نصرالله يحسُمها.. ماذا يريد “حزب الله” أمنياً؟
فرضية انسحاب “حزب الله” إلى مسافة 5 كيلومترات بعيداً عن الحدود بين لبنان وإسرائيل هي أمرٌ ما زال مطروحاً في إطارٍ جدلي لا يمكن بتاتاً التكهن بنتيجته، فالحزب لم يقبل بأي ترتيب حالياً لوضع الجنوب قبل انتهاء حرب غزة، في حين أنَّ المسألة الأكثر تعقيداً ترتبطُ بمضمون التسوية التي قد تضغط الأطراف الدولية قاطبة لتنفيذها وبالتالي الوصول إلى نقاط حلول جديدة قد يقبل بها “حزب الله”. في الواقع، فإن مسألة الإنسحاب العسكري تم نفيها مباشرة من أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله وتحديداً خلال خطابهِ يوم العاشر من مُحرّم قبل نحو أسبوع. حينها، أعلن نصرالله صراحة أنَّ الحزب سيُعيد إعمار جنوب لبنان وتحديداً القرى الأمامية المحاذية للحدود.الرسالة هنا، بحسب مصادر معنية بالشأن العسكري، تؤكد أنّ الحزب لن ينسحب من تلك المناطق، فوجوده سيبقى قائماً هناك تبعاً لما يراه مناسباً ميدانياً، بغض النظر عن الضغط الإسرائيلي المتزايد في هذا الإطار.المصادر عينها تعتبر أن الكلام الأميركي والإسرائيلي عن مسألة الإنسحاب يأتي في إطار مُلتبس جداً، وتضيف: “إذا سلّمنا جدلاً أن الحزب وافق على الانسحاب.. فإلى أي مدى هذا الأمر واقعي؟ إن انسحب الحزب عسكرياً إلى ما وراء الخطوط الأمامية، سيبقى له وجود هناك وإن لم يكن عسكرياً.. إذاً، الطرح غير منطقي وبالتالي لا يمكن تحقيقه بتاتاً باعتبار أنّ غالبية سكان المنطقة الحدودية سيمثلون الحزب تلقائياً في المناطق المحسوبة عليه، وبالتالي فإنّ مسألة انعدام وجوده هناك غير واردة لا في المنطق ولا أيضاً على صعيد الواقع”.سيناريوهات لترتيبات أمنية؟بالنسبة للمصادر المعنية بالشأن العسكري، فإن الحديث عن سيناريوهات لترتيبات أمنية في جنوب لبنان “ليس وارداً” إلى الآن، باعتبار أنَّ المعركة لم تنتهِ، في حين أن “حزب الله” فرض معادلات جديدة لا يمكن التنازل عنها، وبالتالي سيكون الضغط من قبله نحو تثبيت تلك المعادلات عسكرياً وميدانياً هو الأمر الأبرز خلال المرحلة المقبلة.إلى ذلك، تقول المصادر إنّ إحدى الطروحات الأساسية التي يمكن أن تكون قابلة للنقاش بشأن وضع جنوب لبنان، هو أن يكون التفاوض قائماً على انسحاب إسرائيل من النقاط الـ13 المتنازع عليها مع لبنان على صعيد الحدود البرية مقابل ورود “إمكانية” انسحاب قوات “حزب الله” الأساسية من المناطق الحدودية من دون تفكيك القواعد العسكرية.السنياريو المطروح، بحسب المصادر، غير مستبعد، فيما من الممكن أن يلتزم “حزب الله” بعدم بناء أي نقاط مراقبة جديدة عند الحدود مثلما كان يجري سابقاً، لكن في المقابل، قد يطالب وضمن أي ترتيب أمني جديد بعدم وضع أجهزة مراقبة إسرائيلية عند الحدود مع لبنان.وعملياً، إن حصلت هذه الأمور، فإنها لا تعني الإنسحاب التام، فالحزب سيبقى عبر أبناء المناطق الحدودية، كما أن عناصره هم من هذه المناطق، وبالتالي سيتحقق كلام نصرالله بإعادة الإعمار وبالتالي تثبيت الأهالي والمنتمين إليه مجدداً، ولكن من دون مواقع ظاهرة وعلنية.هنا، ترى المصادر أن هذه الأمور يمكن أن تتحقق ضمن تسوية، علماً أنها الآن تبقي في إطار “الطروحات”، وتضيف: “مع ذلك، لا يمكن الجزمُ بتاتاً بأي ترتيبات الآن طالما أن البحث بشأنها غير وارد حالياً ريثما تنتهي حرب غزة على أُسس تفاوضية وفي ظل المساعي الدولية المُستمرة حتى الآن”