدّمت على H3N2 الموسمية وهي سريعة الانتشار وتؤدي إلى التهاب في الرئتين ثم ميكروبي ثم فطريات ويتطلّب شفاؤها وقتاً. ثم يأتي فيروس كورونا المتحوّر GN1 وهو وفق الدراسات الأميركية يصيب 60% من العالم وسريع الانتشار كذلك، ولكنه لا يؤدي إلى إعياء شديد، بل معتدل ويختلف وفق الفئات العمرية وقد يؤثر على المسنّين والذين يعانون من نقص المناعة».وأشار إلى «أن الفيروس الثالث، هو التنفسي المخلوي RSV وهو عادة يصيب الصغار وأشبه بالرشح العادي، ولكنه قد يؤثر أيضاً على الذين يعانون من نقص المناعة»، داعياً إلى مراجعة الأطباء المختصين وعدم تناول Antibiotic بشكل عشوائي، مؤكداً أنّ «لا داعي لأي تدابير احترازية أو لإقفال البلد».ويؤكد الأطباء أنّ «الموجة هذا العام كبيرة جداً، والسبب يعود إلى أن أعداد المصابين بالإنفلونزا خلال السنوات الماضية قد انخفض بشكل لافت، نتيجة الإجراءات الاحترازية من جهة، وعدم الاختلاط والتباعد من جهة أخرى، ولكن هذه الأيام عادت الأمور إلى طبيعتها رغم أنّ كثيرين قد اكتسبوا مناعة سواء بالإصابة بالكورونا أو من اللقاح الخاص به».في الوجه الآخر لموجة الإنفلونزا بأنواعها، ولتوفير المال مقابل ارتفاع قيمة معاينة الطبيب المختص أو ثمن الأدوية، فإنّ الكثير من المصابين يعمدون إلى مداواة أنفسهم بأنفسهم، إما عن تجربة سابقة، أو من خلال أحد أفراد العائلة، ويعتمدون على الشراب الساخن والحامض أو «الفيتامين سي» وإذا لزم الأمر يتوجّهون إلى الصيدلي وفي الحالات الصعبة إلى الأطباء أو المستشفيات.داخل إحدى الصيدليات في صيدا، يبتسم الحاج أبو محمد الجعفيل وهو يشتري دواءه الشهري، يقول لـ»نداء الوطن»: «لقد بادرت إلى أخذ طعم «الإنفلونزا» منذ شهرين ونيف، صحيح أنني دفعت 12 دولاراً ثمنه، ولكنني أرحت رأسي من المرض، وأحرص على عدم الاختلاط كثيراً لأنني مريض منذ عقدين من الزمن بالقلب والضغط والسكّري».ويقول أحمد جرادي لـ «نداء الوطن»: «لم أبالِ كثيراً بالإنفلونزا التي أصبت بها، في قرارة نفسي كنت مطمئناً باعتبارها موسمية وعادية في موسم الشتاء، ولكن عندما اشتدّت عليّ وارتفعت حرارتي، اضطررت للذهاب إلى الطبيب ودفعت كشفية غالية وثمن تناول الأدوية اللازمة»، مؤكداً «لا يوجد عائلة لم يصب أحد أفرادها بالإنفلونزا أو الكورونا».